أثارت التظاهرات الكبيرة التي خرجت في عموم
محافظة
إدلب وريف حلب أمس تساؤلات بشأن الرسائل الداخلية والخارجية التي تهدف
إليها في ظل تهديدات
روسيا والنظام السوري بشن عملية عسكرية لإنهاء آخر معقل من
معاقل المعارضة بسوريا.
وقدر النشطاء مشاركة المتظاهرين أمس في 80
نقطة تظاهر ضمن مناطق خفض التصعيد والتي تتواجد بها قوات تركية.
وطالب
المتظاهرون بإسقاط "نظام الأسد"، ودعوا إلى "
سوريا موحدة"
مطالبين المجتمع الدولي بالتضامن مع مظاهراتهم في كافة أرجاء الشمال السوري في
تظاهرات حملت شعار "لا بديل عن إسقاط الأسد".
وشهدت مدن جسر الشغور وأريحا
وخان شيخون ومعرة مصرين ومعرة النعمان، وسرمدا وسراقب وبلدات تفتناز، وكفرنبل،
وأرمناز ودركوش بريف إدلب هذه التظاهرات.
وعلى صعيد الرسائل التي بعثت بها التظاهرات
قال الكاتب السوري سعد وفائي إن "الرسالة كانت واضحة بأن عموم الشعب يرغب
بالحرية ويرفض استمرار هذا النظام رغم الإجرام الذي مارسه بحقه طيلة السنوات
الماضية".
"سوريا المصغرة"
وأوضح وفائي لـ"
عربي21" أن إدلب
باتت اليوم تمثل "سوريا المصغرة" بعد تهجير كل هذه الأعداد من السوريين
من كافة المحافظات التي دمرها النظام إليها.
ولفت إلى أن أي مكان في العالم لو تعرض لما
تعرضت له سوريا وهجر أهله لتجمع في مكان واحد وأعلن استمراره بثورته التي بدأها
بغرض نيل الحرية والتخلص من الدكتاتورية وهو ما بدا عليه مشهد أمس في إدلب.
ورأى وفائي أن التظاهرات تعكس إجماع السوريين
على رفض الأسد ورفض الحلول الترقيعية التي تعيد إنتاج النظام بشكل لن يؤدي إلى
امتلاك الشعب لحريته بل إلى عودة الناس إلى ما قبل عام 2011 لكن بديكور جديد.
وشدد على أن مشهد التظاهرات أمس يكشف إلى أي
حد يرفض السوريون "التطرف والتشدد" من قبل أي فصيل أو مجموعة وأن
المطالب الأولى للثورة بقيت كما هي دون تغيير رغم كل القتل والدمار والتهجير الذي
تعرضوا له.
وعلى صعيد التفاوض على مصير السوريين
والعملية السياسية قال وفائي: "المتظاهرون أكدوا أنهم ركن أساس في أي عملية
سياسية ولا يمكن القفز عليهم وتجاوزهم وأي حل يصاغ بعيدا عنهم لن يلقى نجاحا ومصيره
الفشل".
الثورة مجددا
من جانبه قال نائب رئيس الجالية السورية في
إسطنبول نزار خراط إن محاولة جمع الفصائل وتهجير السوريين صوب الشمال بهدف إنهائهم
مرة واحدة عبر اقتتالهم مع بعضهم البعض فشلت والدليل على ذلك مشهد التظاهرات أمس.
وقال خراط لـ"
عربي21" إن
"الثورة لم تنته وأعادت تجديد نفسها في أحلك الظروف بل ربما تعد تظاهرات
الأمس الانطلاقة الثانية لها لكن هذه المرة من إدلب".
ورأى أن التظاهرات تبعث برسالة قوية للسوريين
والنشطاء في الخارج بعد فتور نسبي للتحرك من جديد وبث دماء جديدة في حركة التظاهر
والفعاليات المساندة لما لها من أثر معنوي ودولي.
وأضاف خراط: "تأثير التظاهرات على
النشطاء والمراكز الحقوقية المرتبطة بمراكز صنع القرار في الخارج كبير خاصة في ظل
التهديدات بالهجوم على إدلب وهذا الحراك يمكن أن يساهم في عرقلة هذه
التهديدات".
وتابع: "العالم كله يشاهد ويعلم ما الذي
يحصل في إدلب وعدد الناس الرسالة واضحة كانت للعالم أن إدلب فيها شعب يريد التخلص
من الدكتاتورية وما زال يصر على الأساليب السلمية رغم وجود السلاح بيده للدفاع عن
نفسه".