نشر موقع "أن بي سي نيوز" تقريرا لمراسله جوش ليدرمان، يقول فيه إن محققي مجلس الشيوخ يحذرون من أن الصين افتتحت مراكز تديرها الحكومة في أكثر من 100 جامعة أمريكية، وأنفقت أكثر من 158 مليون دولار على معاهد كونفوشيوس، التي تنشر التأثير الصيني وتقوم بعملها دون رقابة من الحكومة الأمريكية.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الحكومة الصينية تسيطر على نواحي عمل المعاهد كلها، بما في ذلك تمويلها، وشؤون الموظفين والبرامج، بحسب تقرير جديد من الحزبين قدمته اللجنة الفرعية الدائمة للتحقيقات في مجلس الشيوخ، لافتا إلى أن تغلغل هذه المعاهد أثار أيضا مخاوف من التجسس، وأثار اهتماما كبير من مكتب التحقيقات الفيدرالي، بما في ذلك فرع مكافحة الجاسوسية.
ويلفت ليدرمان إلى أن هذه التحذيرات تأتي وسط مخاوف حول توسع مساحة البصمة الصينية على مستوى العالم، مدفوعة بالاستثمار في كل شيء، من الشوارع والمطارات إلى تكنولوجيا اللاسلكي من الجيل الخامس، وهو ما يشكل تهديدا أمنيا ومخاطرة في مكافحة الجاسوسية لأمريكا وغيرها من البلدان.
ويذكر الموقع أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أغدق المديح على الرئيس الصيني شي جين بينغ، وأعلن يوم الأحد أنه سيقوم بتعليق زيادة في التعرفة كان قد وعد بها؛ لأن شي يخطط لزيارته في منتجعه في مارالاغو، لعقد قمة تهدف إلى إنهاء الحرب التجارية، مشيرا إلى أن الصين تؤدي دورا مركزيا بالنسبة لترامب، في وقت يعقد فيه قمة نووية ثانية هذا الأسبوع في فيتنام مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، الذي تعتمد بلاده على التجارة الصينية بشكل كبير.
ويفيد التقرير بأن معاهد كونفوشيوس، التي تقدم نفسها على أنها مراكز لغة وثقافة، بدأت بالظهور في أمريكا عام 2006، مشيرا إلى أن هناك حوالي 110 معاهد موجودة حاليا في 44 ولاية أمريكية، من بين أكثر من 500 معهد في العالم، تديرها جميعا بكين من خلال وزارة التعليم، حيث تستثمر الصين حوالي 100 ألف إلى 200 ألف لإنشاء كل مركز، ثم 100 ألف دولار أخرى في العام لتشغيله، بحسب محققي مجلس الشيوخ.
ويبين الكاتب أن هذه المعاهد مثيرة للجدل إلى درجة أن أكثر من 10 جامعات أمريكية أعلنت في الأشهر الأخيرة أنها ستغلقها، مشيرا إلى أن إقليم برونسويك في كندا قام بإغلاق المعهد الوحيد فيه، فيما دعا أعضاء البرلمان البريطاني إلى إيقاف افتتاح معاهد جديدة في المملكة المتحدة.
ويقول الموقع إنه بالنسبة للجامعات الأمريكية، فإن إغراء هذه المعاهد كان أكبر من أن يقاوم، فدون أي استثمار من الجامعات تحصل على مدرسين وتدريب لغوي وبرامج ثقافية حول منطقة يحرص الطلاب الأمريكيون أن يتعلموا عنها.
ويستدرك التقرير بأن المثير للقلق هو أن تلك الاستثمارات تأتي بشروط، فاكتشف محققو مجلس الشيوخ أن مناقشة القضايا الحساسة سياسيا، مثل تايوان، ممنوعة في معاهد كونفوشيوس، لافتا إلى أن الطلب من بعض الجامعات أن يلتزم المدرسون بالقانون الصيني فيه خطورة بأن تمتد الرقابة إلى أمريكا.
وينقل ليدرمان عن السيناتور روب بورتمان (جمهوري عن أوهايو)، الذي يترأس لجنة الشيوخ المعنية، قوله إن الجامعات الأمريكية تسمح بمستوى من التدخل للحكومة الصينية قد يؤدي إلى "خنق الحرية الأكاديمية"، ويوفر "صورة غير مكتملة لأفعال الحكومة الصينية وسياساتها التي تسير عكس مصالح أمريكا في البلاد وخارجها".
ويضيف بورتمان: "في ظل غياب الشفافية حول كيفية عمل معاهد كونفوشيوس، ووجود تبادلية تسمح بجهود إيصال الثقافة الأمريكية للجامعات الصينية، فإنه يجب ألا تستمر معاهد كونفوشيوس في أمريكا".
ويجد الموقع أنه مع أن سيناتور منطقة ديلوار، توم كاربر، أكبر ديمقراطي في اللجنة، قال إن مجلس الشيوخ اكتشف "عدم وجود أدلة على كون هذه المعاهد تشكل مركزا للجاسوسية الصينية، أو أي نشاط غير شرعي"، إلا أن المعاهد استدعت انتباه مكتب التحقيقات الفيدرالية لسنوات عديدة.
