رحل محمد مرسي كالأشجار وقوفا، بعد ست سنوات من الاعتقال والتغييب، والمحاكمات المسيسية والملفقة التي تفتقد لأبسط درجات التقاضي.
رحل مرسي ولم يعترف بانقلاب عسكري، نازعا عنه شرعية كان يرنو إليها باعتراف ولو بشطر كلمة .
رحل مرسي نازعا ورقة التوت الأخير عن إنسانية بعض خصومه، الذي أبوا إلا أن يقدموا الخلاف على نعيه، وعن مؤيدين تخاذلوا في نصرته ونشر قضيته.
رحل مرسي لكنه رحيل العظماء تتذكرهم ألسنة الشرفاء، ولا يضرهم نباح مقدسي الثورات المضادة.
إلا رحيل أول رئيس مدني منتخب يفرض جملة أسئلة حول المستقبل السياسي لرافضي الحكم العسكري في مصر .
إلى الإخوان المسلمين:
إلى الجماعة التي أكلتها التناحرات والخلافات الداخلية، أما أن الآوان لصلح داخلي تلملمون به شعث بقايا التنظيم، وتعملون لإنقاذ عشرات الآلاف داخل السجون، قبل أن يلقوا مصير مرسي؟
بعد رحيل مرسي ما خطتكم السياسية المقبلة؟ وهل ستكتفون بالبكاء واللطميات أم أن الحاجة ملحة للانخراط في عمل جاد وتصحيح للمسار؟
هل ستعدل الجماعة من رؤيتها وخططها وأهدافها، أم ستبقى في حالة التيه التي تعيشها منذ سنوات؟
إلى القوى السياسية المصرية:
رحل مرسي ورحلت معه الحجة التي كنت تتذرعون بها دوما لعدم التوافق مع الإسلاميين والإخوان،فهل ستتوافقون الآن؟
هل ستطرحون مشروعا وطنيا جامعا يكفل التعايش مع الآخرين ويكون هدفه الأساس، إنقاذ ما تبقى من مدنية مصر التي تطحنها أسنان العسكر ؟
هل ستتحركون لهدف أسمى بعيدا عن الأيديولوجيات والعصبيات ضيقة الأفق، أم تنتظرون أن يلتهمكم نظام السيسي واحدا تلو الأخر؟
إلى مؤيدي الرئيس المغدور:
لا تجعلوا وفاة مرسي نهاية بل اجعلوها بداية لتخليد ذكرى الرجل، عبر إقامة مؤسسة دولية باسمه، وتخصيص جائزة عالمية تحمل اسمه لدعم الديمقراطية ومواجهة الحكم العسكري.
اصنعوا من الرجل أيقونة للديمقراطية ومواجهة الثورات المضادة، خلدوا ذكرى الرجل بأفلام وثائقية واذكروا مناقبه دون خجل، واربطوا اسمه دوما بثورة الخامس والعشرين من يناير.
كما كان اعتقاله لسنوات كاشفا للكثير فإن وفاته كشفت وستكشف أقنعة الكثيرين
رحم الله الرئيس محمد مرسي.. على قدر صبره والظلم الذي تعرض له حيا وميتا.