نشرت صحيفة" لوفيغارو" الفرنسية تقريرا سلطت من خلاله الضوء، على القلق الذي انتاب الأوروبيين، بعد التهديدات الأخيرة غير المباشرة، التي وجهها إليهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن ترامب دعا حلفاءه إلى إعادة الجهاديين الأوروبيين إلى أوطانهم.
وفي حال لم يفعلوا ذلك، سيطلق سراحهم. وتنعكس الفوضى الميدانية، بصفة عامة، من خلال الاضطراب الديبلوماسي الطاغي على المحافل الدبلوماسية الكبرى، خاصة فيما يتعلق بسوريا والشرق الأوسط.
ولن تخرج نسخة مؤتمر ميونيخ للأمن لسنة 2019 عن هذه القاعدة. وقد سلطت المعركة الأخيرة ضد تنظيم الدولة الضوء مجددا، على التنافسات واللبس الذي يشوب العلاقات بين القوى المتدخلة، بشكل مباشر أو غير مباشر في سوريا.
وأوردت الصحيفة أن إعلان دونالد ترامب في كانون الأول/ ديسمبر، عن الانسحاب المرتقب للقوات الأمريكية من سوريا، قد أعاد خلط الأوراق في بلاد الشام.
كما زرعت هذه الخطوة بذور الشك والقلق، في صفوف المسؤولين والدبلوماسيين. ولم يخف الحلفاء الأوروبيون عدم استيعابهم للاستراتيجية الأمريكية.
وفي مواجهة عضو مجلس الشيوخ ليندسي غراهام، تساءل وزير الشؤون الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان قائلا: "أنا لا أفهم كيف يمكنكم، في الآن ذاته، اتخاذ موقف صارم من إيران ومغادرة سوريا"، حيث يتنامى النفوذ الإيراني.
اقرا أيضا : "قسد" تناشد الدول الأوروبية نشر قوة دولية شمال سوريا
وبينت الصحيفة أن إيران كانت محور الخطاب الذي ألقاه نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس، الذي اعتبر هذه الدولة "بمثابة الممول الرئيسي للإرهاب" في العالم.
وأكد بنس، حاثا الأوروبيين على الانسحاب بدورهم من الاتفاق النووي، أن "الوقت قد حان للتحرك". وتعليقا على تصريحاته، أجابه وزير الشؤون الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن بلاده أصبحت "هدفا للهوس الأمريكي".
ونوهت الصحيفة بأن الشعور بالارتباك لدى الأوروبيين قد تعمق، بسبب التصريحات المتناقضة لبعض المسؤولين الأمريكيين.
فقد أوضح مايك بنس، الذي وعد بأن الولايات المتحدة ستحافظ على حضورها العسكري في المنطقة، وستواصل العمل مع حلفائها لمحاربة الجهاديين، ومنعهم من إعادة تشكيل صفوفهم، أن الولايات المتحدة "في الشرق الأوسط، تغير خطتها وليس استراتيجيتها".
ووفقا لبانس، يمكن تلخيص الاختلاف بين هذين الأمرين في جملة واحدة: "نحن سنواجه كل تحد جديد بشكل صريح، لأننا نرغب في رؤية العالم كما هو وليس كما نريده أن يكون".
وفي اليوم التالي، حاول الممثل الأمريكي الخاص في سوريا السفير جيمس فرانكلين جيفري، طمأنة حلفائه القلقين، واعدا إياهم بأن الانسحاب من سوريا لن يكون بصفة "مباشرة"، وإنما "منظما بإحكام" "وتدريجيا".
وفي الأثناء، كتب ترامب تغريدة على تويتر حث فيها الأوروبيين، على إعادة سجنائهم المتطرفين المتواجدين في سوريا، لمحاكمتهم في باريس أو برلين أو لندن.
اقرأ أيضا : اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي لمناقشة ملف سوريا
وأشارت الصحيفة إلى أن تنظيم الدولة بصدد فقدان آخر معاقله في سوريا، ولم يبق له بديل سوى نشر الفوضى في أوروبا، على حد تعبير مايك بنس.
وباستثناء أنغيلا ميركل، لم يقف الزعماء الأوروبيون في وجه قرارات دونالد ترامب، سوى في مناسبات قليلة بشأن الملف السوري، وذلك لاستنكار السياسة الأمريكية الأحادية.
ومنذ فتح ملف البريكسيت، فقد البريطانيون صوتهم وطاقتهم الدبلوماسية. أما بالنسبة لإيمانويل ماكرون، الذي مازال يحافظ على تدخل بلاده في الملف السوري والإيراني، فقد قرر إلغاء رحلته إلى ميونيخ للحفاظ على مكانته في الساحة الدولية.
وأكدت الصحيفة أن مؤتمر ميونيخ للأمن، الذي يشرف عليه الديمقراطيون الغربيون منذ فترة طويلة، يتكيف مع التغيرات التي تطرأ على موازين القوى في العالم، ومع بروز القوى الناشئة أو غير الديمقراطية.
ولكن لسائل أن يسأل، هل ذلك يعد بمثابة خبر سار بالنسبة لسوريا؟ يؤمن المبعوث الأممي الجديد الخاص إلى سوريا، جير بيدرسون، بأن الوضع الجديد على الساحة في سوريا سيساهم في تحقيق المصالحة بين جميع أطراف النزاع.
ولكن يبقى مستقبل بشار الأسد محل خلاف بين الأطراف المتدخلة في الملف السوري، إذ أن تركيا لا تريد مغادرة سوريا، وإيران تحاول التغلغل أكثر في الشام، في حين أن روسيا تعمل على فرض حل سياسي، أما نظام دمشق فمازال يؤمن بمنطق القوة.
وفي الختام، قالت الصحيفة إن القوى التي تقود حربا بالوكالة في الشام (روسيا، الولايات المتحدة، تركيا، إيران، ودول الخليج) مازالت الخلافات بينها قائمة.
وعوضا عن دفع بخطة السلام في سوريا، فإن التغييرات التي شهدتها هذه الساحة يمكن أن تحيي من جديد خلافات قديمة.
واشنطن بوست: ما هو مصير أطفال تنظيم الدولة؟
نيويورك تايمز: ماذا قال التقييم الأمني الأمريكي لعام 2019؟
التايمز: أنصار النظام السوري يحتجون على نقص الوقود