نشرت مجلة "ريدرز دايغست" الأمريكية تقريرا تحدثت فيه عن جملة من الأسرار حول القمر، التي لا تزال مخفية عن علماء الفلك.
وقالت المجلة في تقريرها الذي ترجمته
"عربي21"، إن أولى هذه الأسرار يتمثّل في الفكرة العامة التي تفيد بأن
جسما بحجم كوكب المريخ قد اصطدم بالأرض قبل حوالي 4.5 مليارات سنة، ما خلّف كمية
هائلة من الحطام الذي سقط في مدار حول الأرض وتجمع في نهاية المطاف في جسم واحد،
وحسب كريستوفر بالما، وهو أستاذ في قسم علم الفلك والفيزياء الفلكية في ولاية
بنسلفانيا، فإنه "حتى عندما نعتقد أننا نملك أفضل الإجابات عن القمر، فإننا ما
نزال نحقق في هذا الأمر".
وأشارت المجلة إلى أن العلماء
يواجهون صعوبة في فهم سيناريو ارتطام الكوكب الكبير (الذي أطلقوا عليه اسم ثيا)
بالأرض بقدر كاف من القوة، وفي هذا السياق، قال بالما إنه "كان على الاصطدام
أن يكون قويا بدرجة تكفي لإلقاء كمية هائلة من الحطام في مدار حول الأرض، لكنه ليس
قويا لدرجة تدمير الأرض".
وجود الماء
وأوردت المجلة أن نظرية التصادم لا
تزال سائدة بين الباحثين في مجال القمر، ولا يزال العلماء يستكشفون نظريات أخرى،
بما في ذلك الفكرة التي تفيد بأن الجاذبية تسببت في تماسك الحطام الناجم عن عملية
تكوين النظام الشمسي مع الأرض والقمر في الوقت ذاته، وأن القمر كان يطفو بالفعل في
النظام الشمسي قبل أن تجذبه جاذبية الأرض.
وتطرقت المجلة إلى حقيقة وجود الماء
على سطح القمر، وفي سنة 2009، أرسلت ناسا صاروخا إلى فوهة كابوس الصدمية بالقرب من
القطب الجنوبي للقمر، وأدى سقوط الصاروخ إلى تصاعد سحابة من الغبار الذي ارتفع
حوالي عشرة أميال فوق حافة الحفرة، حيث سجلت أجهزة القمر الصناعي لناسا وجود
حبيبات جليد الماء في تلك السحابة، ما يؤكد وجود المياه في المناطق المظللة بشكل
دائم بالقرب من قطبي القمر، وقد تكون هذه الكميّة كافية لدعم المهمات البشريّة على
القمر لفترات أطول.
اقرأ أيضا: باكستان تعلن عزمها إرسال رحلة مأهولة إلى الفضاء عام 2022
ويعتقد الباحثون أنه كانت هناك فترة
زمنية حيث قصفت المذنبات والكويكبات الأرض والقمر، والتي تحتوي على الكثير من جليد
الماء، وقد يكون هذا سرّ تكوّن محيطاتنا وبحيراتنا وكذلك رواسب القمر الجليدية،
ولكن تحليلا جديدا لصخور القمر التي جلبتها مهام أبولو 15 وأبولو 17 في السبعينيات
يجعل العلماء، يعتقدون أن هناك مياها في باطن القمر خرجت إلى السطح أثناء
الانفجارات البركانية.
وأضافت المجلة أن العلماء يرغبون في
معرفة ما إذا كانت هناك حياة على سطح القمر، وفي هذا الشأن، قال بالما: "تفيد
إحدى الاعتقادات بأن أصل الحياة جاء من الكتل التي تكوّنت بواسطة المذنبات".
وفي الواقع، كان بإمكان تصادمات الكويكبات والمذنبات أن تطلق مواد في الفضاء قد
تكون قد وصلت في النهاية إلى القمر.
وذكرت المجلة أنه يمكننا دائما رؤية
جهة واحدة فقط من القمر نظرا لأن القمر مرتبط بحركة الأرض، وهذا يعني أن الوقت
الذي يستغرقه القمر ليدور حول محوره هو الوقت ذاته الذي يستغرقه القمر ليدور مرة
واحدة حول الأرض (قرابة 28 يومًا). وشرح العلماء أن هذه الطريقة تفسّر تأثير
الجاذبية الأرضية على القمر.
ولم ير البشر أبدا الجانب الآخر من
القمر حتى سنة 1959، عندما التقطت المركبة الفضائية لونا السوفيتية الصورة الأولى
لذلك الجانب. وقد فوجئ الباحثون بعدم رؤية أي بحيرات كبيرة من الحمم البركانية
التي نراها في الجانب القريب. وقد أظهرت الدراسات منذ ذلك الحين أن قشرة القمر
أكثر سماكة على الجانب البعيد، مما يمنع أي نشاط بركاني.
نشاط بركاني
ونقلت المجلة عن بالما نقلا عن بحث
أجراه أحد زملائه في ولاية بنسلفانيا: "نعتقد أن جزءًا من الفرق في قشرة سطح
القمر يعود إلى الانغلاق المداري". وعندما كانت الأرض منصهرة، كانت تشعّ
الكثير من الضوء والحرارة أكثر مما تفعل الآن، وبالتالي "تم تسخين جانب القمر
المواجه للأرض أكثر من الجانب المواجه بعيدا".
وذكرت المجلة أنه على الرغم من عدم
وجود أي نشاط بركاني على سطح القمر، إلا أن هناك نشاطا زلزاليا كثيرا، قد تصل قوته
لدرجة كافية لتدمير مستوطنة بشرية، وصرّح بالما بأننا ننظر إلى تأثير الانغلاق
المداري للأرض، في حين أن القمر يؤثر في المقام الأول على حركة المد والجزر في
محيطات الأرض، وبالتالي إن قوة الجاذبية لدينا تشوه بالفعل قشرة القمر وتسبّب
الزلازل.
وأوردت المجلة أن المسبار الياباني،
الذي يستخدم نظام رادار يمكنه رسم خريطة طبوغرافية تحت الأرض، قد عثر على كهف يبلغ
طوله 30 ميلًا وعرضه 60 ميلًا على سطح القمر، ويعتقد العلماء أنه تشكّل بواسطة
النشاط البركاني قبل ثلاثة مليارات سنة على الأقل عندما طور تيار من الحمم
البركانية قشرة صلبة من الخارج بينما استمرت الصخور المنصهرة في التدفق من الداخل.
من جهة أخرى، يُعتقد أن الذئاب تعوي
ليلًا عندما يكون القمر مرئيًا لكن الباحثين لم يتمكّنوا من تأكيد ذلك. في
المقابل، يبدو أن الكلاب تتأثر بمراحل تغيّر القمر كما تشجع الأقمار الكاملة
الشعاب المرجانية على إطلاق البيض والحيوانات المنوية.
وفي الختام، أشارت المجلة إلى أنه من
بين المعتقدات الأخرى السائدة أن الناس يتأثّرون بتغيّرات القمر مثل المد والجزر
لأن المخ "رطب"، لكن العلماء على يقين الآن من أن هذا الأمر غير صحيح.
ومع ذلك، يقسم رجال الشرطة والممرضات في غرفة الطوارئ أن عملهم يصبح متعبا خلال
الفترات التي يكون فيها القمر كاملا، وفي الواقع، هناك بعض الأدلة على أن الناس
ينامون لفترات أقلّ بقرابة 20 دقيقة أثناء اكتمال القمر.