في وطننا العربي الكبير، المُسلم متّهم بالظَّلامية، والمؤمن ملاحق بشبهة "الإرهاب" اللتين يلصقهما الصهاينة والغربيون بالإسلام زوراً وتجنياً وبُهتاناً؟! والعربي المُنتمي ملاحق بتهمة "القومية العربية؟!" التي يلصقها الانفصاليون والمُتعصبون والأيديولوجيون المتحجّرون بالعروبيين؟! فهل يبقى من أمتنا، خارج نطاق العروبة والإسلام، من يجوز له أن يحكمها ويتحكم بها، ممن لا ينتمون إليها ولا يريدون حمل هُويّتها؟! وهل هذا من الديمقراطية في شيء؟!
حينما يتحول التدمير إلى منهج
وفوق هذا الرِّزء يوجد في كثير من السياسات العربية التابعة، والحكومات القامعة، والأوساط الانتهازية الفاسدة الساجِعة.. مصابون بأمراض اجتماعية، طائفية وعرقية وجاهلية، يحكمون المجتمع، ويصفونه بسلبيات ويلاحقونه بتشويه، ويحاصرون المنتمين إلى الأمة والأكْفَاء من أبنائها حصاراً خانقاً، حيث أصبح الشخص الكفؤ المُنتمي للأرض والأمة والعقيدة بوعي وخُلُق وإيمان، ليس قطعاً نادراً وقيمة مُستَهدَفة فحسب، بل حضوراً مرفوضاً وعُملة رديئة يجب أن تُطْرَد من السُّوق.. وأصبح إفراغ الوطن من الكفاءات والمُخلصين والمنتمين والمؤهَّلين للبناء باقتدار، هو طريق المستبدين والفاشلين والفاسدين والانتهازيين والعملاء، ووسيلتهم ليحكموا ويسودوا، وليبيعوا الوطن والشعب.. لقاء بقاء ومكاسب وحظوة ومناصب وحماية ونفوذ وإثراء ودعاية؟!
لقد أصبح الانتماء والاقتدار والإخلاص مُستهدَفاً، والتدمير منهجاً، والفاقد للأهلية لامعاً فاضلاً رفيعَ المقام، مدعوماً بالرجال والمال والسلاح، وحصانَ رهانٍ لمن يراهنون على "الشُّطَّار" ليرفعوهم واجهات، وأصبحت وسائل إعلام وأوساطٌ إعلامية كثيرة أدوات ترقيع وتلميع.. ومَن يَدفَع يُرْفَع..؟!.. والنتيجة إفقار للأمة وشلّ لقدراتها، وتشكيك بوطنييها وشرفائها، وتهميش للأَكْفَاء من أبنائها المنتمين القادرين على الأداء والدفاع والبِناء.. وهذا ما لا نجد له مثيلاً في الأمم.
لقد تحول كثير من مسؤولينا إلى تابعين لطغاة، فطغوا وتفرعنوا وفسدوا وأفسدوا وصار ذلك سمة المَسؤولية
خناجر غدرٍ في الخواصر
نحن في أوضاعنا التي أُلْنا إليها، وفي سياساتنا المتبعَة التابعة، وفي علاقاتنا المُضمَرة والمُشْهَرة.. نشكو من "خناجر غدرٍ في الخواصر".. أحقادُ أعدائنا وثاراتُنا مرفوعة سيوفاً فوق رقابنا، وأسلحتنا موجهة إلى رؤوسنا وصدورنا.. وهذا وضعٌ لا يقتل الأشخاص الجيدين والأبرياء منا فقط، بل يقتل الأمل في الأنفُس ويؤسّس لليأس والبؤس.
وها نحن اليوم، ويا للحَسْرة والكَسْرَة، شهداؤنا مِئات ألوف في عتمة النِّسيان، وعظام أعدائنا النَّخرة تُحْيا وتُحَيَّا بسباسِبِ الرَّيحان.. قَتْلُنا ألوان، وفتك أعدائنا بنا وفتكُنا بأنفسنا ألوان، وتشرّدنا وشقاؤنا ألوان، وصحونا مدخول بفقدان ثقة وانعدام أمانٍ، وبتناقضات حادَّة متضادة تظهرُنا في لَبوس الرِّجس أو في مَسٍّ من الشيطان.. ها نحن نكاد نصبح آهة لا تبلغ مداها، وما يقارب جسداً ذا ألف عاهة.. يوردنا مَواردَ الهلاك فُتَّاكٌ أشرار، وساسة بثياب الأفاعي، وتجار سلاح وأجسادٍ وقيم وأرواح، وعملاء تنشرهم في أرجاء الوطن الكبير رياح.. تَعملُ فينا المِحَن والفِتن فعلَها من قتل ماديٍّ ومعنوي، جسدي وروحي، حيث الحرب علينا وبنا مستمرّة، وأعداؤنا يعززون قواهم ويوسّعون قواعدهم ونفوذهم، ويرفعون سقوف مطامعهم، ويتضاعف خطرهم علينا، ويزحفون على ما تبقى منا، وينخروننا نخراً بخططهم وأساليبهم وقواهم.. ولا يكفون عن التهديد والتوسُّع والتمدُّد، ويحاصروننا بنا..؟! فأية أوضاع مضحكة مبكية هي أوضاعُنا، وأي دودٍ ينغلُ في جراحنا، وأي بؤس يؤسس ليأسنا..؟!
لقد تحول كثير من مسؤولينا إلى تابعين لطغاة، فطغوا وتفرعنوا وفسدوا وأفسدوا وصار ذلك سمة المَسؤولية؟!.. يتنمَّرون علينا ويقتلوننا ويحتمون بأعداء أمتنا ليبقوا فوق رقابنا.. يجْبون أموالنا وأرواحنا ويرخصوننا للعدو ليرفعوا ذواتهم فوق الأُمَّة الذَّات وليتأبَّدوا في مواقعهم، حتى صار البعض منهم علة شعبه ووطنه ودينه وهويته وأمته، وصارت أمتنا عالة على الأمم في أمنها وفي معيشة عشرات الملايين من أبنائها الذين يقفون على العتبات، ويعيشون في المخيمات على الفُتاة، وتأكلهم وأطفالهم الأهوال والظُّلُمات..
الطُّغاة البُغاة التابعون لأعداء الأمة يتهمون العروبة ليضعفوا الأمة، ويتهمون الإسلام بالإرهاب ليهدموه، وما هو بِمُنهَدِم، والإسلام ضد التعصب والتطرف والإرهاب، وضد العُصاب الفِتنوي، وضد موالاة مَن يناصبونه العِداء، ومَن يقتلون الإنسان وينهبون الشعوب ويفسدون في الأرض.