منذ أحداث الربيع العربي وما تلاه وأنا أسأل نفسي هذا السؤال. وأخيرا وصلت إلى قناعة أن الإجابة على السؤال هي نعم!!
الإسلام، كما قال العلماء، عقيدة وعبادة وأخلاق ومعاملات وحدود.
وبالطبع، تأتي العقيدة في المرتبة الأولى من الأهمية، فليس بعد الكفر ذنب ولا ينفع مع الكفر عمل.
العبادة تشمل الصلاة والزكاة والحج وغير ذلك من الشعائر كالحجاب وغيره.
وحين أتأمل النصوص القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة - وأنا لست بعالم أو متخصص - أَجِد من الصعوبة بمكان أن أحدد ما هو الأهم بعد العقيدة، فالتداخل بين باقي الأركان من التعقيد والتشابك بمكان.
شخصيا لا أنكر أنني كنت أقيم الناس لأول وهلة بمدى التزامهم بالعبادات؛ فأحب مرتادي المساجد وأرتاح للملتحين وأقدر المحجبات، خاصة مع صعوبة تقييم التعاملات والأخلاق إلا بطول صحبة وعشرة.
كنت أقضي الكثير من وقتي أعلّم الناس كيفية قراءة القرآن وأحفظ وأحفّظ غيري كتاب الله. لم أكن تاجرا لأعرف الناس بالدرهم والدينار ولا مسافرا لأرى تصرفاتهم في أصعب الظروف، ولا حكما لأستكشف بواطن الناس عند الخصومة.
وبالتالي، لم يكن أمامي إلا الحكم على الناس بظواهر الشعائر، مثلي مثل معظم الناس.
أعود إلى بيت القصيد، وهو أن للإسلام قيما عليا أخبرنا بها العلماء، وهي الحفاظ على
الدين والعقل والنفس (البدن) والنسل (العرض) والمال. هذه القيم هي ما يجب على
المسلمين عموما والدعاة، خصوصا التركيز عليه وفيها من القواسم المشتركة التي يجتمع عليها كل الناس مسلمهم وغير مسلمهم.
لو تربت الشعوب على أن العدل فرض كالصلاة، وأن الحرية حق كالزكاة، وأن حسن الخلق أسمى ما يغطي نفوسنا كالحجاب لكان لشعوبنا شأن آخر.
إن التربية الإسلامية على الشعائر أنشأت حكاما يحفظون القرآن ويستبيحون دماء المسلمين بكل سهولة، وأخرجت لنا علماء يقولون إن طاعة ولي الأمر واجبة وإن جلد ظهرك واستحل عرضك ومالك، وربت لنا أجيالا مسخت عقولها، فإن قال مشايخهم إن السياسة رجس من الشيطان؛ لعنوا من يمارسها أو يتكلم فيها، وإذا قام نفس المشايخ وقالوا إنها مستحبة؛ غاصوا فيها إلى رؤوسهم وليس لهم فيها علم.
وأنشأت قضاة وضباطا يلفقون التهم للناس ويزورون ويظلمون، ولا يفتأون أن يمكثوا ما بين الروضة الشريفة والحجر الأسود.
أعرف شخصيا علماء كنت أحترمهم جدا رأيتهم بعد الانقلاب في مصر انكفأوا على مدارس القرآن في مساجدهم، ولَم يقولوا كلمة الحق وتذرعوا بالحفاظ على من يدرس عندهم من طلبة العلم من داخل مصر وخارجها، ثم لم تلبث مراكزهم أن أغلقت، وطلابهم أن اعتقلوا أو رحلوا إلى البلاد التي أتوا منها.
كل هؤلاء من جنسنا ومن بيننا ومن جلدتنا يعودون إلى بيوتهم وأقربائهم وجيرانهم فيستقبلون بكل حفاوة وتفرش لهم الطرقات رغبا ورهبا.
القيم ثم القيم ثم القيم... وللحديث بقية.