لوحظ مؤخرا تحركات يقوم بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بخصوص
الملف الليبي ومحاولة إثبات دور لبلاده هناك، ما أثار ردود فعل وتساؤلات حول طبيعة
هذا الدور الذي يأتي بالتزامن مع فضيحة الكشف عن "مرتزقة روس" يقاتلون في
صفوف قوات اللواء الليبي، خليفة حفتر.
ولم تخل أي زيارة قام بها بوتين مؤخرا عن الحديث حول الملف الليبي،
فزيارته للمملكة العربية السعودية تناولت آخر تطورات الأزمة الليبية ورؤية "موسكو"
للحل هناك، كما تناولت زيارته إلى دولة الإمارات العربية أزمة
ليبيا وموقف المجتمع
الدولي منها.
"ثناء
على القذافي"
وفي ظل الحشد لمؤتمر دولي تستضيفه ألمانيا، قام الرئيس الروسي بإجراء
محادثة هاتفية مع المستشارة الألمانية أنغيلا
ميركل، كان أحد محاورها تطورات الأوضاع في ليبيا.
وقبيل زيارته لكل من السعودية والإمارات، قال بوتين إن "مجلس الأمن
ارتكب مخالفة بمصادقته على قرار منع الزعيم الليبي السابق معمر القذافي من استخدام
الطيران ضد المنتفضين، دون أن يمنعه على أطراف أخرى"، مضيفا: "شركاؤنا الغربيون
خدعونا في هذه الحالة".
وفي تصريح –اعتبره البعض مستفزا- أثنى بوتين على سياسة القذافي خاصة
في ملف الهجرة غير الشرعية، قائلا: "سياسة القذافي كانت بمنزلة الجدار الذي يقف
أمام موجات الهجرة الواسعة".
"مشروع
أمريكي"
وفي محاولة لمنع النفوذ الروسي في ليبيا، قدم عدد من أعضاء الكونغرس
الأمريكي مشروعا يدعو لوضع إستراتيجية لمواجهة النفوذ الروسي في ليبيا، وفرض عقوبات
على من يدعمون التدخل العسكري الروسي فيها.
تحركات بوتين حول ليبيا وغضب الكونغرس ضد النفوذ الروسي طرحا تساؤلا
حول طبيعة وتداعيات الوجود الروسي في ملف ليبيا في هذا التوقيت، وعلاقة ذلك بمعارك
"طرابلس" ومؤتمر "برلين"؟.
"تنسيق
روسي فرنسي"
من جهته، رأى المحلل السياسي الليبي أسامة كعبار، أن الصعود العسكري
الروسي "مقلق لكثير من الدوائر الغربية فى العموم، والتدخل الروسي الآن فى ليبيا
هو أمر خطير لهم كون ليبيا تعتبر حصة أوروبية-أمريكية".
وأوضح في تصريح لـ"عربي21" أنه من المهم "ملاحظة التحالف
والتنسيق الفرنسي الروسي العسكري في الملف الليبي، وهذا يعتبر تطورا غريبا، ولا توجد معلومات
كافية عن ماهية هذا التفاعل، وهل هو ردة فعل فرنسية ضد ترامب وسياساته المتعجرفة ضد
الحلفاء التقليديين؟".
"لا
مصالح روسية في ليبيا"
لكن الناشطة الليبية نور عمر، أشارت إلى أن
روسيا "ليس لها أي مصالح
فى ليبيا كونها ليست منطقة حيوية مهمة للروس، حتى التدخل الروسي في ليبيا كان مجرد
أسلحة ومعدات اشتراها حفتر لجيشه، وأن المرتزقة الروس جاؤوا عن طريق شركات خاصة مدفوعة
الأجر وليست الدولة الروسية".
وتابعت لـ"عربي21": "أما بخصوص
مؤتمر برلين ودور روسيا
فيه، فأعتقد أن موسكو لن تعرقل أي مؤتمر دولى بشأن ليبيا، أما مشروع أعضاء الكونغرس
فربما يمثل ضغطا على الروس ليعيدوا النظر في أي محاولة للتدخل في الشأن الليبي".
وقال الناشط السياسي، محمد خليل، إن "تعامل موسكو مع الملف الليبي
كملف ثانوي يعزز موقفها في التفاوض في الملفات الأخرى كالملف السوري والأوكراني، ولهذا
هي منخرطة في الملف من خلال شركة المرتزقة الروسية والأسلحة التي وردت لحفتر بشكل غير
رسمي".
وأضاف: "ليبيا ليست ملفا رئيسيا لدى موسكو، لكن الروس يريدون مسك
أوراق هناك ليستفيدوا منها في ملفاتهم الرئيسية في دول أخرى"، كما صرح لـ"عربي21".
"النفط
الليبي"
بدوره قال المدون والكاتب الليبي فرج فركاش، إن "مشروع أعضاء الكونغرس
ليس له علاقة بالتحضير لمؤتمر برلين، وأن تواصل ألمانيا مع روسيا يأتي في إطار تواصلها
مع الأطراف الدولية الأخرى الفاعلة في الملف الليبي، لضمان أكبر توافق دولي ممكن حول
حل الأزمة الليبية".
وأوضح أن "روسيا تأتي من ضمن هذه الدول، خاصة أن لها مصالح في
ليبيا تحاول الإبقاء عليها واسترجاع ما خسرته بعد سقوط نظام القذافي، ونواب الكونجرس
حذروا من مخاوفهم حول تمدد روسيا في القارة الأفريقية وتأثر مصالح واشنطن هناك، لكن
توافق الدولتين مهم جدا لضمان نجاح التوافق الدولي حول ليبيا".
وتابع لـ"عربي21": "لعل ترك المجال لروسيا في سوريا
من قبل أمريكا ستقابله مرونة روسية بشرط ضمان حصة لشركاتها النفطية وحصة من ملف إعادة
الإعمار في ليبيا".