تسببت المعارك التي شنها اللواء الليبي خليفة حفتر على العاصمة طرابلس في تقارب المجموعات المسلحة كافة في المنطقة الغربية حتى المناوئة للحكومة، وهو ما طرح تساؤلات حول إمكانية توحيد كل هذه المجموعات تحت راية واحدة، وأن تكون تحركات حفتر سببا في ذلك، أم إن الأمر سيتغير بعد انتهاء المعركة.
يؤكد مراقبون
ومتابعون للأحداث الجارية حاليا، أن هناك حديثا عن تشكيل جيش قوي في الغرب الليبي بعد
انتهاء هذه المعركة، التي زعموا أنها ستكون لصالح قوات حكومة الوفاق، خاصة بعد انضمام القوات كافة في الغرب لها، هذا الجيش سيشمل كل هذه المجموعات المسلحة، وسيتم "شرعنته"
في الحكومة المرتقبة.
"غرفة عمليات موحدة"
وذكر مصدر إعلامي
مقرب من رئاسة أركان الجيش بحكومة الوفاق لـ"عربي21"، أن "هناك غرفة
عمليات موحدة جمعت كل القوى المشتتة والمتناثرة في الغرب الليبي مؤخرا، وكلها هدفها
واحد وهو قتال حفتر ورد قواته إلى حيث كانت، واعتقال كل من تورط في تأييد انقلابه".
وأشار المتحدث
باسم قوة حماية مدينة "غريان" (قوة عسكرية في الغرب الليبي أول من قاومت
حفتر)، إلى أنه "بعد انتهاء المعارك وهزيمة حفتر، سيتم تشكيل جيش موحد يعمل تحت
شرعية حكومة موحدة مرتقبة، سيضم في صفوفه كل المسلحين الذين شاركوا في القتال"،
حسب تصريحاته لـ"عربي21".
فهل سيتوحد مسلحو
الغرب الليبي بالفعل؟
"حالة توازن"
من جهته، قال
الباحث الليبي، نزار كريكش إن "ما حدث يمكن تسميته موجة ثانية، وأنها ستساعد على
إدراك أهمية الاتفاق، لذا يمكن أن تدفع المشهد برمته نحو الأفضل، إلا أن هناك سيناريوهات
كثيرة يمكن أن تعكر هذا التصور".
وأوضح في تصريحات
لـ"عربي21" أنه "رغم وجود هذه السيناريوهات، قد نخرج بحالة من توازن
إمكانات السلطة، ستساعد في بناء تصور واقعي عن النظام الذي قد يصنع السلام ويحافظ عليه".
"نواة لجيش موحد"
وأكدت الأمين
العام لحزب الجبهة الوطنية الليبي، فيروز النعاس أن "عدوان حفتر على المنطقة الغربية
كان له تأثير إيجابي في الإسراع في توحيد الصفوف، والعمل تحت مظلة الجيش التابع لحكومة
الوفاق، وما يحدث الآن من القوى المسلحة هو نواة لبناء حقيقي للجيش الليبي".
وأضافت لـ"عربي21":
"أعتقد أن الوضع سيكون أفضل وقد يمثل مرتكزا حقيقيا لبناء الجيش، ولنا في قوات
"البنيان المرصوص" مثال من حيث الانضباط والانصياع للأوامر العسكرية، ورغم
أنه قد يحاول بعض هذه القوات تحقيق مصالح خاصة، لكن القيادة الحالية للمعركة يسيطر
عليها ضباط جيش عسكريون، ربما سيكون لهم دور في كبح جماح من يحاول أن يجير الوضع لنفسه"،
حسب تقديراتها.
اقرأ أيضا: السراج يوجه خطابا للشعب الليبي مع تراجع قوات حفتر (شاهد)
"مصراتة وطرابلس"
وأشار الصحفي
المقرب من القوات التابعة لحكومة الوفاق، محمد الشامي إلى أن "القوى المشتتة
في الغرب كافة، اجتمعت فعليا في غرفة عمليات واحدة وفي نفس محاور القتال، فقد توحدت قوات
مدينة مصراتة مع التشكيلات المسلحة كافة في طرابلس والزاوية وجنزور، وأصبح هدفهم واحدا؛ وهو القضاء على "حفتر".
وقال في تصريحات
لـ"عربي21" من طرابلس: "الكل تعلم الدرس جيدا من حالة التشرذم السابقة،
ولكن بعد وجود حكومة موحدة وسلطات منتخبة لن يكون الاختلاف كبيرا؛ لأن المشروع واحد
وهو دولة مدنية، لذا لن يكون هناك تشتت مرة أخرى، خاصة أن هناك جهودا تبذل لتوحيد الرؤى
السياسية بجانب الحراك العسكري"، حسب معلوماته.
ورأى الناشط
السياسي الليبي أسامة كعبار أن "الغرب الليبي يملك من النضج الفكري الذي يمكنه
فهم المتغيرات على الأرض والعمل على تحييدها، وبكل تأكيد نجح حفتر بما فعله مؤخرا فى
توحيد صف المنطقة الغربية، وجعلهم يتجاوزون كل خلافاتهم ويعملون تحت إمرة عسكرية موحدة،
أما بخصوص استغلال ذلك من قبل هؤلاء فأقول: زمن المتاجرة والتباهي بالإنجازات انتهى،
والكل يسعى الآن لقيام الدولة وبناء مؤسساتها"، وفق قوله لـ"عربي21".
"عودة المتشددين للواجهة"
لكن المدون من
الشرق الليبي، فرج فركاش أشار إلى أن "هذه العملية تسببت في زيادة الشرخ في انعدام
الثقة بين الأطراف الليبية، وعملت على إعادة المتشددين إلى الواجهة من جديد وقوت موقفهم،
وفي المقابل أضعفت التيار الوطني المنادي بالحوار وبالحلول السلمية".
وأضاف لـ"عربي21":
"سيعقد الأمر من مساعي البعثة الأممية في تحقيق أي تسوية سياسية قريبا، في ظل تخندق
الأطراف وراء مواقفها التي أصبحت أكثر تشددا، ونحن الآن نحتاج إلى معجزة للعودة إلى الوضع
قبل إعلان الحرب على "طرابلس"، بحسب وصفه.
وبدوره رأى المحلل
السياسي الليبي، إسماعيل المحيشي، أن " ما حدث من قبل حفتر هو انقلاب على كل اللقاءات
والبيانات المحلية والعربية والدولية، التي تؤكد أن الحل في ليبيا هو حل سياسي، وهو
ما ساهم في توحيد كل القوى في غرب البلاد".
وأوضح لـ"عربي21":
"الآن توحدت كل القوى السياسية والعسكرية والاجتماعية في غرب ليبيا بشكل لا يوصف
لمواجهة هذا الاعتداء، لذا نحن أمام مرحلة جديدة من التوافق في الغرب لم يحدث من قبل، حتى في حرب "البنيان المرصوص" في مدينة سرت ضد داعش".
اقرأ أيضا: رصد للتطورات الميدانية بطرابلس.. وأسرى جدد من قوات حفتر
لماذا يرفض الغرب دعم السيسي لحفتر للفوز "بكعكة" ليبيا؟
تساؤلات حول لقاء حفتر بالملك سلمان.. هكذا قرأها سياسيون
ما حقيقة وجود "خلايا نائمة" مؤيدة لحفتر في العاصمة طرابلس؟