في ظل انقسام كبير في الشارع الجزائري بين مؤيدين ورافضين للانتخابات الرئاسية أصبح الرئيس الثامن للجزائر منذ الاستقلال عام 1962.
فوزه يثير المخاوف من عودة نظام عبدالعزيز بوتفليقة، فهو كان يعد أحد أبرز رجالات الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة.
ودخل المشهد السياسي الجزائري من بوابة قطاع الإسكان، أهم قطاع بالنسبة للجزائريين الذي أداره لأكثر من سبع سنوات في حكومات مختلفة.
اقرأ أيضا: عبد المجيد تبون.. تعرف على هوية رئيس الجزائر الجديد
وحين عينه بوتفليقة في منصب رئيس الوزراء (وزيرا أول)، عام 2017، شكل تعيينه مفاجأة كبرى، فقد رأت وسائل الإعلام الجزائرية وقتها في تعيينه مراوغة سياسية من بوتفليقة.
عبد المجيد تبون، المولود عام 1945، بولاية النعامة جنوب غريي الجزائر، خريج المدرسة الوطنية للإدارة في الاقتصاد والمالية عام 1965، كان وزيرا منتدبا بالجماعات المحلية بين عامي 1991 و1992، وهي الفترة التي عرفت فيها الجزائر الانقلاب على "الجبهة الإسلامية للإنقاذ"، والدخول في العشرية السوداء.
ووزيرا للاتصال والثقافة عام 1999، ثم وزيرا للسكن والعمران ما بين عامي2001 و2002، وعاد ليتولى مجددا المنصب ذاته عام 2012، التي توسعت في عام 2013 لتشمل المدينة. كما تقلد مهام وزير التجارة بالنيابة إثر مرض الوزير الراحل بختي بلعايب.
بوتفيلقة برر تعيين تبون رئيسا للحكومة بأنه جاء بعد استشارة الأغلبية البرلمانية، عقب إعلان المجلس الدستوري للنتائج النهائية للانتخابات البرلمانية، وينص الدستور الجزائري على أن يستشير الرئيس الأغلبية البرلمانية، ممثلة في حالة الانتخابات الأخيرة بحزبي "جبهة التحرير الوطني" و"التجمع الوطني الديمقراطي".
اقرأ أيضا: انقسام مستمر.. مظاهرات رافضة لتبون بالجزائر وأنصاره يحتفلون
ومنذ إعلان النتائج، توالت تصريحات لقادة الحركة وأحزاب أخرى معارضة تتحدث عن "وقوع تزوير وتلاعب بالنتائج" لصالح الحزب الحاكم في الوقت الذي نفت فيه الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات والمجلس الدستوري حدوث تجاوزات أثرت على النتائج.
ويعد تبون من أبرز الوزراء الذين برزوا في حكومة سلال، خاصة بعدما تبنى بصفته وزيرا بالنيابة للتجارة، سلسلة قرارات مثيرة تخص وقف استيراد كثير من المواد والسلع والحد من عمليات التوريد العشوائي، وحماية الإنتاج المحلي خاصة المنتجات الزراعية والفلاحية، وتحديد حصص لتوريد بعض السلع الأخرى.
وقبل عام 2005، وجهت شبهات إلى تبون بالتورط في فضيحة قضية "بنك الخليفة" الخاص، عندما كان يشغل منصب وزير للإسكان. وذكرت تقارير أنه هو من أعطى تعليمات إلى مدير ديوان التسيير العقاري بنقل إيداع أموال الصندوق من بنك حكومي إلى "بنك الخليفة" الخاص، الذي كان مملوكا لرجل الأعمال عبد المؤمن خليفة، المحكوم عليه بالسجن، لكن المحكمة التي نظرت في القضية عام 2007، لم توجه إليه اتهامات حينها، واستدعته للمثول أمامها كشاهد.
ونفى تبون ما وجه إليه أو أن يكون أصدر أي تعليمات مكتوبة في هذا السياق لأي هيئة تابعة لوزارته بذلك.
ولم تر المعارضة وقتها في تعيين تبون أي تغيير حقيقي، أو بوصفه نوعا من تداول السلطة، ووفقا للقيادي في "حركة مجتمع السلم"، ناصر الدين حمدادوش، فإن "تعيين تبون يثبت تعدد مصادر صناعة القرار والتشكيك في مدى دستورية ورسمية تلك المشاورات، إضافة إلى أن هذا التعيين قد لا يعني شيئا ولن يقدّم أي إضافةٍ حقيقية للبلاد، من منطق تدوير السلطة لا التداول عليها، وهو سيد التعيينات، بنفس الذهنية والآلية والأساليب والأشخاص".
تبون لم يستمر طويلا في موقعه كرئيس للوزراء، فبعد مرور أقل من ثلاثة أشهر عزله من منصبه وكلف أحمد أويحيى برئاسة الحكومة.
ونقلت الأنباء حينها عن مصدر حكومي رسمي قوله: "إن رؤية رئيس الوزراء لم تكن متوافقة مع رؤية الرئيس" ووجود مشاكل في التواصل بين الرجلين، ليخلفه أحمد أويحي.
تبون كان من صفوف حزب جبهة التحرير الوطني، لكنه خاض الانتخابات الرئاسية كمرشح مستقل، ورغم ذلك، فهو وفقا للشارع الجزائري، جزء من النخبة الحاكمة، وسيكون أمام مهمة شائكة جدا في ظل أزمة سياسية معقدة، ومسيرات شعبية مستمرة كل أيام الجمعة والثلاثاء، تطالب بالتغيير الجذري للنظام.
خاصة وأن المحتجين يتهمون المرشحين الخمسة، عبد العزيز بلعيد وعلي بن فليس وعبد القادر بن قرينة وعز الدين ميهوبي وعبد المجيد تبون بأنهم أبناء النظام ويدعمونه بترشحهم، يعتبرونها مناورة من قبل النظام للبقاء في السلطة.
تبون حاول النأي بنفسه عن دائرة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، بالرغم من أنه كان من بين وزرائه البارزين لسنوات عديدة. فقد أعلن في مؤتمر صحفي بعد إعلان ترشحه: "تعرضت للعقاب حتى أنهم نزعوا صوري من قصر الحكومة"، حيث توجد صور كل رؤساء الحكومة منذ استقلال البلاد في 1962. وكان تبون حينها يرد على سؤال حول اعتباره من رموز نظام بوتفليقة.