استثنت الولايات المتحدة الأمريكية 8 دول من الحزمة الثانية من العقوبات التي فرضتها على إيران، ومنها الصين والهند وتركيا واليابان، بالمقابل لم تستثن دولا أوروبية حليفة لها كالمملكة المتحدة أو فرنسا أو ألمانيا من هذه العقوبات.
ولا تشمل حزمة العقوبات الجديدة فقط صادرات النفط، بل تتعداها لتصل لقطاعات اقتصادية أخرى، زراعية وصناعية وتكنولوجية، وهو ما يطرح تساؤلات حيال السلوك الأمريكي تجاه حلفائها الأوربيين.
وعلى الرغم من أن أوروبا لا تشتري كميات كبيرة من النفط الإيراني ليتم إعفاؤها من العقوبات الأمريكية، إلا أن هناك شركات أوروبية لها مصالح وتعاملات تجارية مع إيران، وهو ما دفع بشركات غربية كبرى إلى الخضوع للتهديدات الأمريكية وسحب مشاريعها وأعمالها من إيران.
"نوع من العقاب"
وتعليقا على الموقف الأمريكي تجاه أوروبا وشركاتها، يرى المحلل السياسي والمختص بالشأن الأمريكي خالد الترعاني أنه "لا بد من الإشارة إلى أن العقوبات هي أدوات سياسية ويتم استخدامها أحيانا لتسجيل موقف سياسي، وأوربا كانت مؤخرا على علاقة شد وجذب مع واشنطن خاصة بعد مجيء ترامب للسلطة".
ويضيف الترعاني في حديث لـ"عربي21": "بالتالي قد يكون ترامب يسعى للضغط على أوروبا في تعاملها مع عدد من الملفات الشائكة، إضافة إلى أن الموقف الأوروبي من إلغاء الاتفاق النووي مع إيران كان سلبيا بالنسبة لواشنطن ولم يكن كما يريد الرئيس الأمريكي".
ويشير إلى أن السلوك الأمريكي "قد يكون نوعا من العقوبة لأوروبا، بسبب موقفها من الاتفاق النووي الإيراني، ونحن نعلم بأن ترامب بشخصيته النرجسية دائما ما يحمل عصا كبيرة ويحاول أن يؤدب العالم بالتالي، لا أستبعد مثل هذا التوجه السياسي وإن كان برأيي بأنه سيؤدي لنتائج عكسية".
"رسالة للإيرانيين"
في المقابل يستبعد المحلل السياسي إيران كنعان أن يكون موقف أوروبا الرافض لإلغاء الاتفاق النووي مع إيران هو السبب لعدم استثناء واشنطن لأوروبا من العقوبات النفطية والاقتصادية على إيران.
وقال كنعان في حديث لـ"عربي21": "موقف أوروبا ليس هو السبب، وإنما الهدف هو إيصال رسالة واضحة من الحكومة الأمريكية للعالم، مفادها أن هناك عقوبات شديدة على إيران ولن تستثني منها أحدا حتى الحلفاء، وبأن واشنطن جادة جدا في هذه العقوبات ولا يمكن التراجع عنها".
وأوضح: "لا يمكن اعتبار عدم استثناء أوروبا من العقوبات هو رسالة عتب عليها، وإنما هي رسالة للإيرانيين مفادها إظهار جدية هذه العقوبات، بالقول إنه حتى القريبين من واشنطن لن يتم استثنائهم من هذه العقوبات، وبالتالي كأن واشنطن تقول لطهران إذا كنا نعاقب حلفائنا فكيف بنا لا نعاقبكم؟".
"الرد الأوروبي"
وحيال الخيارات المتاحة أمام أوروبا وشركاتها لمواجهة الإجراءات الأمريكية، توقع الباحث في الشأن الأوروبي صلاح الحنيني أن "يكون الرد الأوروبي مماثلا لردهم على العقوبات الأمريكية على كوبا وذلك عبر سن تشريعات عام 1996، لتفادي تلك العقوبات".
وفي حديث لـ"عربي21"، قال أستاذ الإدارة والسياسة العامة في جامعة القدس: "أشار مسؤولو الاتحاد الأوروبي إلى أنهم يعكفون على تعديل هذا التشريع الذي سن لأجل كوبا في الأساس ويتم إضافة إيران أيضا، بحيث يتفادون أيضا العقوبات الأمريكية الأخيرة على الشركات الأوروبية التي تتعامل مع إيران".
وأشار الحنيني إلى أن "الأوروبيين يعلمون جيدا بأن هدف ترامب الرئيس من هذا القرار هو سياسي داخلي بحت ولغايات انتخابية المتمثلة في انتخابات التجديد النصفية للكونغرس، إضافة لسعيه من خلال هذا القرار لتخفيف الضغط الداخلي عليه بسبب موقفه من قضية مقتل خاشقجي، والتحقيقات الداخلية المتعلقة بتدخل روسيا بالانتخابات الأمريكية واللوبي الصهيوني الضاغط إرضاء لإسرائيل".
"بعض الفتور"
ويجمع المتحدثون لـ"عربي21" على أن تأثير عدم استثناء الأوروبيين في قرار العقوبات الأمريكية لن يؤثر بشكل كبير جدا على العلاقات الأمريكية الأوروبية.
ويعتبر المحلل إيران كنعان أن واشنطن "لا يمكنها خسارة الاتحاد الأوروبي تحت أي ظرف"، مضيفا: المصالح الإستراتيجية المشتركة بين أوروبا وأمريكا، تمنع حدوث خلاف عميق أو شرخ كبير في العلاقة بينهما، وهو شبه مستحيل على الأقل في المستقبل القريب".
أما المحلل السياسي خالد الترعاني فيشير إلى أن "الفتور في العلاقة بين أوروبا وأمريكا في الأساس هو موجود منذ أن تسلم ترامب الرئاسة، وهذا القرار قد يؤدي لمزيد من الفتور في العلاقة، ولكن بنفس الوقت العلاقة بين الطرفين تاريخية وإستراتيجية وهامة ومتعددة الجوانب، بالتالي لن يكون التأثير كبير جدا".
فيما يختم الباحث بالشأن الأوروبي صلاح الحنيني حديثه بالقول: "لن تتأثر العلاقات الأمريكية الأوربية بشكل كبير، ربما قد يعتريها بعض الفتور، ولكن لن يصل الأمر للقطيعة فالطرفان يحتاجان لبعضهما البعض ولهما مصالح إستراتيجية مشتركة".
تعرف على وجهة نفط إيران قبل سريان عقوبات أمريكا (إنفوغراف)
هكذا قرأ محللون مخرجات المجلس المركزي الفلسطيني في رام الله
هكذا قرأ محللون الزيارات الفلسطينية والإسرائيلية لمسقط