نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقال رأي لرئيس مؤسسة "كوينسي لفن الحكم المسؤول"، أندرو جي بيسفتش، يقول فيه إن "إيران قد تكون عدوا لأمريكا، لكن السعودية ليست صديقة أيضا".
ويذكّر بيسفتش في بداية مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، بهجوم قامت به طائرة حربية عراقية على فرقاطة تابعة للبحرية الأمريكية "ستارك" في مياه الخليج، عام 1987، أدى إلى قتل 37 بحارا أمريكيا، وقبلت الإدارة الأمريكية في حينه تبرير صدام حسين بأن الهجوم كان بالخطأ، واستخدم الأمريكيون الحادثة التي حدثت في ذروة الحرب العراقية الإيرانية لزيادة الضغط على إيران، وقدمت زخما للحرب البحرية بين الولايات المتحدة وإيران المنسية الآن.
ويشير الكاتب إلى أن طرفا، لم يحدد بعد، قام في الأسبوع الماضي بضرب مصفاتي نفط في السعودية، لافتا إلى أن الولايات المتحدة سارعت في اتهام إيران مما زاد من فرص المواجهة العنيفة بين البلدين.
ويقول بيسفتش إن "على الرئيس ترامب قبل أن يتخذ قرارا بالتحرك أن ينظر مليا في حادثة عام 1987 وما تركته من إرث، ففي تلك الفترة تورطت أمريكا في مواجهة دموية في الحرب العراقية الإيرانية، التي لم تكن لها نهاية، وبدأها صدام حسين عام 1980 وتحولت إلى مأزق للطرفين، إلا أن الرئيس رونالد ريغان ومستشاريه أقنعوا أنفسهم في حينه بأن من مصلحة أمريكا المسارعة ومساعدة العراق، وذلك لأن إيران هي العدو، فيما أصبح العراق (الصديق)".
ويلفت الكاتب إلى أن "البحرية الأمريكية والإيرانية بدأتا بعد الهجوم على (ستارك) مواجهة توجت بتدمير البحرية الإيرانية، إلا أن الولايات المتحدة لم تكسب شيئا من النصر الصغير، وكان المستفيد الوحيد منها هو صدام حسين، الذي كافأ الولايات المتحدة بغزو الكويت وضمها بعد نهاية الحرب مع إيران، فهل أصبح (صديق) أمريكا (عدوها)؟ ".
ويفيد بيسفتش بأن "المواجهة مع إيران أصبحت سابقة وقادت لأحداث وأوهام، فمنذ تلك الفترة حاولت الإدارات الأمريكية ملاحقة فتنازيا تقوم على أهمية استخدام القوة العسكرية بشكل مباشر أو غير مباشر؛ كونها وسيلة لتحقيق الاستقرار في المنطقة، وفي الحقيقة حدث العكس، فالفوضى أصبحت مزمنة، ولم يعد بالإمكان الكشف عن السياسة العسكرية الأمريكية في المنطقة ومصالحها".
ويقول الكاتب: "نحن في عام 2019 فالميل للتدخل العسكري أدى إلى تورط الولايات المتحدة في حرب بالوكالة في اليمن، الذي يعيش حربا أهلية وحملة عسكرية تقودها السعودية عليه منذ عام 2015، وتدعم السعودية طرفا في هذه الحرب الطويلة، فيما تدعم إيران طرفا آخر".
وينوه بيسفتش إلى أنه "في عهد باراك أوباما واليوم في عهد ترامب ألقت الإدارة بثقلها العسكري خلف السعودية، تماما كما فعلت إدارة ريغان مع صدام في الثمانينيات من القرن الماضي، لكن القوات السعودية، التي تدعمها أمريكا، لم تظهر كفاءة قتالية، تماما مثل قوات صدام التي دعمتها أمريكا ضد إيران، ولهذا استمرت الحرب في اليمن دون نهاية، كما أدى قيام أمريكا بشيطنة إيران في الثمانينيات من القرن الماضي، إلى سياسة غير مدروسة وحتى لا أخلاقية".
ويعلق الكاتب قائلا: "لا أقول إن واشنطن تدعم الطرف الخطأ في اليمن، وما أقوله هو أن لا أحد من الطرفين يستحق الدعم الأمريكي، ويمكن تصنيف إيران بالعدو، لكن السعودية ليست الصديق، بعيدا عن مليارات الدولارات التي تنفقها السعودية لشراء السلاح الأمريكي الصنع، وما أنفقه ولي العهد محمد بن سلمان في التودد إلى ترامب وعائلته".
ويعتقد بيسفتش أن "اقتناع صناع السياسة الأمريكية بضرورة دعم طرف في الخليج قائم على تفكير غير صائب، ولا أحد يشك في أن التنافس المتزايد بين إيران والسعودية يزيد من فرص عدم الاستقرار، لكن أمريكا ليست مجبرة على تأكيد حماقة طرف منهما، فدعم العراق في الحرب مع إيران القرن الماضي ثبت أنه تعبير عن ضيق نظر وتطرف، وخلق مشكلات أكثر من جلبه للمكاسب".
ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "الحرب غير الشرعية التي تقودها السعودية في اليمن هي تعبير عن ضيق النظر، ولأن القوة تعطي صاحبها الخيار، فإنه يجب على الولايات المتحدة ممارسته، وعلينا الاعتراف أولا أن حماقة السعودية ليست مشكلتنا".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)