كشفت الأحزاب السياسية في تركيا عن معظم مرشحيها للانتخابات المحلية المقرر إجراؤها في 31 آذار/ مارس المقبل، كما أعلنت اللجنة العليا للانتخابات أن إجمالي عدد الناخبين الذين يحق لهم التصويت في الانتخابات المحلية بلغ أكثر من 57 مليون ناخبا. ومن المتوقع أن تشهد صناديق الاقتراع إقبالا كبيرا من الناخبين لاختيار رؤساء البلديات وأعضاء المجالس البلدية ومخاتير القرى والأحياء.
استطلاعات الرأي تشير إلى تقدم حزب العدالة والتنمية على بقية الأحزاب السياسية المتنافسة في الانتخابات المحلية. وهذا أمر طبيعي، في ظل عوامل عديدة ترفع حظوظ هذا الحزب. ومما لا شك فيه، أن رئيس الجمهورية التركي، رجب طيب أردوغان، الذي يترأس حزب العدالة والتنمية، يأتي على رأس تلك العوامل. وهناك كثير من الناخبين، لثقتهم بأردوغان وحبهم له، سيصوتون في الانتخابات المحلية لحزب العدالة والتنمية دون النظر إلى مرشحيه.
أردوغان هو الأكثر شعبية بين رؤساء الأحزاب السياسية، وهذه الشعبية الواسعة تشكل عاملا يعزز حظوظ مرشحي حزب العدالة والتنمية، سواء في الانتخابات البرلمانية أو المحلية. ويمكن أن يضاف إلى ذلك عامل آخر، وهو النجاح الكبير الذي حققه حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان منذ توليه الحكم في البلاد. وفي ظل هذا النجاح، يقارن الناخبون بين حزب العدالة والتنمية والأحزاب الأخرى، ويميلون إلى حزب العدالة والتنمية، ويرجِّحون كفته، حتى لو كانت لديهم بعض الملاحظات والتحفظات على سياساته؛ لأنهم يعتقدون أن الأحزاب الأخرى لا يمكن أن تحقق ذاك النجاح الذي حققه حزب العدالة والتنمية في مختلف المجالات. وهنا يمكن الحديث عن عامل آخر، وهو غياب البديل.
يقارن الناخبون بين حزب العدالة والتنمية والأحزاب الأخرى، ويميلون إلى حزب العدالة والتنمية، ويرجِّحون كفته، حتى لو كانت لديهم بعض الملاحظات والتحفظات على سياساته
المعارضة التركية فشلت في منافسة حزب العدالة والتنمية منذ تأسيسه، ولم يستطع أي من أحزابها أن يقنع الناخبين بأنه قادر على إنجاز مشاريع أكبر من المشاريع التنموية التي أنجزها حزب العدالة والتنمية، أو يقدم للشعب التركي مستوى معيشة أفضل من مستوى معيشته الحالي. وهذا الفشل الذريع يدفع الناخب المؤيد لحزب العدالة والتنمية إلى طرح هذا السؤال: "لماذا أتخلى عن التصويت لحزب ناجح كي أصوت لحزب فاشل؟"، وبالتالي، يرى أن حزب العدالة والتنمية أفضل من غيره في العموم حتى لو انتقده في بعض الجزئيات.
قابلية حزب العدالة والتنمية للتجديد، بالإضافة إلى حرصه على جس نبض الشارع والاستماع إلى صوته، يمكن اعتبارها ضمن العوامل التي تعزز فرصة فوزه في الانتخابات المحلية. وقام حزب العدالة والتنمية بتحديد مرشحيه لهذه الانتخابات، في إطار سياسة الاستماع إلى صوت الشارع وقواه الفعالة، ولم يرشح في كثير من المحافظات والأقضية والقصبات رؤساء البلديات الحاليين لفترة أخرى، بل قام بتبديلهم بأسماء جديدة.
عملية التجديد في حزب العدالة والتنمية جرت إلى حد كبير بسلاسة، دون أن تؤدي إلى انشقاقات هامة وتراجع في شعبيته، كما أن الأسماء التي سبق أن تقدمت بطلب الترشيح ولم يتم ترشيحها، ستواصل غالبا دعمها للحزب ومرشحيه في هذه الانتخابات. ومن المتوقع أن يطلق حزب العدالة والتنمية حملته الانتخابية بشكل رسمي بعد إعلان بيانه الانتخابي في 31 كانون الثاني/ يناير، ويتبنى في حملته الانتخابية استراتيجية المصالحة مع أطراف وجماعات وشخصيات غير مرتبطة بتنظيم الكيان الموازي أو حزب العمال الكردستاني؛ كانت تؤيد الحزب ولكنها ابتعدت عنه لسبب أو آخر.
عملية التجديد في حزب العدالة والتنمية جرت إلى حد كبير بسلاسة، دون أن تؤدي إلى انشقاقات هامة وتراجع في شعبيته، كما أن الأسماء التي سبق أن تقدمت بطلب الترشيح ولم يتم ترشيحها، ستواصل غالبا دعمها للحزب
الانتخابات التي ستجري في تركيا بعد أكثر من شهرين محلية، ولكن نسبة كبيرة من الناخبين سيذهبون إلى صناديق الاقتراع وهم يشعرون بالقلق على أمن البلاد واستقرارها. ومن المتوقع أن تكون قضايا السياسة الخارجية، وتعرض البلاد لهجمة اقتصادية استهدفت عملتها الوطنية، ومكافحة الإرهاب، والصراع مع قوى دولية وإقليمية سواء في سوريا والعراق أو في مياه البحر الأبيض المتوسط؛ حاضرة بقوة في ذاكرة كثير من الناخبين خلال عملية التصويت. وشعور المواطنين بضرورة الحفاظ على المشاريع الوطنية التي تم إنجازها في مجال الصناعة الدفاعية العسكرية ومواصلة هذا النهج لتعزيز قوة الجيش التركي، يدفعهم إلى التصويت لمرشحي حزب العدالة والتنمية بغض النظر عن أسمائهم ومؤهلاتهم.
ومما لا شك فيه أن تحالف حزب العدالة والتنمية مع حزب الحركة القومية في الانتخابات يرفع مستوى هذا الشعور.