نشر موقع "آف بي. ري" الروسي تقريرا بين فيه كيف أن مواقع التواصل الاجتماعي باتت سلاحا ذو حدين، فهي من جهة قادرة على أن تجعل حياتنا أكثر سعادة وراحة، ومن جهة أخرى تجعلنا نشعر بالبؤس والضيق حين نقع في فخ مقارنة حياتنا بالآخرين.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن مواقع التواصل الاجتماعي تساعدنا على المحافظة على الاتصالات مع الآخرين وتلقي المعلومات، وتشجع أيضا على الانفتاح والتعرف على المزيد من الناس الذين يشاطروننا نفس الاهتمامات، أو الحصول على الدعم والإرشاد في حالة التعرض لمشاكل نفسية أو ممارسات عنصرية.
ونوه الموقع بأن هذه المواقع تحمل في ذات الوقت جانبا سلبيا، حيث أنها تجعلنا عرضة للتأثيرات القوية لعمليات التسويق الشبكي، والمشاهير الذين يروجون لمنتجات وهمية مثل شاي التنحيف السحري، ويتباهون بحالاتهم الصحية الرائعة. وإلى جانب هذه التأثيرات السلبية في الجوانب التجارية والتأثر بالنجوم، فإن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في حد ذاته يدفع الجسم لإنتاج المزيد من هرمون الدوبامين، عندما تصلنا إشعارات بحصولنا على إعجابات المتابعين على صورنا، وهو ما يقوض اعتدادنا بأنفسنا.
ونبه الموقع إلى أن التأثيرات السلبية لهذه الظاهرة تزداد عندما نبدأ بمقارنة حياتنا الشخصية بحياة الأشخاص الآخرين الذين يظهرون على الإنترنت. ويُنصح دائما بتذكر أن الأشخاص الذين يتنافسون للحصول على علامات الإعجاب أو القيام بعمليات البيع عبر الإنترنت لا يظهرون لنا الجانب الآخر الواقعي من حياتهم؛ فنحن لا نراهم إلا من خلال الصورة الوردية التي يعرضونها هم عن أنفسهم.
وأشار الموقع إلى أنه من غير المفيد مقارنة أنفسنا بنجوم السينما الذين يخلقون لنا وهما جميلا، ويعرضون علينا نمط حياة غير واقعي. وعلى الرغم من أننا قد لا نتكلم حول هذه الظواهر التي نشاهدها على الإنترنت، إلا أنها تبقى عالقة بأذهاننا ونبدأ بالشعور بأن حياتنا الشخصية مملة وفاشلة.
وذكر الموقع أنه من الأفكار الشائعة التي قد تعلق في أذهاننا بسبب متابعة شبكات التواصل الاجتماعي هي أن الجميع يعيشون حياة ممتعة باستثنائنا نحن، حيث أن هؤلاء يعرضون صورهم في أجمل الوجهات السياحية، ويركبون على الفيلة، ويزورون مهرجانات الموسيقى، بينما نكتفي نحن بمتابعة ذلك الشخص الذي يعيش تجارب مذهلة ويبدو في قمة السعادة، وهو ما يشعرنا بالإحباط وعدم الرضا عن حياتنا.
اقرأ أيضا: الذكاء الاصطناعي يهدد بإلغاء خُمس الوظائف الحالية
وأشار الموقع إلى الأمور التي يجب دائما أن نتذكرها لمقاومة هذا الشعور السلبي، من بينها أن قضاء يوم هادئ رفقة قط أو كلب هو أمر عادي وممتع. ومن المهم تجديد الطاقة الذهنية والجسدية من خلال الذهاب في عطلات، ولكن من غير المنطقي قضاء حياتنا كاملة في ذلك النسق. والأهم من كل ذلك، هو أن تظاهر الشخص بأنه يعيش حياة مثالية لا يعني بالضرورة أن ذلك الأمر صحيح في الواقع.
