صدرت عن زعيم حركة "النهضة" التونسية راشد الغنوشي وعدد من المقربين منه إشارات عديدة ترجح اعتزامه الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة لشهر تشرين ثاني (نوفمبر) المقبل. وقد أعلن عن نوايا ترشح لهذه الانتخابات من قبل سياسيين وأكاديميين ورجال أعمال بارزين بينهم رئيس الحكومة يوسف الشاهد والرئيس السابق المنصف المرزوقي ورئيسا الحكومة السابقان حمادي الجبالي والمهدي جمعة ورئيس قناة "نسمة" التلفزية نبيل القروي والحقوقي قيس سعيد ورئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر وزعيم حزب التيار الديمقراطي المعارض محمد عبو وزعيمة الحزب الدستوري الحر المحامية عبير موسى..
فهل تتأكد مشاركة الزعيم التاريخي للجماعة الإسلامية وحركة الاتجاه الاسلامي ثم حركة "النهضة" في السباق نحو قصر قرطاج؟
وهل يتعلق الأمر بمبادرة سياسية إعلامية ظرفية أم بمشاركة كاملة في السباق أقدم عليها الغنوشي بعد تطبيع علاقات حركته مؤخرا مع الدولة الفرنسية وعدد من كبار صناع القرار في باريس وبرلين وروما ولندن؟
50 عاما من الحراك السياسي والديني
قياديون من حركة "النهضة" ونشطاء في المواقع الاجتماعية المقربة إلى رئيسها راشد الغنوشي، بينهم الناطق الرسمي باسمها ورئيس مكتبها الإعلامي عماد الخميري ورئيس مجلس الشورى عبد الكريم الهاروني، دافعوا عن مبدإ ترشح الغنوشي للرئاسة باسم الحركة، رغم تصريح أدلى به زعيم الحركة في مؤتمر صحفي عقده في 13 كانون ثاني (يناير) الماضي نفى فيه مشاركته في السباق المقبل نحو قصر قرطاج.
وقال الغنوشي وقتها: "يكفيني فخرا أن شباب ثورة كانون أول (ديسمبر) 2010 كانون ثاني (يناير) 2011 أكرموني وعدد من إخوتي ضحايا القمع في عهد النظام السابق برفع المظالم عنا وتمكيننا من فرصة المساهمة في بناء بلدنا".
كما أعلن الغنوشي في حوار تلفزي في باريس قبل شهرين أن حركته تبحث عن "عصفور نادر" سوف تدعم ترشيحه في الانتخابات المقبلة.
وأكد زعيم "النهضة" مرارا طوال الأشهر والأسابيع الماضية عزم حركته دعم مرشح من خارجها "يكون قريبا لمواقفها ووفيا لمبادئ ثورة كانون أول (ديسمبر) 2010 وكانون ثاني (يناير) 2011". وقد فهم الجميع من هذا التصريح استبعادا لسيناريو دعم ترشيح الأمين العام السابق ورئيس الحكومة عام 2012 ومطلع 2013 حمادي الجبالي أو نائب رئيس الحركة والبرلمان عبد الفتاح مورو.
وقد أعلن القيادي في "النهضة" ووزير الخارجية السابق رفيق عبد السلام أن الغنوشي قد يكون مرشح الحركة في الانتخابات المقبلة لأن "دستور الحركة ينص على ذلك". واستطرد عبد السلام في تصريح صحفي جديد هذا الأسبوع: "إذا كانت الحركة سوف تقدم مرشحا من داخلها فسوف يكون رئيسها راشد الغنوشي".
واعتبر عبد الكريم الهاروني وقياديون آخرون بينهم عماد الخميري الناطق الرسمي باسم الحركة أن الغنوشي يمتلك كاريزما قيادية ورصيدا من النضال السياسي منذ 50 عاما يؤهلانه للترشح للرئاسة باسم حزبه الذي فاز في الانتخابات العامة الثلاثة السابقة بالمرتبتين الأولى أو الثانية.
لكن زيتون كثف في الأشهر الماضية انتقاداته لبعض سياسات القيادة الحالية لحركة "النهضة"، بما في ذلك تحالفها مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد وحزبه وبعض شركائه في الائتلاف الحاكم الحالي مقابل القطيعة مع الرئيس المنتهية ولايته الباجي قائد السبسي.
المعارضة من الداخل
وتوقع بعض المقربين من الغنوشي أن الترشح قد تبرره التجاذبات السياسية التي أفرزتها الانتخابات الداخلية التمهيدية لاختيار مرشحيها للانتخابات البرلمانية المقررة ليوم 6 تشرين أول (أكتوبر) المقبل.
وقد فشل أعضاء بارزون في المكتب التنفيذي للحركة في الفوز بالمرتبة الأولى في تلك الانتخابات، مقابل فوز عدد من معارضيهم ومنتقديهم منذ المؤتمر العاشر للحركة المنعقد في صائفة 2016.
وقد أسفر المؤتمر عن خروج 14 قياديا بارزا من المكتب التنفيذي المركزي بينهم نائب رئيس الحركة عبد الحميد الجلاصي والقيادي الطلابي الشبابي السابق عبد اللطيف المكي والحقوقي والوزير السابق سمير ديلو.
وقد فاز المكي والجلاصي ومقربون منهما بالمراتب الأولى في الانتخابات الداخلية التي نظمت مؤخرا.
وفاز معهم عدد كبير من المحسوبين على المعارضة من الداخل لسياسات القيادة الحالية، بما في ذلك ما يتعلق بدخولها في تحالفات وشراكة "واسعة" مع الرئيس الباجي قائد السبسي وحزبه المحسوب على النظام القديم ثم مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد وحزبه تحيا تونس.
قرار تأجيل
لكن مجلس الشورى، وهو الهيئة القيادية الأولى بين مؤتمرين، قرر في اجتماعه المنعقد يوم 22 حزيران (يونيو) الجاري تأجيل البت في اسم مرشح "النهضة" في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
تونس.. قيادات يسارية تهدد بمقاضاة حمة الهمامي