نشر موقع "ذا إنترسبت" الإخباري تقريرا للصحافي الاستقصائي نيك تورس، يقول فيه إن قاعدة طائرات مسيرة تقوم أمريكا ببنائها في زاوية نائية من أفريقيا أثارت الانتباه بسبب تكلفة بنائها، التي وصلت إلى 100 مليون دولار.
ويستدرك التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، بأنه بحسب المصاريف المتوقعة لسلاح الجو، فإن تكلفتها المبدئية ستكون قليلة جدا مقابل كلفة تشغيلها، التي ستصل إلى 30 مليون دولار في العام، فيما ستتجاوز تكلفة البناء مضافا إليها تكلفة التشغيل في عام 2024، عندما ينتهي وقت اتفاقية استخدام القاعدة في أغاديز في النيجر، الربع مليار أو بشكل أدق 280 مليون دولار.
ويعلق تورس قائلا: "حتى هذا الرقم فإنه أقل من الواقع، حيث لا تتضمن توقعات سلاح الجو تكاليف إضافية مهمة، مثل رواتب الأشخاص الذين يديرون القاعدة، ولا الوقود لتشغيل الطائرات المسيرة، وتعد القاعدة جزءا من التمدد العسكري المتزايد في أفريقيا، وتشكل أكبر مشروع تقوم به القوات الجوية الأمريكية، بحسب المتحدث باسم القوات الجوية الأمريكية في أوروبا وأفريقيا ريتشارد كميوريك".
ويشير الموقع إلى أن "هذه القاعدة، وهي عبارة عن قاعدة جوية تتضمن حقل طيران والمرافق الملحقة به في القاعدة الجوية النيجرية 201 أو إيه بي 201، التي كان من المفترض أن تكلف 50 مليون دولار، وأن تكون مخصصة لطائرات التجسس، وكان من المفترض الانتهاء منها عام 2016، والآن أصبح واضحا أنها ستكلف 100 مليون دولار، وستتضمن طائرات مسيرة هجومية، مثل (أم كيو 9 ريبر)، التي ستتمكن من الطيران من القاعدة عام 2019، ومع ذلك فإن تكلفة البناء ليست هي نهاية النفقات على القاعدة".
وينقل التقرير عن المؤسس الشريك والمدير المشارك لمركز دراسة الطائرات المسيرة في كلية بارد، ومؤلف دليل يعرف قواعد الطائرات المسيرة عن طريق صور الأقمار الصناعية، دان غيتنغر، قوله : "إنها ربما تكون إحدى أبعد القواعد الجوية الأمريكية.. فمعظم قواعد الطائرات المسيرة هي عبارة عن ملحقات لمطارات أكبر، لكن ليست القاعدة في أغاديز، فالبنية التحتية الأصلية غير موجودة، ولذلك فإن حجم المشروع كبير".
ويفيد الكاتب بأن الوثائق المقدمة من القوات الجوية للكونغرس عام 2015 تشير إلى أن أمريكا "توصلت إلى اتفاقية مع الحكومة في النيجر، للسماح لها ببناء مدرج طائرات جديد وكل ما يرتبط به، من أرصفة ومرافق وبنى تحتية، بجانب القاعدة الجوية النيجرية (إيربيس 201) جنوب مدينة أغاديز"، مشيرا إلى أنه عندما صدر قانون ميزانية الدفاع لعام 2016، فإنه كان يحتوي على 50 مليون دولار مخصصة لبناء القاعدة "لدعم العمليات في غرب أفريقيا".
واكتشف موقع "إنترسبت" أن تكلفة القاعدة الجوية هي ضعف ما ذكر، ونشر ذلك في مقال على الموقع في شهر أيلول/ سبتمبر 2016، مستدركا بأنه بالرغم من تقارير حديثة تفيد بأن تكاليف بناء القاعدة ستصل إلى 110 ملايين، إلا أن كميوريك قال لـ"إنترسبت" بأن مجمل تكاليف المشروع بقي تقريبا ذاته، حيث سيصل إلى 98.5 مليون دولار العام القادم.
ويجد التقرير أنه مع أن الميزانية الكلية لم تتغير، إلا أن الطريقة التي قسمت فيها التكاليف تغيرت، فارتفعت تكلفة البناء من 50 مليونا إلى 60 مليونا بسبب "الآثار غير المتوقعة للظروف الصعبة والموقع النائي لأغاديز"، بما في ذلك آثار الطقس الحادة بحسب كميوريك.
