لم يكن التونسيون بمعزل عن مجريات الأحداث الدائرة بالجزائر، حيث تراقب الأوساط السياسية تطورات الاحتجاجات ضد ترشيح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، بين متوجس ومؤيد، وبين من فضل البقاء على الحياد بشأن اعتبره يخص الجزائريين وحدهم.
وكان أول موقف رسمي تونسي، صدر عن الرئيس الباجي قائد السبسي، خلال مشاركته في فعاليات الاجتماع الـ40 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في جنيف، ونقلته عنه وسائل إعلام محلية.
وقال السبسي، إن تونس ''لا تقدم دروسا للآخرين''، وذلك في أول تعليق له على الاحتجاجات التي تشهدها الجزائر،، ضد ترشح بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، وأكد أن "الشعب الجزائري، الذي قاوم الاستعمار لمدة 130 عاما، يعرف ماذا يفعل، وأن من حقه أن يعبّر مثلما يشاء، وأن يختار حكامه بحرية".
حق الاحتجاج مضمون
من جهته قال النائب عن حركة النهضة ناجي الجمل في تصريحات لـ"عربي21"، إن"الجزائر من الدول القليلة في العالم العربي، التي حمت ظهر التجربة التونسية، ولها الفضل في ذلك ونحن لا نتمنى للجزائريين إلا الخير".
إلا أن القيادي بالنهضة استدرك بالقول: "لا يمكن مصادرة حق الشعب الجزائري في أن يكون طموحا لدولة أكثر ديمقراطية وحرية، وأكثر ازدهار اقتصادي واجتماعي".
وشدد الجمل على أن "الجزائريين شعبا وسلطة ومعارضة، وعوا الدرس، ولن يسمحوا لأي جهة داخلية أو خارجية أن تعيد شبح العشرية السوداء وسنوات الفوضى والدماء".
"مؤامرة إخوانية"
على الجانب الآخر، وصف القيادي في حزب نداء تونس عبد الستار المسعودي ما يحدث في الجزائر بـ"المؤامرة الإخوانية"، محذرا من محاولة الإسلاميين هناك استغلال الظرف الصحي لبوتفليقة لتجييش الشارع .
وأضاف في تصريح لـ"عربي21":" بوتفليقة رمز وطني لكل الجزائريين، ونظامهم مبني على سلطة الجيش، بالتالي ليس من السهل أن يتخلى عن السلطة أو يتركها في يد العابثين بأمنها وثرواتها".
واعتبر المسعودي أن الجزائر "مستهدفة منذ فترة من جهات أجنبية"، لافتا إلى أن "الشعب الجزائري له من الوعي ومما عاشه من أزمات، أن يحبط أي مخطط يستهدف استقرار البلد ويجره لمربع الصراع والتطاحن."
"استفزاز للجزائريين"
أما الناشط السياسي، طارق الكحلاوي، فاعتبر أن إعادة ترشيح بوتفليقة يعد "استفزازا واضحا للجزائريين بالنظر للشكوك الكبيرة في قدرته على إدارة البلاد، وللصلاحيات الواسعة التي يتمتع بها الرجل.
وتابع في تصريح لـ"عربي21": "النظام هناك يتحمل المسؤولية الأكبر، في ضمان سلاسة الانتقال الديمقراطي وتجنيب البلاد الفوضى، عبر توفير آليات وسياقات تسمح بانتقال ديمقراطي ناجح بعيدا عن أي استقطاب".
ورأى الكحلاوي أن "الإشكال الحقيقي في الجزائر، يكمن في مدى وجود قوى ديمقراطية تقدمية تشكل صمام أمان لما بعد حكم بوتفليقة، بعيدا عن مبدأ الاستقطاب بين حكم الجيش أو حكم الإسلاميين".
وختم بالقول: "الوضع مقلق ودقيق ومفتوح على جميع السيناريوهات، وأي تصاعد في الأحداث سينعكس آليا على تونس، ونتمنى أنه مثلما ساهم الجيش الجزائري في الماضي بإنقاذ البلد، أن يساهم الآن في وضعه على سكة الانتقال الديمقراطي".
"تفاعل النشطاء"
وشهدت شبكات التواصل الاجتماعي في تونس، تفاعلا مع مجريات الأحداث في الجزائر، حيث كتبت الناشطة السياسية، نزيهة رجيبة، عبر صفحتها تدوينة ساخرة قالت فيها: "بوتفليقة ضمانة للجزائر! وقد يقال نفس الشيء عن السبسي في تونس..صباح العقل السليم".
بدوره اعتبر الناشط رامي صالحي أن "أهل الجزائر أدرى بشعابها"، وتابع عبر تدوينة له: "لديهم من النخبة والمثقفين والمناضلين ما يسمح لهم بمعرفة مصلحة بلادهم، نحن كأشقاء نتمنى لهم النجاح فيما يختارونه".
المغرب.. صمت رسمي وحديث إعلامي عن رئاسيات الجزائر
اضطرابات الشوارع تكسر محظورا في الجزائر: الحديث بالسياسة
جدل وانقسامات ببرلمان تونس حول "الهوية العربية الإسلامية"