نشرت صحيفة "أوبزيرفر" تقريرا أعده حسن حسن، يقول فيه إن عام 2018 انتهى بانتصار لرئيس النظام السوري بشار الأسد.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن هذا العام انتهى بإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب القوات الأمريكية من سوريا، وفتح الإمارات العربية سفارتها في دمشق، وتبعتها البحرين، بالإضافة إلى أخرى ستعيد فتح سفاراتها في القريب، بمن فيها الكويت، فيما تستعد الجامعة العربية لإعادة مقعد سوريا بعد سبع سنوات من التعليق.
ويجد الكاتب أن هذه التطورات حدثت بعد خمسة أشهر من تحقيق النظام انتصاره الأكبر، عندما استعاد درعا، وهزم المعارضة غير الجهادية في المنطقة التي بدأت فيها الثورة السورية عام 2011، وبهذا أزاح التهديد السياسي والعسكري عن العاصمة دمشق.
وتقول الصحيفة: "لو اخذنا التطورات في الستة أشهر الأخيرة مجموعة، فإنها تشير إلى انتصار حاسم للأسد، فالقوى التي دعمت المعارضة السعودية لم تتخل عن محاولات الإطاحة به فقط، بل إنها تتسابق على التعاون معه، واستئناف العلاقات- سرا أو علانية، وفي الداخل قضى الأسد على القوى المعارضة له كلها، ولن تجد القوى الجهادية التي تعمل في جيوب في شمال غرب سوريا أي دعم خارجي".
ويلفت التقرير إلى أنه على خلاف ما جرى لصدام حسين بعد حرب الخليج الأولى، حيث بدأت الرياح تهب ضده، فإن الرياح الجيوسياسية اليوم تفيد النظام السوري.
ويعتقد حسن أن قرار ترامب سحب القوات من سوريا غير قواعد اللعبة، فالمنطقتان الخارجتان عن سيطرة النظام، أي شمال شرق وشمال غرب البلاد، تقعان تحت سيطرة الأمريكيين والأتراك، ولدى الدولتين ترتيبات مع روسيا، ما يعني أن أي تقدم عسكري يتم من خلال الروس لا النظام السوري.
وتنوه الصحيفة إلى لقاء وزراء الخارجية والدفاع الروس والأتراك في موسكو، حيث اتفقت العاصمتان في أيلول/ سبتمبر على منع الهجوم على إدلب آخر المعاقل في يد المعارضة، رغم فشل تركيا في الوفاء بتعهداتها لإخراج المعارضة الجهادية منها، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة زادت منذ أيلول/ سبتمبر من جهودها لمنع النظام من التوسع في شرق سوريا، فتعامل النظام وحلفاؤه مع المناطق في شرقي البلاد على أنها ملاجئ آمنة لقوى معادية قد تغير مسار قتالها باتجاه النظام والجماعات الإيرانية الموالية له.
ويذهب التقرير إلى أنه في ضوء الترتيبات الموجودة بين الروس والأتراك والأمريكيين، فإنه لم يكن لدى النظام أو الإيرانيين أي خيار سوى الانصياع لأوامر النظام، مشيرا إلى أن ترامب أزاح بقراره المخاوف السورية والإيرانية، التي كانت تخشى من بقاء مستمر في شرقي البلاد، وما يحدث بعد ذلك يعتمد على التفاوض بين القوى التي ترى في الروس حليفا وليس عدوا، أي تركيا ووحدات حماية الشعب الكردية.
ويشير الكاتب إلى أن تركيا تخشى من سيطرة وحدات حماية الشعب قرب حدودها الجنوبية مع سوريا، أما الأكراد فهم يشعرون بالقلق من تكرار درس عفرين، الذي سمحت فيه روسيا لتركيا باحتلال الجيب الكردي غربي نهر الفرات، وعليه استنجد الأكراد بقوات النظام السوري الأسبوع الماضي، وطلبوا منها الدخول إلى بلدة منبج العربية، غربي الفرات.
وترى الصحيفة أن "ترتيبات الروس هي جزء من لعبة طويلة تختلف عن لعبة الإيرانيين، فموسكو في النهاية تريد تأمين اعتراف للنظام مع انخفاض وتيرة الحرب، ونجح الروس لدرجة معينة في التعاون مع تركيا، التي ركزت منذ عام 2016 جهودها لمنع ولادة دولة كردية في داخل سوريا، وتعاونت مع الروس فيما تعرف بمحادثات أستانة، العاصمة الكازاخية، لخفض النزاع والاستجابة لمظاهر القلق التركية، وأقنعت الولايات المتحدة بعملية سياسية، تركز على لجنة لكتابة الدستور بدلا من الانتخابات".
