نشر موقع "بلومبيرغ" مقالا للكاتب بوبي غوش، يشير فيه للتحديات التي يواجهها الاتحاد العام التونسي للشغل.
ويقول غوش في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن "الساسة والناشطين في تونس يحاولون تجنب المواجهة مع أكبر اتحاد عمال في البلد، فاتحاد الشغل التونسي لا يستطيع فقط شل الحركة في البلاد، كما فعل في 17 كانون الثاني/ يناير، عندما طالب برفع أجور موظفي الخدمة المدنية، بل إنه يتمتع أيضا باحترام واسع بين التونسيين العاديين الذين ينظرون إليه على أنه حام للحرية التي فازوا بها بعد الربيع العربي".
ويشير الكاتب إلى أن اتحاد الشغل حصل مع منظمتين من منظمات المجتمع المدني على جائزة نوبل للدور الذي قامت به في الإشراف على عمليات التحول من الديكتاتورية إلى الديمقراطية بعد الثورة عام 2011، لافتا إلى أن الاتحاد يفتخر بتاريخه في المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي قبل الاستقلال عام 1958، وللدور الذي قام به بصفته مراقبا على سياسات الحكومة.
وينقل الموقع عن السكرتير العام للاتحاد محمد علي البوغديري، قوله إنه "مختلف عن أي اتحاد في العالم.. نحن لا نقاتل من أجل الخبر والملابس، لكن من أجل الكرامة الوطنية".
ويعلق غوش قائلا إنه "لهذا السبب فإنه بعد أسبوع من المقابلات في تونس مع الطيف السياسي هناك، لم يسمع إلا نقد لطيف للاتحاد، رافقه الحديث عن محاذير، وهذا كله رغم ما تمثله مطالب الاتحاد من تحديات للإصلاح الاقتصادي الذي يحتاجه البلد".
ويورد الموقع نقلا عن مستشار للرئاسة، قوله: "مطالبه شرعية لكن الدولة ليست لديها المصادر"، فيما تقول المدونة لينا بن مهني: "المطالب مشروعة والحياة أصبحت أصعب وأصعب"، وقال منسق حزب نداء تونس رضا بلحاج: "يطالبون بتعويضات فقط عن التضخم، وهم أناس مسؤولون".
ويعلق الكاتب قائلا: "شرعية؟ مسؤولية؟ فميزانية الخدمة المدنية تضاعفت منذ عام 2010، وتشكل نسبة 40% من الميزانية العامة، وربما كانت النسبة الأعلى في العالم".
ويلفت الموقع إلى أن البوغديري يناقش أن التضخم طغى على المكاسب من زيادة الأجور كلها، مشيرا إلى أن الاتحاد يزعم أن الحكومة قادرة على امتصاص مبلغ 700 مليون دولار، من خلال زيادة الرواتب عبر ملاحقة الاقتصاد السري الذي يتجنب دفع الضريبة، ويشك الاقتصاديون بأن يكون هذا كافيا إن كان ممكنا.
ويقول غوش: "صحيح أن التضخم أدى إلى انخفاض القدرة الشرائية، إلا أن مطالب الاتحاد تعقد من محاولات الحكومة السيطرة على الأسعار، ويقف الاتحاد في طريق عمليات خصخصة الاقتصاد، حيث تعمل الدولة وتبيع بطريقة غير فعالة، من تجارة السجائر إلى الإسمنت".
وينوه الكاتب إلى أن "الاتحاد حدد الإضراب العام المقبل في الفترة ما بين 20- 21 شباط/ فبراير، ولأن الاتحاد يمثل 670 ألف موظف في الخدمة العامة، أي جزء كبير من القوة العاملة في بلد يبلغ تعداد سكانه 11.5 مليون نسمة، فإنه من المتوقع أن ينجح الإضراب في شل البلاد مرة أخرى، هذا على افتراض ألا تستجيب الحكومة للمطالب قبل موعد الإضراب، فالحسابات الانتخابية المقررة في تشرين الأول/ أكتوبر مهمة في قرار الحكومة، التي ترى في 670 ألف عضو وعائلاتهم قوة تصويت مهمة".
وينقل الموقع عن الاقتصادي ومؤسس معهد "تيما" هاشمي علاية، قوله: "لديهم القوة في تونس وسيحصلون على ما يريدون".
