نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية تقريرا تحدثت فيه عن النجاحات التي حققتها نساء منتميات للجالية الإسلامية في الانتخابات المحلية في الولايات المتحدة، وخاصة الانتصار الذي حققته الشابة الصومالية صفية خالد التي واجهت حملة عنصرية ضخمة استهدفتها على خلفية أصولها وديانتها.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن صفية خالد كانت قبل أسبوع واحد من الانتخابات تشعر بالإحباط والدموع تملأ عينيها، فقد قضت ستة أشهر في طرق أبواب سكان مدينة لويستون في ولاية ماين، وهي المدينة التي جاءت إليها كلاجئة قبل عشر سنوات، وباتت تأمل في أن تصبح فيها أول مهاجرة صومالية تحصل على مقعد في المجلس البلدي.
وذكرت الصحيفة أن صفية فوجئت بحملة التشويه والإساءات عبر الإنترنت التي استهدفتها من أماكن من مختلف أنحاء البلاد، التي يعتبر بعضها أن المسلمين لا مكان لهم في أروقة الحكم الأمريكية، ويجب عليهم أن يعودوا من حيث أتوا.
وأشارت الصحيفة إلى أن صفية خالد المنتمية إلى الحزب الديمقراطي، شعرت بالقلق عندما أقدم شخص على نشر عنوانها الشخصي على شبكات التواصل الاجتماعي، كما أن خوفها من التعرض لاعتداء بدافع الكراهية أدى لتشتيت تركيزها، وعلى خلفية ذلك، قررت صفية خالد حذف حسابها من موقع فيسبوك، وكلفت أصدقاءها بمراقبة التعليقات التي تدعو للحذر، وقررت العودة إلى شوارع المدينة لتوزيع المطويات ومخاطبة الناس.
وأوردت الصحيفة أن صفية حققت في مساء يوم الثلاثاء انتصارا في انتخابات المجلس البلدي في مدينة لويستون، بفارق محترم أمام منافسها، وهو ما اعتبرته في خطاب لها أمام أنصارها "دليلا على أن العمل الميداني المنظم يتغلب على مضايقات الإنترنت".
اقرأ أيضا: MEE: كيف أصبحت إلهان عمر رمزا لنضال المسلمين السود بأمريكا؟
وأشارت الصحيفة إلى أن صفية خالد البالغة من العمر 23 عاما فقط، ربما تكون أصغر عضو في مجلس المدينة، كما أنها أول مهاجرة صومالية، وقد تزامن فوزها مع عديد الأحداث التاريخية الأخرى في الانتخابات المحلية التي شهدتها الولايات المتحدة.
في ولاية فرجينيا أيضا، تم لأول مرة انتخاب نساء مسلمات في مجلس شيوخ الولاية، وفي مجلس إدارة مدارس فيرفاكس كاونتي. كما أن نادية محمد، البالغة من العمر 23 عاما، أصبحت أول امرأة مسلمة تنتخب في مجلس بلدية مدينة سانت لويس بارك من ولاية مينيسوتا، وأصبحت تشول ماجوك، التي فرت من العنف من جنوب السودان، أول لاجئة تنتخب لمنصب عام في مدينة سيراكيوز من ولاية نيويورك.
واعتبرت الصحيفة أن هذه التجربة التي خاضتها صفية خالد تؤكد أن الترشح لمنصب عام في الولايات المتحدة، يكون أكثر تعقيدا عندما تنتمي المرشحة إلى إحدى الأقليات. فعلى الرغم من أن مدينة لويستون يعيش فيها 36 ألف شخصا فقط، إلا أن هذه الحملة جلبت اهتماما غير مرغوب فيه على الصعيد الوطني.
وتناقل الآلاف من مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي صورة لصفية أثناء دراستها الجامعية، وتم شن حملة تخويف ضد ترشحها تزامنت مع تشويه النائبتين المسلمتين إلهان عمر ورشيدة طليب.
وأوضحت الصحيفة أن هذه الهجمات وحملات التشويه التي تعرضت لها صفية خالد، خاصة من قبل مواقع تابعة للقوميين البيض، ركزت على كل صفات هذه المرشحة، باعتبار أنها كانت من ذوي البشرة السمراء، ومسلمة، ومن فئة النساء، ولاجئة.
وذكرت الصحيفة أن صفية قررت الترشح لعضوية بلدية مدينة لويستون لأنها سئمت من الاستماع للخطاب المعادي للمهاجرين، خاصة من قبل الرئيس دونالد ترامب، وبول لوباج الحاكم السابق لولاية ماين، الذي كان يدعي أن طالبي اللجوء جلبوا معهم الأمراض.
اقرأ أيضا: طليب لـ"الغارديان": ترامب يستهدفني وزميلاتي لأنه خائف منا
وأفادت الصحيفة بأن صفية بعد نهاية دوامها في كل يوم، كانت تجوب شوارع المدينة لساعات، وتطرق أبواب المنازل وتحدّث الناس عن برنامجها الانتخابي، الذي كان يركز على المشاغل التي تهم السكان، مثل بناء مساكن بأسعار مقبولة، ومعالجة مشكلة التلوث بالرصاص، وطرح رؤية جديدة لإدارة المدينة.
وأضافت الصحيفة أن المقترحات التي تقدمت بها صفية، اعتبرها البعض هجوما على كبار السن وعلى السكان البيض الأثرياء، إلا أنها أكدت أن هذه الاتهامات لا أساس لها، معتبرة أن الإدارة المحلية لأي مدينة يجب أن تعكس التنوع بين سكانها.
وأشارت الصحيفة إلى أن المنعرج الأخير من هذا السباق الانتخابي، شهد اعتماد منافس صفية خالد على أساليب ملتوية، حيث تم نشر مقطع فيديو على يوتيوب يتهم أنصارها بممارسة العنف تجاه منافسها. كما قام بعض مستخدمي فيسبوك بكتابة تعاليق مسيئة لها، وسخروا من ارتدائها للحجاب، وطالبوا سكان مدينة لويستون بإعادتها إلى الصومال.
وقد انتشرت شائعات أخرى تجاوز مداها مدينة لويستون وولاية ماين، منها الادعاء زورا بأن صفية خالد تريد فرض أحكام أحكام الشريعة الإسلامية. كما تم إغراق الصفحة الرسمية لحملتها بالتعاليق العنصرية، والتهديدات الصريحة، حتى أن إحدى الصحف التي تناولت هذا الموضوع قالت إن الإساءات الموجهة ضدها بشعة لدرجة أنه لا يمكن عرضها في وسائل الإعلام.
وختاما، اعتبرت الصحيفة أن النتيجة التي حققتها صفية خالد، وهي الفوز بنسبة 70 بالمائة من الأصوات، تظهر أن سكان مدينة لويستون لم يعيروا انتباها للتشويه والإساءات المنتشرة في شبكة الإنترنت، وكانت لديهم رؤية أخرى لمستقبل مدينتهم.
التايمز: كيف خدم خروج أمريكا غير المنظم من سوريا أعداءها؟
وول ستريت: هذا هو حجم الترسانة الصاروخية الإيرانية
أوبزيرفر: ما يجري مع الوحدات الكردية خيانة من طرف واشنطن