بعد أسبوعين من الجدل، حسمت الحكومة المغربية، أمس الخميس، الموقف من استخدام اللغة الأمازيغية في الأوراق النقدية.
وكان فريق الأصالة والمعاصرة (معارض) بمجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان) قد تمكن من تمرير مقترح يقضي بإلزام البنك المركزي بإصدار أوراق مالية باللغة الأمازيغية مستغلا أغلبيته داخل المجلس وامتناع الفريق الاستقلالي وغياب فرق الأغلبية الحكومية.
وعلل فريق الأصالة والمعاصرة اقتراح إصدار النقود بالأمازيغية بـ"احترام السيادة الوطنية باستعمال اللغتين الرسميتين للبلاد في الأوراق والقطع النقدية".
الموقف محسوم
قال الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، مصطفى الخلفي، إن موقف الحكومة من استخدام الأمازيغية بالأوراق النقدية واضح ومحسوم منذ تقديمها لمشروع القانون التنظيمي الخاص بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية إلى البرلمان.
وأضاف الخلفي في ندوة صحفية أعقبت المجلس الحكومي، أمس الخميس، أن المادة 22 من القانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية تنص صراحة على استعمال اللغة الأمازيغية في الأوراق النقدية وهو المشروع الذي تقدمت به الحكومة إلى البرلمان.
وأوضح المسؤول الحكومي أنه "تم اقتراح حل بسيط هو أن يمر القانون التنظيمي الخاص بتفعيل الأمازيغية هو الأول، ولهذا كان هناك اجتماع هذا الأسبوع بين وزير الاقتصاد والمالية مع رئاسة مجلس النواب من أجل الإسراع في هذا المسار الذي يقوم أولا على اعتماد القانون التنظيمي الخاص بالأمازيغية لأن القانون التنظيمي فوق القانون العادي"، وفق تعبيره.
وعقب وصول مشروع القانون الأساسي لبنك المغرب إلى مجلس النواب، أسقطت لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بالمجلس تعديل فريق الأصالة والمعاصرة في إطار قراءة ثانية، وصوت 16 عضوا من أعضاء اللجنة برفض مقترح تعديل المادة 57 من مشروع قانون، فيما امتنع عضو واحد، وساند 9 أعضاء إصدار نقود بالأمازيغية.
وعزا المشرعون رفض إصدار نقود بالأمازيغية إلى عدم صدور مشروع قانون تنظيمي يتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية.
خرق للدستور
وكانت هيئات أمازيغية اعتبرت تصويت لجنة المالية بمجلس النواب ضد تعديل المادة 57 من مشروع القانون 40.17 المتعلق ببنك المغرب، الذي يقضي بإدراج اللغة الأمازيغية على الأوراق النقدية بحرف تيفيناغ، "خرق واضح للدستور".
وقالت الجمعيات والتنسيقيات، في بلاغ لها، "يعدّ هذا التصويت المضادّ في لجنة المالية بغرفة البرلمان خرقا واضحا للدستور، وإخلالا من بعض الأحزاب السياسية في الحكومة والمعارضة بالتزامها الدستوري والسياسي والأخلاقي اتجاه مطالب الحركة الأمازيغية المشروعة".
وأكدت "على أن مستجدات النقاش العمومي والممارسات السياسية الحزبية والمؤسساتية أبانت عن تناقض كبير بين الخطاب والممارسة، وعن وجود تيار سياسي حزبي وجماعتي، يؤسس خطابه الشعبوي ومشروعه المتطرف على مناهضة مكونات الهوية المغربية والوضعية الدستورية للأمازيغية ومكتسباتها، باعتبارها لغة رسمية وثقافة وهوية مركزية تحدد مقومات الشخصية المغربية عبر العصور".
وأوضحت الهيئات أن "هذه التطورات الخطيرة والمواقف والممارسات المتناقضة التي تصل حدّ العبث أحيانا، تشكل تهديدا للوحدة الوطنية والعيش المشترك، وتعدّ انتهاكا صارخا للدستور ولالتزام الدولة بالنهوض بالأمازيغية كمسؤولية وطنية وإرث مشترك لجميع المغاربة بدون استثناء".
وعبرت عن رفضها لـ"كل أشكال ومبررات التماطل والتسويف والعبث التشريعي الذي يحول دون صدور القانونين التنظيميين لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية والمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، والمطالبة مجددا بالإسراع بالمصادقة عليهما بعد تعديلهما وتجويدهما اعتمادا على المقترحات المقدمة من طرف المجتمع المدني الأمازيغي، والتي تضمن الإنصاف والتفعيل الحقيقي للطابع الرسمي للأمازيغية".
القضية لا تقبل المزايدة
بعد الانتقادات التي طالت حزب الاستقلال (معارضة) بعد امتناعه عن التصويت على إدخال الأمازيغية في الأوراق النقدية، قال الحزب في افتتاحية صحيفته "العلم"، إن "قضية اللغة "الأمازيغية" لا تقبل المزايدة والتأخير بل تتطلب إرادة جماعية حقيقية لتنزيلها دستوريا”.
وأوضح الحزب أن لحظة التشريع المتعلق ببنك المغرب مثلث مناسبة أخرى للمناقشة والتداول، في قضية هامة تحظى باهتمام استثنائي، ويتعلق الأمر باللغة الأمازيغية.
وأكد أن عودة النقاش في هذه القضية التي ترتبط ارتباطا مباشرا ووثيقا بالهوية الوطنية، "يكشف عن التلكؤ الحكومي في التعاطي الجدي مع هذه القضية، حيث لا زالت هناك ممانعة في تنزيل القانون التنظيمي للغة الأمازيغية بسبب الخلافات داخل الأغلبية الحكومية".
حملة فيسبوكية
وللدفاع عن مطلب إدراج الأمازيغية في الأوراق النقدية، دشن نشطاء الحركة الثقافية الأمازيغية في المغرب حملة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" تحت شعار "واحد فزوج يا تكتبوا الأوراق النقدية بالأمازيغية يا نكتبوها حنا" (واحد من اثنين، إما أن تكتبوا الأوراق النقدية بالأمازيغية أو نكتبها نحن) طالبوا خلالها الحكومة بضرورة اعتماد أحرف "تيفيناغ" على الأوراق النقدية إلى جانب الأحرف العربية والفرنسية.
وكان الناشط الأمازيغي موحى الرحماوي قال في تدوينة على حسابه بموقع "فيسبوك"، إن "التأسيس لقوة سياسية أمازيغية، وحزب سياسي أمازيغي منطلق من القواعد المؤطرة بوعي الحركة الأمازيغية، ضرورة ملحة لمجابهة الأعداء الإيديولوجيين والقوميين للأمازيغ والهوية الأمازيغية".
وأضاف أن "النضال السياسي أصبح ضرورة ملحة ويدعي عدم نجاعة النضال السياسي مهما كان فليقنعنا أن تحالف العدالة والتنمية وحزب علال المسمى الاستقلال وباقي أحزاب الأغلبية لم ينجح سياسيا في إسقاط بادرة المعارضة البرلمانية حول إضافة الكتابة الأمازيغية على الأوراق النقدية للمملكة".
تمور إسرائيل بموائد رمضان في المغرب.. نفي رسمي وتأكيد شعبي
كاتب مغربي يدعو لتقوية الداخل لمواجهة حصار الجيران
جنرال سوداني: الذهب المغربي سيحول للبنك المركزي (شاهد)