ويستدرك غوش بأن "ما يقلق بال الساسة هو ما يريده اتحاد الشغل بعد ذلك، فهناك توقعات بقيام الاتحاد بأداء دور مباشر في السلطة السياسية والانتخابات البرلمانية المقبلة، وقد يقوم بتشكيل حزبه السياسي الخاص، أسوة بما فعلته الأحزاب الأخرى التي كانت قابلة للديمقراطية في بلادها، مثل حركة التضامن البولندية، وربما وضعت ثقلها وراء حزب قائم، كما فعل مجلس جنوب أفريقيا لاتحادات العمال، الذي تحالف مع المؤتمر الوطني الأفريقي، وهناك رأي ثالث يقول إن الاتحاد قد يرشح مستقلين لتمثيل مصالحه".
ويجد الكاتب أنه "في حال قرر اتحاد الشغل الدخول في النزاع السياسي فإنه يجب أن يتعلم من التجربتين البولندية وفي جنوب أفريقيا، فقد تلاشت حركة التضامن البولندية رغم المكانة والشهرة لزعيمها ليخ فاونسا، الذي أصبح أول رئيس للبلاد في مرحلة ما بعد الشيوعية، ومع أن مجلس نقابات العمال في جنوب أفريقيا لم يشارك مباشرة في الانتخابات، إلا أن تأثيره تراجع".
ويبين غوش أن "التحالف مع حزب المؤتمر الوطني يقترب من درجة الانكسار، ويعاني الاتحاد من نقص في أعضائه، ولم يقرر البوغديري الجهة التي سيتجه لها الاتحاد، لكنه اعترف بأن منظمته لن تقف على الحياد، كما فعلت عام 2014 (سنهتم كثيرا في الانتخابات)، وربما كان هذا أخبارا طيبة للسياسيين الذين تعبوا من قوة اتحاد الشغل، ويريدون أن يتحمل جزءا من المسؤولية".
ويورد الموقع نقلا عن زعيم حزب "آفاق تونس" ياسين إبراهيم، قوله إن "السيناريو الأفضل لو قاموا بتشكيل حزب سياسي.. تعالوا إلى أرض السياسة، ودافعوا عن أيديولوجيتكم، لو أعجبت التونسيين فبإمكانك تولي الحكومة".
ويفيد الكاتب بأن "هناك بعض الأحزاب، مثل (نداء تونس)، يغازل التحالف مع الاتحاد العام للشغل، خاصة بعد خسارته السيطرة على الحكومة، رغم فوزها بالتعددية في عام 2014، وهناك فكرة لتحالف علماني (الجبهة الوطنية) بين الحزب والاتحاد لمواجهة حركة النهضة، ويقول بلحاج إن تحالف (نداء تونس) واتحاد الشغل ضروري، وربما احتاج الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي لدعم الاتحاد لو قرر الدخول في انتخابات الرئاسة في كانون الأول/ ديسمبر، وسواء دعم الاتحاد حزبا آخر أو ترشح بنفسه فهو بحاجة إلى منبر أوسع غير المطالبة بزيادة الرواتب لموظفي الخدمة المدنية".
وينقل الموقع عن بوغديري، قوله إن برنامج الاتحاد ستشمل سياسات مؤيدة للتجارة وحماية شركات الدولة "القطاع الاستراتيجي"، وستضم إنتاج الكهرباء وتوزيعه، وتوفير الغاز والمياه والنقل والإسمنت، ودعم بساتين الزيتون ومناجم الفوسفات والتعليم والصحة، ويضيف: "هدف القطاع الخاص هو الربح، أما الشركات التي تملكها الدولة فتدافع عن المصلحة الوطنية".
ويختم غوش مقاله بالقول إن "أجندة كهذه لن تكون مريحة لأي حزب، سواء كان إسلاميا أو علمانيا، الذي يفضل خصخصة شاملة، إلا أن حزب (نداء تونس)، الذي أضعفته الخلافات في الأربع سنوات الماضية، لا خيار أمامه إلا التحالف مع اتحاد الشغل".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
موقع فرنسي: خصوم النهضة طلبوا دعما سعوديا وإماراتيا
الغارديان: هل نحن بانتظار ربيع عربي جديد هذه أسبابه؟
فريدمان: عملية سلام بين طهران والرياض أهم للمنطقة.. لماذا؟