نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لمراسلتها في الشرق الأوسط بيثان ماكيرنان، حول قلق السوريين من محاولة شركات سياحة الترويج "للسياحة المظلمة" في سوريا التي تدخل فيها الحرب عامها التاسع.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الحرب لم تنته بعد، إلا أنها لم تمنع موجات من السياح الغربيين عن زيارة البلد.
وتقول ماكيرنان إنه مع محاولات رئيس النظام السوري بشار الأسد تقوية سيطرته على ما تبقى من مناطق المعارضة في شمال غرب البلاد، فإن حفنة من شركات السياحة والمدونين الذين يحاولون جذب زبائن يتحدثون باللغة الإنجليزية، تقوم بتنظيم رحلات خاصة إلى البلد؛ من أجل "الاختلاط بالسكان والمرور إلى جانب القرى المدمرة في الوقت ذاته" و"زيارة الأماكن الأثرية المغطاة بالدمار"، و"التمتع بالحياة الليلية التي عادت إلى العاصمة دمشق".
وتلفت الصحيفة إلى أنه قتل في الحرب حوالي نصف مليون شخص، فيما تم تشريد نصف سكان البلاد البالغ عددهم 22 مليون نسمة، مشيرة إلى أن الأسد استطاع وبشكل تدريجي السيطرة على البلاد، ما عزز الرأي لدى بعض الدوائر بأن البلاد أصبحت مفتوحة للتجارة، بما في ذلك صناعة السياحة المربحة.
ويفيد التقرير بأن معظم الحكومات في العالم لا تنصح السفر إلى سوريا؛ وذلك خوفا على حياة مواطنيها، فيما يدعو السوريون الذين دفعوا حياتهم ثمنا للحرب الغربيين لعدم تطبيع العلاقة مع النظام.
وتستدرك الكاتبة بأنه رغم السيارات المفخخة التي تنفجر بين الفينة والأخرى في دمشق، والغارات الإسرائيلية، والشرطة السرية التي تعتقل المعارضين للنظام وتخفيهم في أقبية السجون أو تقتلهم، فإن دمشق تعد آمنة نسبيا، فيما يتزايد الاهتمام بالرحلات إليها بعد انقطاع طويل.
وتقول الصحيفة إن السياحة المرتبطة بالموت والمأساة عادة ما تعرف بالسياحة المظلمة، مستدركة بأن السفر إلى بلدان تعيش الحرب هي ظاهرة جديدة تغذيها وسائل التواصل الاجتماعي والمؤثرون عليها من المدونين الباحثين عن طرق لاختراق المحظور أو السفر إلى 195 دولة في العالم.
وبحسب التقرير، فإن الرحلة المرتبة لأسبوع عادة ما تبدأ من الحارة القديمة في دمشق، ثم إلى قلعة الحصن، التي تعود إلى القرن الحادي عشر قرب حمص، ومن ثم الآثار الرومانية في تدمر، التي لا تزال تعيش فيها خلايا نائمة لتنظيم الدولة، الذي سيطر عليها وأخرج منها عام 2017.
وتنوه ماكيرنان إلى أن هناك شركة في الصين، تدعى "يانغ بايونير تورز/ رحلات شبابية رائدة"، تأخذ السياح إلى حلب، التي استعادت قوات النظام الجزء الشرقي منها عام 2016 بعد معركة، فيما لا يزال معظم المدينة أنقاضا، مشيرة إلى أن كلفة الرحلة تبلغ 1695 دولارا دون تذاكر الطائرات أو رسوم التأشيرات والتأمين، ويرافق السياح حراس من الحكومة، و"طلب من الشركة التعليق لكنها لم ترد".
وتذكر الصحيفة أن شركتين روسيتين رتبتا في هذا الشهر رحلات إلى سوريا، لافتة إلى أن المدون الإيرلندي جوني وورد التقى مع مجموعة من السياح في بيروت وأخذهم عبر الحدود اللبنانية في رحلة امتدت خمسة أيام الأسبوع الماضي، وضمت زيارة إلى دمشق وقلعة الحصن.
وينقل التقرير عن وورد، قوله: "لو سافرت فقط إلى دول لديها سياسة محلية وخارجية واضحة فأين ستذهب؟ هل ينتقد الناس الرحلات إلى لاس فيغاس وبكين والقطار العابر لسيبيريا؟ أنا أؤمن بالسياحة التي تعم بالفائدة على الناس، وأرسل الدولارات لمن يحتاجونها"، وأضاف: "بطريقتنا الصغيرة، فإن هذه خطوة للعودة إلى الحياة الطبيعية في دمشق وخارجها، وأن تزور بلدا لا تدعم زعيمها".
وتستدرك الكاتبة بأن محاولات إحياء صناعة السياحة السورية واجهت نقدا شديدا من السوريين، مشيرة إلى أن بكر العبيد، الذي كان يدير شركة سياحة صغيرة في دمشق قبل الحرب عام 2011، وترك حلب عندما سقطت في يد النظام قبل ثلاثة أعوام، ويعيش الآن في إدلب التي تتعرض لقصف يومي من الطيران الروسي السوري، قال: "ما تريد شركات السياحة تحقيقه الآن هو شيء واحد: التطبيع مع النظام. ويفعلون هذا ليظهروا للعالم أن سوريا بلد آمن وأن الحرب قد انتهت".
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى قول العبيد إن "هذه الرحلات هي مجرد تبييض للنظام ولجعل العالم ينسى الجرائم التي ارتكبت ضد السوريين، وهذا مثير للقلق ومؤلم بأن ترى السياح قد عادوا إلى بلدك من الخارج، في الوقت الذي صادر فيه النظام بيتك ولا تستطيع العودة إليه".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
التايمز: شركات روسية تنظم رحلات لسوريا وتعد بتجربة مختلفة
لماذا أصبحت المناطق الساحلية في سوريا جبهات جديدة؟
نيويورك تايمز: النفوذ الروسي عاد إلى الساحة الدولية وسيبقى