ويذكر تورس أن وزارة الدفاع بررت الزيادة بقيمة 10 ملايين في رسالة في حزايران/ يونيو 2017 للنائب تشارلي دينت، وهو عضو رئيسي في لجنة الاستحواذ، ومدير اللجنة الفرعية المتخصصة في الإنشاءات العسكرية، بالقول إن سوء التخطيط الأولي أدى إلى زيادات غير متوقعة في الحصول على ثلاثة ملاجئ طائرات، والحاجة لإقامة سياج أمني حول القاعدة.
ويلفت الموقع إلى أن قاعدة أغاديز أصبحت هي الأكبر التي تبنيها القوات الجوية الأمريكية في تاريخ تلك القوات بحسب مارك كنكيد من قسم الإنشاءات ومركز دعم المهمات، بحيث تجاوزت قاعدة الظفرة في الإمارات، وهو موقع بقي سريا لفترة طويلة تسير منه أمريكا الطائرات دون طيار والطائرات المقاتلة، مشيرا إلى أن قاعدة فان رانغ في جنوب فيتنام، التي كانت تحتوي على 150 طائرة في عام 1969، كانت قبل ذلك القاعدة الأكبر.
ويقول التقرير إن "موقع أغاديز قد يكون بعيدا، لكنه ليس منيعا، وتظهر الصور والفيديوهات الصادرة عن القوات المسلحة قاعدة جوية بالمواصفات الأمريكية كلها، تدخل إليها من بوابة كتب فوقها: (مرحبا بك في أغاديز: أفضل أسرار النيجر)، وتنظر حولك فترى ثلاث حظائر طائرات، كلفت كل منها 1.58 مليون دولار، وترى أطباق أقمار صناعية، وخياما كبيرة مكيفة، ومركزا للتمارين والاستراحة للجنود، بالإضافة إلى أن هناك مقهى مكيفا".
وينوه الكاتب إلى أن القوات الجوية قامت في وقت سابق من هذا العام بطرح مناقصة للمتعاقدين، لتوفير غرفة رفع أثقال في القاعدة، وحددت المناقصة الأجهزة التي يحتاجها مركز التدريب من أوزان تتراوح ما بين 2.5 رطل إلى 45 رطلا، وأثقال دمبلز تتراوح ما بين خمسة أرطال و100 رطل، وأجهزة تمارين أخرى.
وبحسب الموقع، فإنه لإبقاء قاعة التمارين منارة، وتشغيل الـ"واي فاي" وأجهزة التلفاز وأجهزة التبريد تعمل، ناهيك عن مياه الشرب وطعام الجنود، فإن ذلك كله يحتاج إلى مبالغ كبيرة.
وقالت وزارة الدفاع لـ"إنترسبت" عام 2016 إن تشغيل القاعدة سيحتاج إلى أقل من 13 مليون دولار في العام، إلا أن كميوريك قال إن هذا الرقم متواضع، وأنه لم يشمل المصاريف التي يشملها التقدير الآخر، وهو 30 مليون دولار في العام، وأوضح في بريد إلكتروني انه "بالإضافة إلى التكاليف المبدئية لأي موقع فإن هناك تكلفة تشغيلية سنوية وصيانة وإمدادات، ودعما لوجستيا .. ودعم عمليات، وكلها تعتمد على حجم العمليات المطلوبة"، وأوضح أن تكلفة الإمدادات للقاعدة تقدر بثلاثين مليون دولار في العام.
ويبين التقرير أن القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا تشدد على أهمية قاعدة أغاديز في النيجر، وتقول وثيقة التخطيط للقاعدة: "إن وجود الطائرات المسيرة في شمال غرب أفريقيا يدعم العمليات ضد سبع منظمات مصنفة إرهابية (من وزارة الخارجية)، ونقل العمليات إلى قاعدة أغاديز يركز عمليات الرصد والمراقبة إلى التهديدات الحالية والناشئة في النيجر وتشاد .. ويوسع المجال ليشمل ليبيا ونيجيريا".
ويبين تورس أن بناء القاعدة بدأ في صيف عام 2016؛ أملا في أن تطير منها الطائرات دون طيار مع نهاية العام، لكن بحسب كميوريك فإن الانتهاء من بناء القاعدة لن يتم حتى نهاية هذا العام، ولن تطير الطائرت من القاعدة حتى عام 2019.
ويختم "ذا إنترسيت" تقريره بالإشارة إلى قول غيتنغر للموقع: "إن تحدي بناء هذه القاعدة الضخمة وسط الصحراء تسبب في الإعاقات التي رأيناها".
بلومبيرغ: سر موقف أمريكا الفاتر من السعودية ضد كندا
بلومبيرغ: قاض أمريكي يرفض دعوى برويدي ضد قطر
ماذا كشفت تسجيلات الطيار الذي ألقى قنبلة هيروشيما النووية؟