يشهد
الجنوب الليبي حالة من التنافس المحموم بين
حكومة الوفاق المدعومة دوليا وبين قوات اللواء، خليفة
حفتر والمتواجدة فعليا هناك، في محاولة لكل طرف بالسيطرة وكسب ود هذه المنطقة الهامة.
ففي حين، أكدت الحكومة أن "الجنوب من أهم أولوياتها وأن ما يحدث فيه الآن من أحداث فوضى تتم عبر عصابات من المرتزقة القادمة من خارج الحدود، منوها إلى أن تلك العصابات لم تكتفي بعمليات النهب والتخريب بل تمادت لتمارس جرائم القتل بحق المواطنين"، وفق بيان رسمي.
وطالبت الحكومة بضرورة مواصلة الجهود الجادة لحل الخلاف السياسي والانقسام ولتوحيد المؤسسة العسكرية كضرورة قصوى لحماية الوطن ورد المعتدي، مقدمة التحية والتقدير لأهل الجنوب على صدهم لعدوات مرتزقة من "
تشاد".
"حفتر" و "تشاد"
في سياق متصل، قام اللواء الليبي، خليفة حفتر بزيارة غير معلنة إلى دولة "تشاد" التقى خلالها الرئيس التشادي، إدريس ديبي في العاصمة "نجامينا"، وهي الزيارة الثانية في غضون أقل من شهرين، دون ذكر أي تفاصيل أو معلومات عما تم في الزيارتين"، وفق "فرانس برس".
في حين، دعا المجلس الأعلى لمشايخ وأعيان قبائل "التبو" في الجنوب، القيادة العامة (حفتر) إلى فرض القانون وتطهيره من العصابات الإجرامية، وكذلك تأمين الحدود لرفع الغطاء الاجتماعي عن الخارجين عن القانون"، وفق بيانه.
من يسيطر؟
ويشهد الجنوب عدة اشتباكات وفوضى خلال الفترة الماضية، كان آخرها مقتل أربعة عناصر وأسر مثلهم من كتيبة "خالد بن الوليد" لتأمين بلدية الشرقية جنوب
ليبيا، أثناء اشتباكات دارت مع مجموعات تشادية مسلحة قرب منطقة "أم الأرانب" جنوب البلاد.
وهنا تطرح عدة تساؤلات حول: من سيفوز بالسيطرة على الجنوب؟ وهل سيستعين "حفتر" بدولة "تشاد" للسيطرة هناك؟ وما أرادت الحكومة "إحراج" حفتر بتصريحاتها حول "مرتزقة" من تشاد؟.
"معركة جديدة"
ورأى الباحث السياسي الليبي، علي أبو زيد أن "حفتر الآن يبحث عن ميدان معركة جديد ليثبت أنه موجود وفاعل من خلال العمل العسكري، وليس أمامه إلا الجنوب خاصة وأن اختراق القوة العسكرية في غرب ليبيا صعب، وكذلك السراج يريد إحراز تقدم في ملف الجنوب إلا أن الإمكانيات لديه ضعيفة".
وأوضح في تصريحات لـ
"عربي21" أن "حكومة تشاد تعاني جدا من تردي الأوضاع في الجنوب الليبي بعدما أصبح ملاذاً آمنا للمعارضة التي تتوغل في العمق التشادي لتضرب ضربتها ثم تتراجع إلى ماوراء الحدود الليبية، لذلك فإن سلطات تشاد منفتحة على كل الأطراف"، حسب رأيه.
لكنه استدرك قائلا: "تشاد" تفضل التعامل مع حكومة الوفاق بسبب تاريخ العلاقات السيء مع "حفتر" الذي قاد المواجهات قديما بين جيش ليبيا وتشاد في ثمانينات القرن الماضي وهو ما يجعل الثقة بينه وبين تشاد محدودة"، بحسب وصفه.
"نهاية مشروع"
وقال الكاتب والناشط الليبي، نصر عقوب إن "التنافس المحموم والتنازع المذموم بين رئيس الحكومة فائز السراج وبين "حفتر" على الجنوب الغربي لليبيا يزداد قوة وتدافعاً مع مرور الأيام، لإدراكهما أن السيطرة على الجنوب يعني نهاية مشروع أحدهما".
وأشار في تصريح لـ
"عربي21" إلى أن "كل من السراج وحفتر على تواصل دائم مع الرئيس التشادي، رغم ميول الأخير ودعمه لـ"حفتر"، اعتقاداً منه بأن حظوظه لحكم ليبيا والسيطرة عليها أكبر، ومع ذلك فالرئيس التشادي شخصية "براغماتية"، ويدور مع مصالحه لا مع مصالح أحدهما"، حسب تقديراته.
"حفتر" الأقرب
لكن الصحفي والمحلل السياسي السوداني، عباس محمد صالح رأى من جانبه؛ أن "أهداف تحركات "حفتر" للتواصل مع القيادة التشادية مؤخرا هو تدهور أوضاع الجنوب الليبي مع ازدياد نشاط المجموعات المسلحة والفراغ الأمني المتسارع، وتشاد قلقة بعدما تعرضت لهجمات من قبل المعارضة المسلحة ضدها هناك".
وتابع، في حديث لـ
"عربي21" قائلا: "قيادة "تشاد" لا تثق فى قدرات حكومة الوفاق، وبالتالي فهي مضطرة للتعامل مع "حفتر" حتي إشعار آخر، لكن "حفتر" يرى أن التحكم فى الجنوب الليبي يعني إيجاد حلفاء له هناك، ونيل رضا القوى الخارجية القلقلة من نشاط الشبكات العابرة للحدود، فضلا عن توسيع سيطرته الأمنية".