نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" مقالا للمستشار الاقتصادي محمد العريان، يقول فيه إن الحياة ستكون أفضل للمستثمرين في سوق الأسهم لو كان ضخ العملة الجديدة ونسبة الفائدة المتدنية جدا يكشفان عن خلفية من النمو الاقتصادي الأكيد.
ويشير الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه بدلا من ذلك فإن الاقتصاد العالميي يخسر زخمه، والخلافات بين الاقتصادات المتقدمة في ازدياد، ونتيجة لهذا فإن اضطراب أسواق المال هو الحالة التي سادت، وتسببت في قلق المستثمرين، ما يترك محافظ الاستثمار عرضة للاضطرابات الفنية والتحيز السلوكي.
ويلفت العريان إلى أنه "بعد عقد تعلم فيه المستثمرون أن يعتمدوا على البنك المركزي بأن يقوم بكبت أي تقلبات مالية، ويأتي رده سريعا بمجرد وجود مؤشرات على تعرض السوق لمشكلات، فإن تجار الأسهم والمستثمرين بدأ يتواءمون ببطء مع الحقيقة المرة لضعف السيولة المالية".
ويفيد الكاتب بأن "هذه الحقيقة لا تعتمد فقط على زيادة نسبة الفائدة على الاحتياطي الفيدرالي، والتقليص التدريجي لموازنته، وقلة وجود الأخبار المطمئنة خلال (أكتوبر الأحمر) لسوق الأسهم الأمريكية، وهي أيضا مؤلفة من مؤشرات متسقة من البنك الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي عن نيتهما لتضييق سياستهما المالية، بالرغم من الأدلة على الظروف الاقتصادية الحساسة وظروف السوق".
وينوه العريان إلى أن "الأمر الآخر بالنسبة للتحول المنتظر لفترة طويلة بشأن تحفيز البنك المركزي هو الإصلاحات الهيكلية، وفي بعض الحالات كان من المفترض أن تكون السياسيات المالية بمثابة العصا، لكن ما عدا أمريكا، حيث ساعد رفع القيود والإجراءات الضريبية على زيادة في المحفزات الثلاثة المهمة للنمو؛ الاستثمار التجاري، والاستهلاك العائلي، والتحفيز الحكومي، فالاقتصادات المتطورة لا تزال تنتظر تبني إجراءات تشجع النمو".
ويجد الكاتب أنه "مع أن الاعتماد على عامل واحد يعني أن الأرقام السلبية لقراءات الربع الثالث للناتج المحلي الإجمالي هي مبالغة في عكس الصورة، إلا أنه ما من شك بأن الاقتصادات المتطورة تخسر زخمها، وذلك قبل التفكير في ما قد تولده السياسة من شكوك للاقتصادات نتيجة قصة بريكسيت والمواجهة بين إيطاليا وبروكسل والتحولات السياسية في ألمانيا".
ويبين العريان أن "هذا يضيف إلى التعقيدات التي تواجه عالما يتكشف ويتعامل مع المنظور الصيني الغامض، فبطؤ الاستهلاك والقروض البنكية جعلا بكين تعود إلى سياسات تراجعت فعاليتها مع تطور الاقتصاد، بالإضافة إلى أن الاقتصادات العالمية الصاعدة تواجه تحديات بسبب الانتقال من النمو المتناغم للاقتصادات المتطورة العام الماضي إلى توجه مختلط عام 2018".
ويفيد الكاتب بأن "الضغط للأعلى على الدولار يعد إشكاليا بالنسبة للدول التي تعاني اختلاف في عملات الأصول والمديونية، خاصة في قطاع الشركات، وفي الواقع أشك أنه لولا التراجع الكبير في أسعار النفط لعانت عدد من الاقتصادات الصاعدة من نوبة أخرى من الاضطراب الاقتصادي والمالي".
ويقول العريان إنه "في الوقت الذي يعد فيه البعض فترة التقلبات هذه مؤقتة، إلا أنها تثير ثلاثة تحديات مباشرة للمحافظ الاستثمارية عندما يعود النشاط الى حالته الطبيعية بعد عيد الشكر الأمريكي: تقنية وسلوكية وناتجة عن النمو في الاستثمار السلبي، فأولا هناك هشاشة تقنية، والمدة الطويلة للسيولة شجعت المستثمرين بأن يتعرضوا أكثر من اللازم لقطاعات معينة".
ويضيف الخبير الاقتصادي: "يمكنك أن ترى النتائج السلبية لذلك في الأداء السيء لأسهم التكنولوجيا ذات الشعبية، والمؤشرات ذات الغالبية التكنولوجية، والصناديق المتداولة في البورصة، بالإضافة إلى أن الأسواق الناشئة وسوق الديون مرتفعة العائدات وقعت تحت الضغط، لكن في حالتهما يعتقد أن المزيج بين التحرك المفاجئ نحو الأدنى في الأسعار مع السيولة المحدودة قد يعني بأنه لا تزال هناك رؤوس أموال محبوسة ستبحث عن طريقة للخروج".
ويشير الكاتب إلى أن "هذه القضايا الفنية تضاعف من حجم احتمال الخطأ، بسبب أنماط موثقة بشكل جيد من سلوك المستثمرين، والانخفاض المفاجئ في سعر أصل مالي قد يؤدي بالمستثمر للبيع بسعر أقل بكثير من الثمن المعقول بسبب القلق، وبشكل عام يصبح المستثمرون أكثر عرضة لردود الفعل غير المتماثلة خلال حالة الصعود والهبوط العاطفية التي تصحب فترات عدم الاستقرار، وهذا يعزز الميل للنفور من الخسارة، بحيث تبدو الخسارة في استثمار ما أشد بكثير مما يبدو فيه كسب مساو مرضيا".
ويقول العريان إن "هذه الديناميكيات ذاتها تتضاعف بالدرجة ذاتها التي ينزع فيها المستثمرون إلى الاستثمار السلبي وغير ذلك من الاستثمار المرتبط بالمؤشرات، وهذا يحد من الوصول إلى الكفاءات الضرورية للتعامل مع البيئة الأقل سيولة والأكثر تنوعا اقتصاديا على مستوى العالم".
ويتساءل الكاتب: "ما هي الآثار الاستثمارية المترتبة على هذا العالم الجديد؟ غالبا ما يتطلب التحسين على الفترة الأخيرة حجما أكبر من الاستثمار الإيجابي، ودرجة مهمة من الصبر والمرونة، بالإضافة إلى تركيز أكبر على تحسين السيولة ونوعية الديون".
ويختم العريان مقاله بالقول: "للمساعدة في تقليل المخاطرة فإن محفظة الاستثمار المنوعة تحتاج أن تصاحبها مقاربة أكثر تفصيلا لخطط الطوارئ للأحداث الذيلية قليلة احتمال الحدوث، لكن يكون أثرها كبيرا إن حصلت".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
بلومبيرغ: لماذا خسرت دبي بريقها كمركز مالي بالشرق الأوسط؟
وول ستريت جورنال: ما أسباب تراجع مستوى الاقتصاد في دبي؟
إندبندنت: لماذا تلاحق الصين مسلمي الإيغور في الخارج؟