نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا أعده سايمون كير وأندرو إنغلاند، يقولان فيه إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يواجه محاولات للحد من سلطته.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن عددا من القرارات المتهورة، التي كان آخرها مقتل الصحافي جمال خاشقجي في تركيا الشهر الماضي، أثارت قلق حلفاء السعودية الغربيين.
ويقول الكاتبان إن سلطة محمد بن سلمان تتعرض لتهديد، حيث يواجه محاولات داخلية للحد من سلطاته الواسعة في أعقاب مقتل خاشقجي، مشيرين إلى قول مسؤولين غربيين إن الملك سلمان يرغب في الحفاظ على بعض السلطات التي يتولى أمرها ابن سلمان في أعقاب جريمة القتل في قنصلية السعودية في اسطنبول.
وتورد الصحيفة نقلا عن مسؤولين غربيين وصفهم الأمير بأنه "متهور"، ومتعطش للسلطة، ويحاول الهيمنة على البلاد والمنطقة بشكل عام، وقالوا إنه سيظل في منصب ولي العهد رغم عدم الارتياح من تصرفاته في داخل وخارج المملكة، مشيرة إلى أن السلطات التركية وصفت العملية داخل القنصلية التركية بالمدبرة، فيما قالت الرياض إنها تحقق في العملية وستعاقب المتورطين.
ويفيد التقرير بأن قرارات الأمير محمد، من اختطاف رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، وحرب اليمن، وقتل خاشقجي، جعلته في نظر الكثير من الحلفاء الغربيين يمثل خطرا عاليا، خاصة أنهم يتعاملون مع المملكة على أنها حاجز للاستقرار في المنطقة وقوة أمام التوسع الإيراني.
ويلفت الكاتبان إلى أن الملك سلمان قام بالحد من سلطات ابنه عندما خفف من حماسه بشأن الصفقة التي يعدها صهر ومستشار الرئيس دونالد ترامب، جارد كوشنر لتسوية النزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، و"ربما وسع من تأثيره أبعد من الحلقة المغلقة التي يعتمد عليها ابنه في اتخاذ القرارات، إلا أن شخصا مقربا من الحكومة نفى خططا بهذا الشأن".
وتجد الصحيفة أن القوى الغربية تحاول استغلال ضعف ولي العهد، والحصول منه على تنازلات، بما في ذلك الدفع باتجاه تسوية سلمية في اليمن، وفك الحصار عن قطر.
وينقل التقرير عن مسؤول غربي، قوله: "نريد تحركات في ملف حقوق الإنسان والمعتقلين"، وأضاف: "الجميع يتطلع لتقدم في اليمن وتحرك المملكة لعمل شيء".
وينوه الكاتبان إلى أن الولايات المتحدة قررت وقف عمليات توفير الوقود في الجو للطيران السعودي أثناء القيام بالغارات في الوقت الذي يتزايد فيه الضغط على السعودية لوقف الحرب الدموية التي مضى عليها أكثر من ثلاثة أعوام، وأدت إلى كارثة إنسانية.
وتذكر الصحيفة أن وزير الخارجية مايك بومبيو تحدث لولي العهد السعودي، وأكد أن الولايات المتحدة ستحاسب المتورطين في عملية القتل، وبأن على السعودية القيام بالأمر ذاته، بحسب بيان من الخارجية الأمريكية.
ويورد التقرير نقلا عن شخص مقرب من العائلة المالكة، قوله إن مجموعة صغيرة من الأمراء تقوم بالتآمر ضد الأمير محمد، الذين يعتقدون أنه عرض موقف المملكة العالمي للخطر، من خلال عملية خرجت عن سيطرة الديوان الملكي بقتل جمال خاشقجي، فيما قال شخص استمع لشكاوى الأمراء وحوارات أقارب ولي العهد، إنهم طالبوا العائلة المالكة بألا تصادق على تولي محمد العرش بعد وفاة والده.
ويبين الكاتبان أنه في الوقت الذي قال فيه ولي العهد إن العدالة ستتحقق في قتل خاشقجي، إلا أن الرواية المتناقضة من الحكومة قللت من مصداقيتها، ففي البداية قالت إن خاشقجي دخل وخرج القنصلية طوع إرادته، ثم عادت وغيرت الرواية وأكدت مقتله خطأ نتيجة "شجار"، ثم قالت لاحقا إنه قتل عبر عملية مدبرة على يد فرقة قتل أرسلت إلى تركيا خصيصا.
وتستدرك الصحيفة بأنه رغم خطورة وضع الأمير، إلا أن المسؤولين الغربيين ينفون فكرة الإطاحة به، خاصة أنه سيطر على مفاصل الحكم في البلاد، بما في ذلك القوات المسلحة والأمن، بالإضافة إلى أنه لا يوجد مرشح واضح ليحل محل الأمير محمد الذي بنى قاعدة شعبية بين الشباب بسبب الإصلاحات التي قام بها، لافتة إلى أن الأمير محمد حل محل ابن عمه محمد بن نايف في العام الماضي، الذي ينسب له الفضل في مكافحة الإرهاب، والتعاون مع الولايات المتحدة في حرب تنظيم القاعدة.
وبحسب التقرير، فإن حركة ابن نايف مقيدة منذ الإطاحة به، مشيرا إلى أن ولي العهد كشف عن وحشية ضد أقاربه عندما سجن عددا منهم في فندق ريتز كارلتون في الرياض، بذريعة مكافحة الفساد.
وتختم "فايتتشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول كريستيان كوتس أوريتشسن، من جامعة رايس، إن العائلة المالكة تحاول بناء وحدة في وقت الأزمة من أجل النجاة، وأضاف: "(أم بي أس) لم يرد أن يبدو في عيون العائلة على أنه عبء، وربما شاهدنا نهاية للقرارات الديكتاتورية داخل العائلة والتي اتخذها العام الماضي.. ربما كان هذا هو الثمن الذي سيدفعه للبقاء في الحكم".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
FT: هذه تحركات الملك سلمان لاحتواء تداعيات قتل خاشقجي
NYT: كيف هزت قضية خاشقجي العائلة الحاكمة بالسعودية؟
فايننشال تايمز: ماذا يفعل ابن سلمان وكوشنر بالشرق الأوسط؟