نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا للصحافي كامل أحمد من الخرطوم، يقول فيه إن بعض المتظاهرين السودانيين يجادلون بأن أي مساعدات ماسة يجب أن تكون غير مرتبطة بأي التزامات سياسية قصيرة أو طويلة الأجل لبلدان أخرى في المنطقة.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه عندما بدأت المدن في السودان تواجه الغاز المسيل للدموع والرصاص من قوات الأمن؛ بسبب المطالبة بالإطاحة بالرئيس عمر البشير، انحاز جيرانهم العرب علنا إلى الزعيم فاقد الشعبية.
ويلفت أحمد إلى أنه عندما نجح المتظاهرون الشهر الماضي في الإطاحة بالبشير، بعد 30 عاما من الحكم، قام بعض أولئك الجيران بتأييد المجلس العسكري الذي حل محله، مهملين مطالبات المحتجين بتسليم السلطة للمدنيين.
ويقول الموقع: "الآن، أصبح الغضب بين المحتجين واضحا، ومن مكان اعتصامهم في الخرطوم يرفضون المغادرة حتى يقر المجلس العسكري بحكومة مدنية، والحوارات مليئة بالنقاش حول رغبة المحتجين بعدم تدخل جيرانهم في شؤونهم الداخلية".
ويفيد التقرير بأن تلك المشاعر زادت منذ أن قررت كل من الإمارات والسعودية إرسال مبلغ 3 مليارات دولار مساعدات، بالإضافة إلى إمدادات بالسلع الضرورية، لدعم الرئيس العسكري الجديد في معالجته للوضع الاقتصادي الصعب الذي تسبب بسقوط البشير.
وينقل الكاتب عن وزير سعيد، وهو خريج جامعة عاطل عن العمل من عطبرة، حيث بدأت المظاهرات ضد البشير في شهر كانون الثاني، قوله: "نحن بلد غني، لكن بالطبع يعلمون أننا نعاني منذ سنوات طويلة، وأننا ضعفاء".
وينوه الموقع إلى أن هذه المسألة تزعجه، فيقول إن السودان تستغل من دول الخليج، مثلا بإرسال جنود سودانيين للحرب مع التحالف في اليمن، ويخشى الآن من قيام تلك الدول بإفشال الثورة السودانية، ويضيف: "هناك أكثر من معسكر (في المنطقة)، هناك المعسكر القطري والمعسكر السعودي، لكن ما هي الفائدة بالنسبة لنا؟".
وبحسب التقرير، فإن البعض مهتم بالدعم الدولي، ممن يشعرون أنه يجب أن يأتي على صورة ضغط على المجلس العسكري لتسليم السلطة للمدنيين، بالإضافة إلى دعم مالي حقيقي.
ويورد أحمد نقلا عن خريج الهندسة العاطل عن العمل معمر، قوله لـ"ميدل ايست آي"، الذي كان في طريقه للخروج من ساحة الاعتصام في نهاية الليل، بأن المساعدات ضرورية؛ لأن البشير "تسبب بأضرار كثيرة"، وأضاف: "لقد دمر كل شيء، وقتل الكثير في دارفور.. ونحتاج إلى أموال خارجية للسودان،فالسودان متعبة".
ويذكر الموقع أنه أصر على أنه يجب أن تكون تلك الأموال لمساعدة السودانيين فقط، وليست طريقة للتدخل في سياسة البلد، الذي يشك بأنه الدافع للتمويل السعودي والإماراتي، وقال: "إنهم يتدخلون لمصالحهم، ولا يهتمون بالشعب السوداني".
ويشير التقرير إلى أن الاستياء تنامى ضد مصر، الجار الشمالي للسودان، التي لم يعرض رئيسها، عبد الفتاح السيسي، الدعم فقط، لكنه استخدم رئاسة بلده للاتحاد الأفريقي "للتدخل" في الشأن السوداني، لافتا إلى أن المتظاهرين هتفوا بعد اجتماع الاتحاد الأفريقي وقوله بأن على المجلس العسكري السوداني أن يقوم بإصلاحات خلال ثلاثة أشهر، قائلين: "قولوا للسيسي هذه السودان.. وحدودك انت لحد أسوان".
وينقل الكاتب عن سعيد، قوله: "بالطبع ستتدخل مصر. ابتداء كانت السعودية والإمارات والسيسي يتدخلون، المشكلة هي أن السيسي يمثل الاتحاد الأفريقي، لكنه يتبع للإمارات والسعودية".
ويبين الموقع أن هناك مخاوف أيضا حول جر السودان إلى سياسات الخليج، حتى أن بعض المتضاهرين دعوا إلى الخروح حتى من الجامعة العربية.
ويلفت التقرير إلى أن قطر قامت بتقديم مساعدات مالية خلال مظاهرات شبيهة ضد البشير عام 2013، وقام الجيش بقمع تلك المظاهرات، وعرضت المساعدة في كانون الأول مرة أخرى، مشيرا إلى أن البشير سافر إلى الدوحة في كانون الثاني؛ سعيا لدعم حكومته المحاصرة.
ويستدرك أحمد بأن قطر بقيت صامتة منذ خروج البشير، مشيرا إلى أنه في الوقت الذي رحب فيه المجلس العسكري في السودان بوفد من دولتي الخليج المنافستين السعودية والإمارات في نيسان/ أبريل، فإنه اضطر إلى نفي تقارير تفيد بأنه رفض زيارة مشابهة من قطر.
ويورد الموقع نقلا عن المتحدث باسم تجمع المهنيين السودانيين الذي قام بتنظيم المظاهرات في السودان، والذي يفاوض المجلس العسكري لإنشاء سلطة انتقالية عسكرية – مدنية مشتركة، أمجد فريد، قوله: "نحن لسنا جزءا من أي تحالف إقليمي، ونحن نرحب بأي مساعدات من أي بلد، إن كانت تلك المساعدات غير مشروطة، ولا علاقة لها بالتزامات سياسية قصيرة الأمد أو طويلة الأمد".
ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالإشارة إلى قول فريد: "نحن غير مستعدين أن نكون جزءا من الديناميكية الإقليمية، نحن نتطلع إلى السير في الشأن السوداني، ونعتقد أن هذه هي الطريقة الوحيدة".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
واشنطن بوست: هل سيحيي السودان آمال الربيع العربي؟
BBC: هل أصبح السودان الساحة الجديدة للنزاع الإقليمي؟
أوبزيرفر: كيف ترك سقوط البشير السودان فريسة للقوى الإقليمية؟