ويفيد التقرير بأن روسيا طالما قدمت نفسها للغرب والدول العربية على أنها موازنة للتأثير الإيراني، وطالما قيل إن الروس والإيرانيين حلفاء، إلا أن كل منهما لديه أجندته الخاصة، فمن ناحية تريد روسيا تقوية نظام الأسد وبناه البيروقراطية والأمنية والعسكرية، أما إيران فتهدف لبناء نظام موال لها، كما فعلت في العراق.
ويستدرك حسن بأن قرار الرئيس الأمريكي غير هذا كله، فقد سلم ترامب سوريا لروسيا، بشكل جعل من عملية جنيف، التي تشرف عليها الأمم المتحدة، دون معنى؛ لأنها خلت من ورقة التأثير الغربي، فيما لم تعد استراتيجية مواجهة إيران في سوريا وما بعدها قائمة، ولهذا باتت دول ترى في الأسد حاجزا ضد الهيمنة الإيرانية في المنطقة.
وتقول الصحيفة إن روسيا استطاعت إقناع دول مثل الإمارات بأن دعم النظام سيجعله أقل اعتمادا على إيران، وسيكون قادرا على استعادة استقلالية ووضع ما قبل 2011، إن تمت تقويته، مشيرة إلى أن الإمارات عومت في عام 2016 فكرة تطبيع العلاقات مع النظام السوري، إلا أن إدارة ترامب رفصتها.
وبحسب التقرير، فإن المسؤولين الإماراتيين بدأوا في بداية هذا العام بإعادة النظر في فكرة استئناف العلاقات مع الأسد، وتشجيع السعودية والبحرين، لافتا إلى أن ما زاد من هذه الجهود هو أن طبيعة النزاع تغيرت بشكل جذري، فالدول التي ساهمت في النزاع ودعم المعارضة تقوم الآن، وبشكل فاعل، بتقوية النظام بدرجة تجعله أقل اعتمادا على منافسيها.
ويلفت الكاتب إلى أن المسؤولين الأتراك رحبوا بسيطرة النظام على المناطق الحدودية في حال تم سحب مقاتلي حماية الشعب منها، وقال الرئيس رجب طيب أردوغان إن القوات التركية لن تكون لها أي مصلحة في منبج في حال خرجت منها قوات حماية الشعب.
وترى الصحيفة أن الدعم للأسد، خاصة من دول الخليج، نابع من محاولتها إغلاق فصل الربيع العربي الذي بدأ عام 2011، مشيرة إلى أن تقوية نظام الأسد تعني تقوية للثورات المضادة التي قادتها السعودية والإمارات والبحرين ومصر، والعودة إلى الوضع القائم قبل الثورات العربية، مع أن الإمارات، مثلا، تؤطر عودتها إلى سوريا من خلال مواجهة إيران، ومن خلال هذه الصورة فإن نظام الأسد لن يواجه العزلة التي واجهها نظام صدام بعد اجتياح الكويت، فقد فتح الأردن المعبر الحدودي، ما يعني وجود علاقات تجارية.
ويبين التقرير أن مشكلة الأسد وداعميه تظل في طريقة إدارة العلاقة مع تركيا، التي تصر على سحب قوات حماية الشعب من المناطق الحدودية، مشيرة إلى أن إعادة العلاقة مع أنقرة قد تكون على حساب مواجهة جديدة بين النظام ووحدات حماية الشعب.
ويقول حسن إن "روسيا ستجد نفسها في مواجهة مع تركيا في حال فشلت الأولى في إدارة العلاقة معها، وكانت العلاقة قد تطورت لمواجهة أمريكا، ومع انهيار النفوذ الأمريكي فربما وجد البلدان نفسيهما على تناقض، ولأن تركيا لديها سلطة على عدد من الجماعات الموالية لها في الشمال فربما اندلع العنف من جديد".
وتجد الصحيفة أنه "مهما حدث في قابل الأيام، فإن التطورات الأخيرة تعد تأمينا للأسد ونظامه، ونهاية للنفوذ الأمريكي، وقضاء على أي مواجهة سياسية للأسد، وبالضرورة على مسارات جنيف التي كانت أمريكا تعول عليها، ومن هنا فإن عودة العلاقات بين النظام وجيرانه تعزز من مكاسبه الأخيرة".
وتختم "أوبزيرفر" تقريرها بالقول إنه "مع أن مسألة خروج الأسد من السلطة حسمتها معركة حلب عام 2016، إلا أن أحدا لم يتوقع تغير المسار الإقليمي لصالحه، وعودة علاقاته مع أعداء الأمس".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
نيويورك تايمز: كيف يبدو مستقبل سوريا بعد رحيل أمريكا؟
التايمز: منافسو أمريكا يستعدون لملء الفراغ في سوريا
صحيفة: لماذا تعارض فرنسا أمريكا وتفضل البقاء في سوريا؟