نشر موقع "ميدل إيست
آي" البريطاني تقريرا، تساءل فيه عن الخطوات المقبلة والتحديات التي يواجهها
الحراك الشعبي في الجزائر، في وقت يرحل فيه عبد العزيز بوتفليقة، تاركا وراءه
العديد من المشكلات المؤسساتية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، التي ستمثل
تحديا كبيرا للجزائريين.
وقال الموقع، في تقريره
الذي ترجمته "عربي21"، إن قائد أركان الجيش أحمد قايد صالح، كان قد أعلن
خلال هذا الأسبوع عن مطالبته بتنحي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بعد أسابيع من
الاحتجاجات الشعبية.
وبعد وقت قصير، نشرت
وسائل الإعلام الجزائرية بيانا من الرئاسة، يعلن فيه بوتفليقة عن استقالته بشكل
فوري، وهو ما دفع بالآلاف من الجزائريين للخروج إلى الشوارع للاحتفال وإظهار
فرحتهم.
ولكن يعتبر الموقع أن
هذه الاستقالة ليست إلا خطوة أولى، والجزائريون لا يزالون مصرّين على رحيل كل
المحيطين ببوتفليقة، أو من يسمون الحرس القديم، ومن بينهم قايد صالح نفسه.
وأكد الموقع أن
الجزائريين يريدون تغييرا جذريا في قياداتهم ونظامهم السياسي. ومن أجل الحفاظ على
الزخم الشعبي وثبات الحركة الاحتجاجية، فإن هنالك بعض الخطوات الأساسية التي يجب
أن ينتبه إليها الجزائريون.
وبحسب الموقع، فإن المحتجين
يجب عليهم أولا التمسك بالمطالب التي وضعوها منذ بداية الحراك الشعبي في 22 شباط/ فبراير، إذ يجب عليهم الحفاظ على تركيزهم على رحيل بوتفليقة والحرس القديم
معه؛ لضمان حدوث تغيير حقيقي في موقع القيادة.
وأشار الموقع إلى أنه
يمكن تشبيه هذه الفكرة بثورة البلدوزر التي حدثت في صربيا، حين كان الهدف واضحا
جدا، وهو الإطاحة بالدكتاتور سلوبودان ميلوسيفيتش. وعلى الرغم من تعقيد وغموض
النظام الجزائري، فإن إحداث تغيير حقيقي في القيادة بعد التخلص من بوتفليقة يبقى
أمرا ممكنا.
وأضاف الموقع أن الجزء
الأول من هذا الهدف تم تحقيقه فعليا مع استقالة بوتفليقة، والآن يجب أن تتجه
الاحتجاجات نحو التخلص من المحيطين بهم، ومن بينهم أعضاء الحكومة الجديدة التي
عينها قبل استقالته.
وأشار الموقع إلى أن
معارضة مجموعة بوتفليقة والقيادة التي يمثلها ليست كافية، باعتبار أن رحيل هؤلاء
هو أمر ممكن في ظل تآكل الدعم الشعبي لهم، ولكن المهم هو كسب الدعم المؤسساتي،
الذي من دونه سيكون التغيير صعبا.
وأورد الموقع أن الحركة
الاحتجاجية نجحت في تجميع المواطنين بمختلف أعمارهم وطبقاتهم الاجتماعية ومناطقهم،
إلى جانب المنظمة الوطنية للمجاهدين، وعديد نواب الشعب الذين استقالوا للانضمام
لهذا الحراك، ثم إعلان حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم عن دعمه للمطالب الشعبية
خلال الشهر الماضي.
ولكن الجزائريين يحتاجون
في الوقت الحالي لتقويض الدعم الذي يحظى به خصومهم. وبعد أن تمكن المحتجون من حشد
الدعم الشعبي داخل المجتمع، يجب عليهم الآن الشروع في كسب تأييد المعارضة السلبية
وأعمدة إدارة الدولة.
وقد ظهرت بعض بوادر إقناع
عناصر الشرطة بالانضمام لهذا الحراك الشعبي، حيث إن الكثيرين منهم انضموا إلى صفوف
المحتجين معبرين عن فرحتهم، كما أن بعضهم نزعوا خوذاتهم وغادروا المكان، رافضين
القيام بعملهم، فيما خرج بعضهم إلى الشارع، رافعين شعارات ضد النظام. والآن يحتاج
هذا الحراك لإقناع المزيد من الأطراف بالتخلي عن دعمها للنظام القديم.
ونبه الموقع إلى ضرورة أن
يواصل المحتجون الجزائريون نهجهم السلمي والحذر، من خلال الاكتفاء بالتظاهر في
أيام الجمعة وبطريقة حضارية، مصحوبين بالأطفال وكبار السن، والتعبير عن آرائهم عبر
النقد والفكاهة والغناء، حتى يحافظوا على علاقتهم الإيجابية مع قوات الشرطة، وهي
علاقة قد تكون حاسمة في قادم الأيام في حالة صدور أوامر لأجهزة الأمن بإطلاق النار
على الجماهير.
وأضاف الموقع أن المحتجين
يجب عليهم أيضا مواصلة تعطيل النظام البيروقراطي الذي يدير البلاد، ففي حالة
انضمام القضاة والمحامين والأطباء والموظفين إلى الاحتجاجات، ورفضهم القيام بعملهم،
إلى جانب العاملين في قطاع النفط والغاز والتجار والأجهزة الأمنية، فإن جماعة
بوتفليقة سوف تجد نفسها في حالة عجز.
وبحسب الموقع، فإن النظام
الجزائري في حال قرر استخدام القوة ضد المحتجين العزل الذين يتظاهرون رفقة
عائلاتهم، فإن هذا سيفضح وحشيته ويقوض شرعيته على الصعيدين الوطني والدولي.
وأشار الموقع إلى أن هذا
الحرام الشعبي يحتاج إلى بعض التنظيم وتكوين فرق محلية لإدارته. وعلى الرغم من أن
المحتجين يرفضون بروز أي قيادة، لتجنب الشهرة الإعلامية أو التعرض للابتزاز
والتلاعب، لكن هذا الحراك يحتاج إلى بناء قدرات ذاتية وتنظيمية، من خلال إنشاء
فرق محلية يمكنها التحرك بشكل مستقل، وتركيز فروع في مختلف أنحاء البلاد تستجيب
للدعوات لتنسيق التحركات على مستوى وطني.
اقرأ أيضا: بعد تظاهرات الجمعة.. الجيش يجدد وقوفه مع الشعب الجزائري
وذكر الموقع أن السكان
المحليين في كل منطقة يجب عليهم مواصلة أخذ المبادرة، لتوسيع نطاق التحركات
الشعبية، إلا أن كل الأعمال المحلية يجب أن تصب في
استراتيجية موحدة، تكون مهيكلة ومنظمة رغم لا مركزيتها.
وفي الختام، اعتبر الموقع
أن إحداث تغيير حقيقي في النظام الحاكم في الجزائر هو أمر صعب، إلا أن رياح
التغيير بدأت فعلا تهب على الجزائر، ولكن نظرة واقعية تكشف أن الجزائريين يواجهون
تحديات كبيرة، والانتقال السياسي قد يكون صعبا، والتقدم نحو الديمقراطية سيكون
بطيئا، بسبب حجم الدمار المؤسساتي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي الذي خلفه
بوتفليقة.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
لماذا تلاحق فرنسا تطورات حراك الجزائر.. أين مصالحها؟
قايد صالح.. رجل الجيش والشخصية المحورية في الجزائر
دستوريا.. ماذا بعد استقالة بوتفليقة وطبيعة المرحلة الانتقالية؟