فتح تعاطي السعودية مع الدعوات المتزايدة لإيقاف الحرب التي تقودها
في اليمن منذ 4 أعوام تقريبا، إيجابا، فتح الباب واسعا أمام تساؤلات عدة حول أسباب
وتداعيات هذا التوجه.
عزز
هذا المعطى، تصريحات العاهل السعودي، الاثنين، عن دعم بلاده للحلول السياسية
لإنهاء الحرب في اليمن، وهو ما اعتبره البعض تمهيدا سعوديا للخروج من مأزق حرب
فاشلة، لم تنه انقلابا حوثيا، ولم تعد شرعية حكومية، كما هو هدف التحالف العسكري
بقيادة المملكة.
في
وقت رأى العديد أن تعاطي الرياض مع أحاديث السلام التي تصدرها جهات دولية ما هي إلا
مناورة اعتادت عليها، لكن هذه المرة، تواجه ضغطا دوليا هائلا، بفضل اغتيال الصحفي
جمال خاشقجي بقنصليتها في اسطنبول مطلع تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
مخرج
مؤقت
من
جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني، أحمد الزرقة، إن السعودية تتعرض لضغط
دولي كبير بخصوص الحرب في اليمن، وتداعياتها الإنسانية والكلفة الباهظة
لاستمرارها، حيث بات هذا البلد ثقبا اسودا للمملكة.
وأضاف
في حديث خاص لـ"عربي21" أن سوء الإدارة السعودية
والإماراتية للحرب في اليمن، حولها إلى أزمة يصعب الخلاص منها، لا سيما مع ارتفاع
حدة الضغوط، عقب جريمة مقتل الصحفي السعودي خاشقجي، الذي سلط الضوء أكثر على
الأداء السيئ للرياض في اليمن.
وتابع
قائلا: "الحديث السعودي عن السلام، جاء استجابة للضغوط الدولية والبحث عن
مخرج مؤقت من تلك الضغوط".
وأشار
الزرقة إلى أن الحديث أيضا، عن ترحيب السعوديين بتصريحات مليشيا الحوثي بوقف إطلاق
الصواريخ ضدها هو جزء من محاولة الترويج لموقف المملكة، لوقف الحرب أمام العالم.
كما
أنه -وفقا للزرقة- يعكس مدى هشاشة الإدارة السعودية وضعف تقديراتها في الملف
اليمني، وعدم فهم طبيعة الصراع أو أهداف المليشيا وراء تلك التصريحات. حسب المتحدث
ذاته.
وربما
هي وفقا للسياسي الزرقة، دعوة لإحياء لقاءات الظهران بين الجانب السعودي وقيادات
مليشيا الحوثي التي توقفت قبل أكثر من عامين ولم يسفر عنها أي توقف للعمليات
الحوثية ضد السعودية.
مراوغة
وضغط
وفي
هذا السياق، أكد رئيس تحرير صحيفة "الوسط" (محلية)، جمال عامر، أنه جرت
العادة إعلان الحكومة السعودية ترحيبها بأي دعوة لتحقيق السلام في اليمن، إلا أنها
تقوم بإجهاض أي تقدم في هذا الإطار، إما عن طريق حكومة هادي أو من خلال وضع
العراقيل، كما حصل في مشاورات جنيف 3، عندما رفضت تأمين وسيلة مناسبة لسفر وفد
جماعة الحوثيين.
واستدرك
قائلا: المتغير هذه المرة، "وقوع النظام السعودي تحت ضغط هائل من قبل المجتمع
الدولي، في المقدمة، الدول الحليفة كالولايات المتحدة، وبريطانيا بسبب تورطه في
قتل خاشقجي.
وأضاف
الصحفي عامر في حديث خاص لـ"عربي21" أن ذلك المتغير، انعكس
على الحرب في اليمن التي تسببت بكوارث إنسانية غير مسبوقة، الأمر الذي دفع دول مثل
"ألمانيا" و"الأرجنتين" وغيرها، تقرر عدم بيع الأسلحة إلى
المملكة. مشيرا إلى أنه في الوقت ذاته، أصبحت مهددة بالقرار ذاته من الإدارة
الأمريكية نفسها، وهو ما يكاد يصبح واقعا، جراء مطالبات الكثير من النواب في
الكونجرس والشيوخ الأمريكيين.
ووفقا
لرئيس تحرير صحيفة الوسط الأسبوعية في صنعاء، فإن كل المعطيات السابقة دعت الملك
السعودي نفسه للتدخل في محاولة لتخفيف الضغط على دولته، رغم أنه رحب بالسلام بشرط
أن يكون تحت المرجعيات الثلاث. في إشارة إلى المرجعيات التي تتمسك بها الحكومة
اليمنية الشرعية والمتمثلة بـ"المبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن، ومخرجات
مؤتمر الحوار الوطني" كإطار للحل.