ويورد التقرير نقلا عن مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية، كريس وراي، قوله لمجلس الشيوخ العام الماضي، بأن مؤسسات فرض القانون "تراقب بحذر"، وفي بعض الحالات تتخد خطوات تحقيقية، بالإضافة إلى أن مدير قسم مكافحة التجسس في مكتب التحقيقات الفيدرالية بيل بريستاب كان قد حذر الشهر الماضي من أن المعاهد "في المحصلة مدينة للحكومة الصينية"، وقال بريستاب للجنة القضائية في مجلس الشيوخ: "كان هناك حالات يبدو أن المعاهد قامت بقمع حرية التعبير".
وينقل الكاتب عن مساعد مدير مكافحة الجاسوسية في مكتب التحقيقات الفيدرالية سابقا ومحلل فرض القانون لدى "أن بي سي نيوز"، فرانك فيغليوزي، قوله إن على الجامعات الأمريكية أن تكون واعية لمخاطر الدخول في علاقة مع معاهد كونفوشيوس؛ "وذلك لأن من الواضح أن هناك فرصة لاستغلال المخابرات الصينية عندما ترى الأموال التي تنفق عليها".
وأضاف فيغليوزي: "تحتاج الجامعات والمجتمعات التي تعتقد أنها تحصل على شيء دون مقابل أن تفهم أن الأمور لا تعمل هكذا.. هناك أجندة، وتستخدم الحكومة الصينية منصات أخرى لاختراق مجتمعنا وأن تشكل وتؤثر على تفكيرنا ومواقفنا تجاه الصين".
وينوه الموقع إلى أن تحقيق بورتمان وكاربر يلقي باللائمة على كل من وزارة الخارجية ووزارة التعليم؛ لعدم وجود ما يكفي من المراقبة لتلك المعاهد؛ ولفشلهما في مطالبة الحكومة الصينية بالمقابل بفتح معاهد ثقافية أمريكية.
ويشير التقرير إلى أنه بحسب القانون الفيدرالي، فإن أي معهد أمريكي يستقبل منحة قيمتها أكثر من 250 ألف دولار في السنة يجب أن يبلغ وزارة التعليم عن ذلك، لكن تحقيق مجلس الشيوخ وجد أن 70% من الجامعات التي تستقبل ذلك المبلغ أو أكثر من الصين لم تبلغ عنه بالشكل الصحيح، دون أن يكون لذلك أي تداعيات.
ويقول ليدرمان إن وزارة الخارجية لا تتابع عدد التأشيرات التعليمية الخاصة (J-1) الممنوحة لمدرسي معهد كونفوشيوس، بحسب التقرير، ما يجعل من الصعب متابعة الحالات التي قد يتم فيها استخدام التأشيرة بشكل غير لائق، لافتا إلى أن المحققين وجدوا بأن وزارة الخارجية قامت بزيارتين ميدانيتين لمعهدين فقط -كلاهما في عام 2018– ووجدوا تجاوزات في التأشيرات في المعهدين مثل الوثائق المزورة، أو سوء استخدام تأشيرات الأبحاث، وقالت الخارجية لمجلس الشيوخ إنها تزمع القيام بأربع زيارات للمعاهد هذا العام.
ويفيد الموقع بأن المسؤولين وجدوا في أحد المعاهد التي قامت وزارة الخارجية بزيارتها أدلة على الخداع، بحسب ما ذكر التقرير، بما في ذلك قيام المدير المشارك للمعهد بإجراء تدريبات للموظفين "المجلوبين من الصين" للتدرب على مايقولون حول الأبحاث التي سيجرونها في المعهد، ولا يذكر التحقيق اسم المعهد، وقالت وزارة الخارجية إن سلطتها في مراقبة أنشطة معاهد كونفوشيوس محدودة ولكن حيث أمكن "نقوم بالمراقبة الجادة والتعاون مع الجامعات المعنية للتأكد من الالتزام بكل قواعد برنامج تبادل الزائرين".
وبحسب التقرير، فإن وزارة التعليم لم تستجب لطلب التعليق ، مع أنه يتوقع إدلاء مسؤولين من الوزارتين بشهاداتهم أمام لجنة الشيوخ يوم الخميس، بالإضافة إلى أن السفارة الصينية في واشنطن لم ترد على رسالة بريد إلكتروني تطلب التعليق.
وينقل الكاتب عن مركز معاهد كونفوشيوس في واشنطن، وهو منظمة غير ربحية، قوله إن وجوده هو لأجل دعم أكثر من مئة معهد في أمريكا، وأن المعاهد "تعمل على تعليم اللغة الصينية باحترافية واحترام".
ويختم "أن بي سي نيوز" تقريره بالإشارة إلى أن المركز قال في بيان له: "نتفق أيضا مع توصيات التقرير بأن الشفافية ستساعد على تهدئة مخاوف الناس حول كيفية إدارة الجامعات لمعاهد كونفوشيوس لديها"، وعرض المساعدة إن طلبتها الحكومة الأمريكية منه.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
WSJ: ما تأثير صفقة الإمارات مع هواوي على علاقتها بأمريكا؟
وول ستريت: لماذا قدم ابن سلمان بكين على مسلمي الإيغور؟
FP: كيف ستؤثر عقوبات فنزويلا على استراتيجية ترامب بإيران؟