نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية مقال رأي للكاتبة جينيفر روبن، تحدثت فيه عن قيام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بإثارة قضية خاشقجي لإجبار دونالد ترامب على النظر في ملابساتها، فضلا عن إعادة تقييم علاقاته مع الرياض.
وقالت الكاتبة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن الدول الغربية كانت تتعامل مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بحذر حتى مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في السفارة السعودية بإسطنبول، حيث بلغت العلاقات التركية مع الغرب منعطفا حادا مع اعتقال أنقرة للقس الأمريكي أندرو برونسون، وذلك عندما أقر الرئيس الأمريكي جملة من العقوبات الاقتصادية على تركيا.
وأضافت روبن أن ترامب لم يكتف عند هذا الحد، بل عمد إلى مضاعفة الرسوم الجمركية على واردات الحديد والألمنيوم التركية، فضلا عن تجميد أصول وممتلكات لوزراء عن وزارتي الداخلية والعدل التركية.
ونتيجة لذلك، تراجعت قيمة الليرة الواحدة مقارنة بالدولار إلى ما دون مستوى 5.11، كما بلغت نسبة التضخم 24.5 بالمائة.
وأشارت الكاتبة إلى الانتقادات التي يتعرض لها الرئيس التركي نظير محاولته عدم الانصياع للتعليمات الأمريكية، فضلا عن عدم رضا الدول الغربية عن علاقاته الوطيدة بكل من روسيا وإيران. وهو ما دفع الصحف الغربية إلى انتقاده كلما سنحت لها الفرصة.
ونقلت الكاتبة تصريحات الصحفيين في مجلة بوليتيكو الأمريكية، جايك سوليفان وإريك إديلمان، اللذين أفادا بأنه "تحت حكم أردوغان، قامت تركيا بمحاولات جاهدة للتهرب من العقوبات الأمريكية المسلطة على إيران، كما أن وسائل الإعلام الخاصة بها نشرت خرائط لقواعد عسكرية سرية في سوريا".
وواصلت روبن نقل تصريحات الصحفيين الأمريكيين بالقول إنه "في الوقت الحالي، تقوم تركيا بشراء أحدث أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي من روسيا، وهو ما سيكون مخالفا لأنظمة حلف الناتو..
علاوة على ذلك، تعمل تركيا على مهاجمة حلفاء الولايات المتحدة في سوريا، وذلك كجزء من المقاومة ضد الإمبريالية الأمريكية".
وأوردت الكاتبة أن جريمة اغتيال جمال خاشقجي مثلت فرصة مثالية لأردوغان للرد على التجاوزات الأمريكية.
ونتيجة لذلك، بادر الرئيس التركي بإطلاق سراح القس برونسون وشن حملة لإحراج الرياض وإفساد العلاقات التي أسس لها دونالد ترامب وصهره جاريد كوشنر مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وبذلك، تمكن أردوغان من تحسين صورة بلاده ووضع السياسيين الأمريكيين المدافعين عن الأمير السعودي في مأزق كبير.
وتسعى وسائل الإعلام التركية لبيان مواطن الخلل والكذب الذي يشوب التصريحات الرسمية لحكومة الرياض إزاء قضية خاشقجي. وحيال هذا؛ عقد أردوغان عزمه على كشف الألاعيب السعودية من خلال التدخل بشكل شخصي في التحقيقات التركية المتعلقة بهذه القضية.
ونقلت الكاتبة إفادة صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، والتي ورد فيها أن "الرئيس التركي قال إن اغتيال الصحفي جمال خاشقجي كان جريمة قاسية ومخططا لها، كما أنه دعا المملكة العربية السعودية إلى تسليم 18 مشتبها بهم إلى تركيا حتى تتم محاكمتهم. وأن التغطية على مثل هذا النوع من الأفعال الوحشية سيضر بضمير البشرية جمعاء".
وتطرقت جينيفر روبن إلى وصف الرئيس التركي الدقيق لعملية القتل السعودية، والذي دحض من خلاله الرواية السعودية التي تقول بأن وفاة جمال خاشقجي ناجمة بالأساس عن عراك بالأيدي داخل مبنى القنصلية.
وإن لم يكن ذلك كافيا، أشار أردوغان إلى محاولات السعوديين لتغطية جريمة القتل، بما في ذلك قيام أحد العملاء بارتداء ملابس خاشقجي ومغادرة القنصلية قبل أن تلتقط كاميرات المراقبة صورا لوجهه.
اقرأ أيضا: ترامب: قتل خاشقجي من "أسوأ عمليات التستر" بالتاريخ (فيديو)
وأوضحت كاتبة المقال أن توقيت خطاب الرئيس التركي يهدف بالأساس إلى إحراج وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوشين، الذي وصل إلى السعودية لحضور فعاليات مؤتمر حول مكافحة تمويل الإرهاب، في الوقت الذي تخضع خلاله المملكة لتحقيقات بشأن مقتل خاشقجي.
ومن هذا المنطلق، يتعين على الإدارة الأمريكية أن تكون على دراية بمقدرة تركيا على التشكيك بالرواية السعودية، وهو ما من شأنه زعزعة استقرار العلاقات بين واشنطن والرياض.
وأضافت أنه من وجهة نظر أردوغان، يعد الإضرار بالعلاقات التي تجمع بين الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية أمرا إيجابيا، وهو ما يبدو أنه ينجح في تحقيقه.
وذكرت روبن أن مناورة أردوغان الذكية تهدف لإقناع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن السبيل الوحيد للتقدم هو إجراء تحقيق دولي محايد لتحديد الأطراف المتآمرة في قضية خاشقجي ومحاسبة المملكة العربية السعودية. وفي حال لم يكن ذلك ممكنا، فسوف يحتفظ أردوغان والكونغرس، اللذان سيكونان بحاجة لمعلومات استخبارية أمريكية لاستكمال التحقيق، بالسلطة التي تخولهما دحض الرواية السعودية وإذلال ترامب وكوشنر.
وختمت الكاتبة بالقول إنه بغض النظر عن دوافعه، إلا أن أردوغان يشير إلى الحل العملي الوحيد إزاء قضية مقتل جمال خاشقجي، ألا وهو ضرورة امتثال السعوديين لإجراء تحقيق دولي مستقل. ومن المحتمل أن تسفر هذه الإجراءات عن عزل محمد بن سلمان بشكل دائم.
لقراءة كل ما نشرته "عربي21" في قضية خاشقجي اضغط (هنا)
التايمز: أردوغان يشم رائحة ضعف بالعلاقات الأمريكية السعودية
التايمز: لماذا لم يتهم أردوغان السعودية باختفاء خاشقجي؟
الغارديان: لماذا تحوّل خاشقجي من ناقد إلى تهديد؟