وأوضح الموقع أن شبكات التواصل الاجتماعي تلعب دورا مهما في تزوير الواقع وإخفاء الحقائق، وكثيرا ما نجد أشخاص يعيشون حياة البؤس والمشاكل النفسية، ولكنهم يداومون على نشر صورٍ تظهرهم في أفضل حالاتهم، وهو ما يعطي انطباعا خاطئا.
وأشار الموقع إلى أن الاعتقاد بأن الجميع أكثر نجاحا منا يعد من بين الأفكار السلبية التي تولدها مواقع التواصل الاجتماعي. وهذا التأثير السلبي مصدره متابعتنا لأشخاص في نفس عمرنا حققوا أشياء مذهلة في الحياة، مثل نشر كتاب أو الحصول على وظيفة جيدة أو درجة علمية مرموقة، وهو ما يشعرنا بأننا عديمو القيمة.
وحسب الموقع، فإن هذا الشعور مجرد فخ، إذ أن الأشخاص الذين يبدون على مواقع التواصل الاجتماعي ناجحين في زواجهم أو في جمع الأموال قد لا يكونون بالضرورة سعداء، ومتابعتنا لهم تحجب رؤيتنا لنجاحاتنا الشخصية الصغيرة، وخطواتنا التي نقوم بها كل يوم دون أن ننتبه لها.
وذكر الموقع أن من يتابعون مواقع التواصل الاجتماعي قد يشعرون أيضا بأن الآخرين أثرى منهم، حيث أن هؤلاء يظهرون كيفية إنفاقهم للمال في الحفلات وسهرات العشاء والملابس والحقائب ومساحيق التجميل، ويحاولون التأثير علينا حتى ننفق نحن أيضا المال على هذه الماركات التي يروجون لها. وقد نعتقد أنهم أثرى منا ونحاول مجاراتهم، ولكنهم في الواقع مجرد واجهات دعائية، وتلك المنتجات يحصلون عليها مجانا من أجل الترويج لها.
اقرأ أيضا: هذه تطبيقات أندرويد غير المتواجدة في متجر غوغل بلاي
ونوه الموقع بأن الشعور بأن الجميع يمتلكون أصدقاء أكثر منك هو أيضا شعور سلبي، سببه متابعتنا للآخرين وهم ينشرون صورهم رفقة أصدقائهم، وهو ما يجعلنا نشعر بأننا غير اجتماعيين أو غير محبوبين. لكن تلك الصور المنتشرة قد لا تعكس الحقيقة، ومن يظهرون أمام عدسات الكاميرا كأصدقاء مقربين يستمتعون بوقتهم، قد لا يكونون صادقين مع بعضهم، وقد لا يكون هناك تواصل جيد بينهم، وقد يصل الأمر إلى وجود مشاعر سلبية مثل الحقد والغيرة فيما بينهم.
وتجدر الإشارة إلى أن الصداقات قد تختلف وتتنوع، ومن غير المجدي مقارنة أنقفسنا بالآخرين، خاصة الغرباء الذين لا نعرفهم في الحياة الواقعية بشكل مباشر. كما أن كثرة متابعة مواقع التواصل الاجتماعي قد تدفعنا للشعور بأن الآخرين أسعد منا، بسبب تحقيقهم للثراء أو النجاح أو امتلاكهم للجمال وكثرة الأصدقاء. ولكن كل ما نشاهده على صفحات هؤلاء الأشخاص يعكس حقيقة واحدة، وهي أنهم يحسنون التقاط الصور وتسليط الضوء على الجوانب المضيئة في حياتهم، وإخفاء الجوانب السلبية.
وأورد الموقع أنه من السذاجة التفكير في أن الآخرين قد يكونون سعداء طوال الوقت. كما أنه يجب علينا فهم أن السعادة الحقيقية قد تأتي من التواصل مع الأشخاص الذين نحبهم، مثل الأقارب والأصدقاء، ومن ممارستنا لهواياتنا وعملنا، ولا فائدة من مقارنة أنفسنا بالآخرين فنقع فريسة للشعور بالغيرة والإحباط.