نشرت صحيفة "سفابودنايا براسا" الروسية تقريرا بينت فيه أن منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط يمكن أن تشهد أعمالا عدائية جديدة بمبدأ الكل ضد الكل، وهذا قد يتسبب في اندلاع صراع أفظع من الصراع السوري.
وقالت في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الدافع الرئيسي للأحداث المتوقعة قد يكون الصراع من أجل موارد الطاقة العملاقة المكتشفة حديثا شرق البحر الأبيض المتوسط. وحسب الصحفي التركي قيميت سيزار: "تحتل منطقة شرق البحر الأبيض المرتبة الثالثة عالميا من حيث احتياطي الغاز الطبيعي، وذلك وفقا لما تم تأكيده مؤخرا".
وأشارت الصحيفة إلى انطلاق السباق من أجل الحصول على هذه الثروة بصفة فعلية. فبتاريخ 28 أيلول/ سبتمبر، ستبدأ شركة إكسون موبيل في التنقيب عن الغاز الطبيعي في الحقول التي أعلنت السلطات القبرصية أنها تابعة لمنطقتها الاقتصادية الخالصة، إلى جانب توتال ونوبل إينرجي وشيل، وإيني وكوغاس وكتارغاس. وستتم عملية الحفر في هذه المنطقة على مراحل.
وذكرت أنه حسب صحيفة "يني شفق" التركية فإن عدد السفن الحربية المتمركزة قبالة سواحل عدة بلدان في المنطقة في ارتفاع أسبوعي. فعلى سبيل المثال، تحتفظ فرنسا بسفينتها الحربية في مياه شرق البحر الأبيض المتوسط منذ وقت طويل، كما تضطلع بمهام البحرية الدائمة التابعة لحلف شمال الأطلسي في البحر الأبيض المتوسط بمشاركة ثلاث سفن أخرى، في حين ترسل الدول الأعضاء سفنا أخرى بصفة دورية لدعمها. كما يزداد التواجد الروسي في البحر الأبيض المتوسط بصفة يومية.
ووفقا لتعليق الصحيفة التركية "يبدو أن القوات الغربية استحوذت إلى حد الآن على 60 بالمائة من نفط الخليج العربي، وتستقر في الوقت الراهن في شرق البحر الأبيض المتوسط من أجل أخذ نصيبها من احتياطيات الغاز الطبيعي".
وأفادت الصحيفة بأن اعتراض تركيا سبيل سفينة حفر إيطالية، وتخطيطها لبدء إنتاج الغاز بمساعدة سفينة الحفر التركية "فاتح" ومحاولة بسط نفوذها، قد يؤدي إلى حدوث عملية عسكرية خطيرة. ووفقا للصحفي التركي فإنه "إذا تم العثور على موارد طاقية في مكان ما، سيبدأ الصراع في شرق البحر الأبيض المتوسط، وستنتشر السفن العسكرية على سواحل شرق البحر الأبيض بدلا من سفن التنقيب".
وأكدت أن منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط شهدت توترا سنة 2009، بعد اكتشاف شركات أمريكية لاحتياطيات كبيرة من الغاز الطبيعي قبالة سواحل لبنان. كما اكتشفت هذه الشركات حقل "ليفياثان" في المنحدر القاري للبحر الأبيض المتوسط على بعد 135 كيلومترا غرب حيفا. وفي خريف 2011، تم اكتشاف حقل "أفروديت" الواقع في المنطقة الاقتصادية الخالصة. وسنة 2015، تم اكتشاف حقل غاز "ظهر" بالقرب من السواحل المصرية.
وأوردت الصحيفة أن سوريا تعتزم البدء في استخراج الغاز، حيث أكد وزير النفط السوري علي غانم، أنه تم توقيع عقود مع "دول صديقة" قد تكون روسيا إحداها. وفي شباط/ فبراير من سنة 2018، تم تكثيف جهود التنقيب عن الغاز على السواحل اللبنانية، لكن يختلف لبنان مع إسرائيل حول ملكية هذه الاحتياطيات.
وفي مقابلة مع قناة "روسيا اليوم"، علق المختص في شؤون الشرق الأوسط من المدرسة العليا للاقتصاد، غريغوري لوكيانوف، عن تأثير عامل النفط والغاز على سياسات بلدان شرق البحر الأبيض المتوسط، حيث "يعتبر هذا العامل الأقوى لخلق صراع في المنطقة". وأضاف لوكيانوف أن "هذه البلدان لم تكن أبدا من عمالقة النفط والغاز، إلا أنها الآن تمثل تهديدا حقيقيا للعلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في المنطقة".
ونقلت الصحيفة عن الخبير البارز في صندوق أمن الطاقة القومي، إيغور يوشكوف، أن خطر نشوب صراع عسكري في المنطقة بسبب احتياطيات الغاز غير واقعي، ذلك أن احتياطيات الغاز ليست ضخمة مثلما يتوقع البعض. وفي هذا الصدد، نوه إيغور يوشكوف بأنه "من السابق لأوانه التحدث عن احتياطيات غاز ضخمة في شرق البحر الأبيض المتوسط، وتصنيفها ضمن المركز الثالث عالميا".
وحسب هذا الخبير فإن احتياطات النفط والغاز الطبيعي في سوريا كانت من بين العوامل التي أدت لاندلاع الحرب، لكنها ليست العامل الرئيسي؛ نظرا لأنه حتى قبل اندلاع الصراع العسكري في سوريا، كانت الموارد الطاقية في مرحلة النضوب الطبيعي. كما أن احتياطي الغاز في سوريا ليس كبيرا لدرجة أن تجعله عاملا لاندلاع الحرب، وإنما يكفي فقط للاستهلاك المحلي.
كما أكد الخبير الروسي "أن احتمال نشوب حرب حقيقية من أجل موارد شرق البحر الأبيض المتوسط غير وارد، نظرا لأن الموارد الموجودة يمكن الحصول عليها وبيعها بسهولة. والحد الأقصى الذي يمكن القيام به هو تدمير البنية التحتية ومنع الأطراف المتنازعة من بيع الغاز. وعندما تعم الفوضى، لن يحصل أي طرف على هذه الموارد. وهذا السيناريو الممكن".
ونقلت الصحيفة عن الخبير الروسي ستانيسلاف تاراسوف أن الطاقة ليست المسألة الرئيسية المؤثرة على مصير المنطقة، إذ أن "الوضع في الشرق الأوسط وشرق البحر الأبيض المتوسط معقد للغاية، حتى أن أفضل محللي العالم يصعب عليهم فهمه".
وأشارت إلى أن الدافع الحقيقي لتصعيد الوضع في الشرق الأوسط وشرق المتوسط، يمكن أن يكون مغايرا تماما لما تم طرحه آنفا، وقد تنطوي أهم هذه الدوافع على الألعاب الجيوسياسية بين القوى العظمى والمساعي لبناء نظام عالمي جديد. أما مسألة البحث عن حقول الغاز في اليونان وقبرص وإسرائيل، فلا يمكن اعتبارها دافعا رئيسيا رغم أهميتها. ولا يمكن استغلال هذه الموارد الطاقية، إن وُجدت، إلا إذا عاد الاستقرار إلى هذه المنطقة.
"بيلد": هل يشن الجيش التركي هجوما ضد قوات نظام الأسد؟
صحيفة روسية: هل تفجّر إدلب العلاقات بين موسكو وأنقرة؟
ديلي بيست: هل يؤخر الأسد هجومه على إدلب؟