وحسب
الصحفي اليمني، فإن النظام السعودي ما زال يمارس المراوغة ذاتها، وهو يبحث فقط عن
مخرج من تبعات الدعم المباشر إلى إدارة حرب يمنية/يمنية، يمولها دون أن يكون في
الواجهة. على حد قوله
ولفت
إلى أن الاهتمام السعودي ببيان جماعة "أنصار الله" بشأن وقف إطلاق
الصواريخ يأتي كون قضية تأمين حدود المملكة كانت أولوية لديها، في أي اجتماع لها
مع أي قيادات دولية أو ممثلين للأمم المتحدة.
وأوضح
عامر أنه ما كان يمنع من حصول اتفاق مع الحوثيين يتمثل بـ"إصرار النظام
السعودي على التوصل إلى حلول جزئية لها علاقة بضمان أمنها بعيدا عن الحرب التي
تديرها وتمولها في جبهات الداخل".
واستدل
على ذلك بالمفاوضات التي جرت في ظهران الجنوب (جنوب السعودية)، مع ممثلين عن جماعة
الحوثي، والذي اعتبره مثالا حيا على التوجه السعودي، حينما تم إبرام اتفاقا مع
الجماعة، يقضي بـ"الانسحاب من المناطق التي تم السيطرة عليها داخل حدودها،
ونزع الألغام، وتسليم الأسرى السعوديين" نفذه الحوثيون، بينما تنصل السعوديون
عن إيقاف غاراتها المساندة لحلفائها في جبهات الداخل. وفق تعبيره
جريمة
خاشقجي
بموازاة
ذلك، يرى الكاتب والسياسي اليمني، ياسين التميمي، أن تعاطي الرياض مع الجهود
الدولية والضغوط غير المسبوقة التي تتعرض لها من قبل المسؤولين الغربيين
ينحصر في إطار ما يمكن اعتباره مناورة سياسية فرضتها طبيعة التحديات الخطيرة جدا
التي تواجهها الدولة في هذه المرحلة.
وقال
في حديث خاص لـ"عربي21" إن جريمة اغتيال الكاتب
السعودي البارز "خاشقجي" فتحت ثغرة خطيرة في الجدار الصلب للنظام
السعودي، يمرر منها المجتمع الغربي مطالبه وضغوطاته بشأن ضرورة إنهاء الحرب
في اليمن التي يعتقد التميمي أنها" تشكل قضية جوهرية في سياسة الدولة
السعودية وسعيها لحماية وجودها".
ووفقا
للسياسي التميمي، فإن الدفع باتجاه إنهاء الحرب، بناء على خارطة توزيع القوى
المؤثرة في الساحة اليمنية بعد أكثر من ثلاث سنوات ونصف على تدخل التحالف العربي
بقيادة السعودية في المشهد الحالي، تعد "وصفة للهزيمة".
وأردف
قائلا: "قد تقود حالة الإرباك التي يعيشها ولي العهد السعودي إلى الذهاب وراء
المقترحات التي يجري تمريرها عبر مجلس الأمن، إذ لا حصانة للسياسة السعودية
المرتبكة في هذه المرحلة".
ورد
على سؤال، دلالة الاهتمام السعودي بمبادرة الحوثيين وتصريحات العاهل السعودي بشأن
دعم حل سلمي للنزاع المسلح في اليمن، أوضح الكاتب اليمني أنهما لا يقدمان
أدلة كافية على أن الأمور سوف تمضي قدما باتجاه السلام.
وذكر
أن المؤشرات الميدانية تبرهن على أن الحرب لا تزال خيارا مهيمنا، ولا يمكن التنبؤ
بتطورات المرحلة المقبلة، فيما يخص اتجاهات العمل العسكري الذي يدعمه التحالف
وحجمه وأهدافه المرحلية والنهائية.
وكان
العاهل السعودي، سلمان بن عبدالعزيز، قد أعلن أمس الأول، في كلمة له، أمام مجلس
الشورى، أن بلاده تدعم جهود الأمم المتحدة لإنهاء الحرب باليمن".
جاء
في أعقاب دعوات دول كبرى لإيقاف الحرب الذي تشنها الرياض وتحالفها العسكري على ذلك
البلد الفقير، الذي يواجه أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفقا لتقارير منظمة الأمم
المتحدة.
ما حقيقة تواجد مليشيات عراقية باليمن تقاتل مع الحوثيين؟
وزيرة الجيوش الفرنسية: حان الوقت لوقف الحرب باليمن
ماليزيا تنسحب من "التحالف" وقواتها العسكرية تغادر السعودية