طرحت اللقاءات المتكررة بين رئيس حكومة الوفاق المدعوم دوليا، فائز
السراج وبين اللواء، خليفة
حفتر مزيدا من التكهنات حول محاولات دولية وإقليمية لحصر الأزمة بين شخصين فقط لا يمثلان كافة الأطياف الليبية، خاصة أن أغلب اللقاءات بينهما لم تفض لأي نتائج على الأرض.
والتقى "السراج" بـ"حفتر" عدة مرات، منها: لقاء في العاصمة الفرنسية "باريس"، ثم في إيطاليا ثم لقاء أخير جمعهما في دولة الإمارات، وسط حالة انتقاد واسعة لهذه اللقاءات التي تتم دون نتائج ملموسة.
اجتماع جديد
وزعمت صحيفة "الشرق الأوسط" نقلا عن مصادر اسمتها بالمطلعة أن "ترتيبات تتم حالياً لعقد اجتماع جديد خلال الأسبوع المقبل بين "السراج" و"حفتر"، استكمالا للتفاهم الذي تم بينهما مؤخراً في "أبوظبي" والذي اتفقا فيه على إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية قبل نهاية العام الحالي"، حسب الصحيفة.
وذكرت الصحيفة أن "هناك مساع مصرية وإماراتية لضم رئيس البرلمان الليبي، عقيلة صالح لهذا الاجتماع الذي لم يحدد موعده بعد، وهل سيكون في القاهرة أم أبوظبي مرة أخرى".
وبعد تكرار اللقاءات بينهما، يتم طرح تساؤلات ومنها: لماذا انحصرت أزمة
ليبيا بين "السراج" و"حفتر"؟ وما مدى قوة الطرفين في الداخل الليبي حاليا؟
الأقوى يفرض نفسه
من جهته، قال وزير التخطيط الليبي السابق، عيسى التويجر إن "الأمم المتحدة تهتم بمراكز القوة وخاصة من تسميهم "المفسدون"، ولقد استطاع "حفتر" أن يخلق قوة له وإن كانت تبدو أكثر من حقيقتها بمساعدة القوى الخارجية والاستعانة بالمرتزقة"، حسب كلامه.
وأضاف في تصريحات لـ"
عربي21": "وعقيلة صالح يستمد قوته من اختطافه للبرلمان متكئا على القبائل هناك، و"السراج" أصبح يمثل اليوم اتجاه الدولة المدنية وقد استطاع جذب كثير من قوى التأثير بأساليب ظاهرة للعيان، وتعتقد الأمم المتحدة أن باقي القوى إما أن تكون داعمة أو مقدور عليها أو يمكن تجاهلها".
واستدرك: "وقد نفاجأ ببروز قوى أخرى، لكن نخشى أن تكون تحركات الأمم المتحدة رغم أنها تهدف إلى حل المشكلة إلا أن مضاعفاتها قد تنزلق بالبلاد إلى حكم ظاهره مدني وحقيقته عسكري"، كما قال.
لم الاختزال؟
وأشار رئيس التجمع الوطني للشباب بطرابلس (مستقل)، عبدالقادر معيتيق إلى أن "المجتمع المدني والحقوقي في ليبيا يرفض أن يتم اختزال القضية الليبية في مجرد صراع بين طرفين "حفتر والسراج"، والأفضل هو وضع أسس حقيقية لبناء دولة مدنية ذات سيادة ودستور".
وتابع في تصريحه لـ"
عربي21": "اختزال القضية بين طرفين سيزيد الوضع سوءا وسيزيد من الانقسامات، لذا مطلوب من المجتمع الدولي ومن مبعوث الأمم المتحدة العمل مع القوى الوطنية الحقيقية في رسم السياسات الليبية والأسس لبناء دولة مدنية وفق دستور وتشريعات تضبط الجميع وتحدد مسارهم"، وفق رأيه.
مصر والإمارات
وقال الصحفي من الغرب الليبي، محمد سالم إن "اللقاء القادم بين "السراج" وحفتر إن تم فربما سيكون له علاقة بالترتيبات للمؤتمر الوطني الجامع الذي تحشد له الأمم المتحدة، لكن الغريب أن يكون الاجتماعان السابق والمرتقب في مقر داعمي "حفتر" مصر والإمارات".
وأوضح لـ"
عربي21" أن "القوة الفعلية لحفتر تتلخص في سيطرته الكاملة على المنطقة الشرقية وتواجده أيضا في الجنوب الذي يشهد نزاعا مستمرا حتى الآن، أما بخصوص "السراج" فليس لديه قوة على الأرض، لكنه يملك قوة مالية باعتبار المؤسسات المالية والحيوية تحت نفوذ حكومته لا أكثر"، وفق تقديراته.
مراحل انتقالية
ورأى المحلل السياسي الليبي، إسماعيل المحيشي أن "حصر القضية بين "السراج" وحفتر يؤكد بأن الصراع في ليبيا أصبح صراعا إقليميا ودوليا وأن المواطن هو من سيتحمل تكلفة هذا الصراع، لذا يوجد خلل كبير في عمل بعثة الأمم المتحدة في ليبيا ولا تملك رؤية شاملة للحل وكل ما يحدث هو تعقيد للمشهد السياسي".
وأكد أن "الأهم الآن هو الاستفتاء على الدستور حتى ننتقل من هذه المراحل الانتقالية إلى مرحلة ما بعد الدستور، لكن البعثة الأممية والكثير من الأطراف الدولية والإقليمية تقف عائقا أمام إنجاز هذه المرحلة، ما يجعل ليبيا تنتقل من مرحلة انتقالية معقدة لأخرى أكثر تعقيدا"، حسب تصريحه لـ"
عربي21".
لقاء غير صحيح
وبدوره، قال الباحث السياسي الليبي، علي أبو زيد: "أعتقد أن خبر اللقاء غير دقيق لعدة اعتبارات، منها أن حفتر لم يعلق على لقاء "أبوظبي" بما يشير إلى رضاه عن مخرجاته، كما أن "السراج" يدرك صعوبة إتمام أي اتفاق مع "حفتر" ما لم يحصل على زخم ودعم في الغرب الليبي".
وأضاف لـ"
عربي21": "كما أن لقاء "أبوظبي" كان الانطلاقة الفعلية للإعداد النهائي للملتقى الجامع، ويبدو أن مصر والإمارات -إن صح عقد هذا اللقاء- تحاول عقد صفقة مع "السراج" لصالح حليفها "حفتر" وهذا صعب لإدراك السراج نفسه خطورة الانزلاق في هذا المسار"، حسب وصفه.