أمام لجنة في الكونجرس في الأيام القليلة الماضية، طُرح سؤال بسيط على مايك بومبيو وزير الخارجية الأميركي بشأن متى ستكشف الولايات المتحدة عن خطتها التي طال انتظارها للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين والتي يباشرها جاريد كوشنر زوج ابنة الرئيس دونالد ترامب؟ فأجاب وزير الخارجية الأميركي ضاحكا بالقول: «اعتقد أنه يمكننا الانتظار أقل من 20 عاما. أفضل ألا أكون أكثر دقة».
صحيح أن بومبيو كان
مازحا، لكن كلامه يلقي الضوء على حقيقة غير سعيدة وهي أن خطة إدارة ترامب للسلام
أمامها وقت طويل حتى تظهر ولم يتم الكشف إلا عن تفاصيل قليلة. وكان بومبيو يبتسم
لكن الذين كانوا يأملون أن تصبح الخطة حلا لواحدة من أكثر مشكلات الشرق الأوسط
استعصاء على الحل يخشون من الانتظار إلى ما لانهاية.
وقبل
مراسم تنصيبه في يناير 2017، صرح ترامب لصحيفة تايمز اللندنية أن كوشنر سيقود
العملية، وعندما كان مستشارا بارزا للرئيس- توجه إلى الشرق الأوسط في يونيو. وأخبر
كوشنر حينها صحيفة فلسطينية أن خطته ستُعلن قريبا، وأضاف «أوشكنا على الانتهاء».
وبعد ذلك بشهرين، أشار تسجيل صوتي مسرب إلى أن كوشنر ليس متأكدا إذا ما كان لديه
خطة أصلا. فقد صرح أمام متدربين في البيت الأبيض في أغسطس عام 2017 قائلا «ربما لا
يكون هناك حل. لكنها واحدة من طائفة من المشكلات التي طلب الرئيس منا التركيز
عليها».
وتحذير
كوشنر الخاص ربما كان حكيما. وبعد عام ونصف العام من هذه التصريحات، لم تنشر خطته
للسلام بعد. وفي الآونة الأخيرة كتب مايكل ويلنر من شركة مكلاتشي للأنباء أن الخطة
«مكتملة إلى حد كبير» لكنها قد لا يجري نشرها إلا بعد انتخابات إسرائيل في التاسع
من أبريل. والآمال لم تكن منخفضة بحال من الأحوال. فقد كتب شالوم ليبنر -الزميل في
مركز مجلس الأطلسي البحثي الذي عمل في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي 26 عاما-
مقالا في الآونة الأخيرة لمجلة بوليتكو جاء فيه إن جهود كوشنر تذكره بآمال دون
كيخوته المفرطة في الخيال.
ولا
غرابة في أن يتعثر كوشنر في التوصل إلى اتفاق سلام في الشرق الأوسط. فقد تعثر
أشخاص آخرون أصحاب خبرة أثقل بكثير من كوشنر في هذا المسعى. وعملية السلام في حالة
سبات إلى حد كبير قبل سنوات من تولي ترامب المنصب بعد انهيار عملية استمرت تسعة
أشهر قادتها إدارة أوباما عام 2014. ورغم ظهور آمال عام 2016 بأن دولة أخرى قد
تتزعم محادثات جديدة لكن أحدا لم يتجاسر على هذا. وكتبت سارة هيلم في صحيفة واشنطن
تايمز في الآونة الأخيرة تقول «الفلسطينيون لم يصلوا إلى مثل هذه الدرجة من الضعف
من قبل قط وإسرائيل لم تبلغ مثل هذه الدرجة من التشدد واحتمالات السلام لم تكن
بمثل هذا البؤس. ولذا يسعد الأوروبيون أن يشاهدوا السيد كوشنر وهو يفشل».
لكن
لماذا نفترض أن كوشنر سيفشل؟ فمع انغماس مفاوضات سلام الشرق الأوسط لفترة طويلة في
جدل بشأن اتفاقات أوسلو التي أبرمت قبل ربع قرن من الزمن، تأمل إدارة ترامب على
الأقل أن تحيي العملية. وكان بومبيو قد صرح أمام الكونجرس في الآونة الأخيرة قائلا
«اعتقد أن لدينا بعض الأفكار الجديدة والطازجة والمختلفة». قد يكون هذا صحيحا لكن
«مختلف» لا تعني بالضرورة «أفضل» أو «جيد». فقد تعلق أمل كوشنر فيما يبدو في بداية
الأمر بأن يدفع تقديم الحوافز الاقتصادية وحدها الفلسطينيين إلى تقديم تنازلات.
وبعض التقارير تشير إلى أنه يضيف الآن تبادل الأراضي إلى الصفقة.
وصرح
كوشنر في مقابلة مع قناة سكاي نيوز العربية، الشهر الماضي في وارسو، أن خطته ستركز
على قضايا الحدود. وجاء في كتاب صدر في الآونة الأخيرة للصحفي فيكي وارد أن كوشنر
اقترح في إحدى المراحل فكرة مختلفة وهي إجراء تعديلات في الحدود وجرت السخرية على
نطاق واسع من الفكرة. ونأت الإدارة بنفسها سريعا عنها ووصفتها بأنها معلومات
مغلوطة. وما يثير بالفعل قلق الناس بشأن خطة كوشنر للسلام ليس الإشاعات المخيفة
التي تتعلق بتفاصيلها بل يتعلق الأمر بما حدث خارج الخطة بالفعل. ومنذ تولي المنصب
قام ترامب بعدة إجراءات مقصود بها فيما يبدو الضغط على الجانب الفلسطيني ومعاقبته.
وتفاقم تعقيد القضية بعد اعتراف ترامب بالسيطرة الإسرائيلية على هضبة الجولان التي
استولت عليها إسرائيل عام 1967. وجاء الاعتراف في وقت قُصد به فيما يبدو دعم رئيس
الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو- وهو صديق لأسرة كوشنر- قبل انتخابات التاسع
من أبريل في إسرائيل.
عن صحيفة الاتحاد الإماراتية