في استجابة سريعة لتصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشأن استخدام تركيا العملة الوطنية في التبادلات التجارية الدولي، أعلنت روسيا، الإثنين، عن رغبتها في أن يكون التبادل التجاري مع تركيا بالعملة الوطنية.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، تصريحات صحفية، اليوم الإثنين إن روسيا تدعم استخدام العملات الوطنية في التجارة الدولية، وتقوم منذ فترة طويلة بدراسة الأمر على أعلى المستويات.
وأشار إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أيضا سبق له أن طرح استخدام العملات الوطنية في التبادلات التجارية الدولية.
والسبت، كشف الرئيس أردوغان عن خطط لاستخدام العملات المحلية في التبادلات التجارية البينية الخارجية مع دول مثل الصين وروسيا وإيران وأوكرانيا. وسبق للرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن انتقد استخدام الولايات المتحدة الدولار كأداة سياسية.
اقرأ أيضا: تركيا تتخذ إجراءات اقتصادية وأمنية لمواجهة "حرب الليرة"
والأحد قال النائب الأول لرئيس الوزراء الروسي وزير المالية أنطون سيلوانوف، إن بلاده ستقلص من تعاملاتها بالدولار الأمريكي وستزيد اعتمادها على عملات دول أخرى في التبادلات التجارية.
وتواجه تركيا في الآونة الأخيرة، حربًا اقتصادية من جانب قوى دولية، ما تسبب في تراجع سعر صرف الليرة، وارتفاع نسب التضخم في البلاد.
نجاح مشروط
وحول مدى دوافع روسيا وتركيا إلى استخدام العملة الوطنية في التبادلات التجارية بينهما وتأثيره على الأزمة الاقتصادية التي تواجهها تركيا حاليا، اعتبر الباحث الاقتصادي أحمد مصبح أن ذلك يستهدف تعزيز قيمة العملة المحلية، ويساهم في تخفيف ضغط الدولار عليها.
وقال مصبح في تصريحات خاصة لـ"عربي21"، إن نجاح هذا النظام، وقوة تأثيره يتوقف على حجم التبادل التجاري بين الدولتين، وكذلك حجم المديونية العامة لكل دولة خاصة إذا كانت بالدولار.
وأضاف: "على سبيل المثال، 40% من مديونية تركيا بالدولار، ولديها التزامات سابقة مقومة بالدولار، ولذلك تركيا لا تزال في حاجة إلى الدولار للوفاء بالتزاماتها، ولا يمكنها الاستغناء عنه في الوقت الآني".
اقرأ أيضا: هذه أبرز خيارات أردوغان في مواجهة الحرب الاقتصادية ضد تركيا
وأشار مصبح إلى أن تركيا حاليا لا تسعى لحلول آنية للأزمة بقدر ما تريد الحد من سطوة الدولار التي تستخدمها الولايات المتحدة الأمريكية في الضغط على الحكومات والدول.
وتابع: "ليس من السهولة أن تفرض تركيا وحدها واقعا اقتصاديا دوليا جديدا، والتكتلات الاقتصادية إن لم تكن مدعومة من المجتمع الدولي فتأثيرها سيكون ضعيفا، والعكس صحيح".
وأكد أن الدول المتضررة من الهيمنة الأمريكية مثل تركيا وروسيا والصين وإيران وبعض دول الاتحاد الأوروبي، إذا نجحوا في تشكيل رؤية اقتصادية مشتركة فيمكنهم تحقيق حالة نجاح في كسر الهيمنة الأمريكية.
لكن في الوقت نفسه استبعد مصبح ذلك قائلا: "الاتحاد الأوروبي مرتبط بمصالح وشراكات كبيرة مع الولايات المتحدة الأمريكية، إلى جانب أن صندوق النقد الدولي لن يسمح للحكومات والدول التي يتحكم في قراراتها الاقتصادية بكسر تلك الهيمنة".
اقرأ أيضا: أردوغان يستنفر الأتراك لحماية الليرة.. هل ينجح مجددا؟
بث الثقة
وقال الخبير الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي، إنه على الرغم من أن حجم التبادل التجاري بين تركيا وروسيا يتركز في اتجاه النفط والغاز وبعض السلع البسيطة، إلا أن قرار استخدام العملة الوطنية في التبادلات التجارية بينهما يعد رسالة للنظام العالمي النقدي السائد وأمريكا بأن هناك إمكانية للتخلي عن الدولار في التسويات التجارية.
وأكد الصاوي في تصريحات خاصة لـ "عربي21"، أنه إذا استطاعت روسيا وتركيا تحقيق حالة نجاح في استخدام العملة الوطنية في التبادل التجاري بينهما، فربما يشجع ذلك بلدان أخرى، تواجه عقوبات اقتصادية أمريكية، على اتباع ذلك النظام، لافتا إلى أن الإعلان الروسي يتوافق مع دعوة مماثلة أطلقتها الصين خلال الأزمة المالية العالمية في 2008.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن "الإعلان عن استخدام العملة الوطنية في التبادل التجاري بين روسيا وتركيا سيساهم بشكل كبير في بث الثقة بنفوس المستثمرين داخل تركيا، ويعزز الشعور لديهم بأن هناك حلحلة للأزمة، حتى وإن كان تأثيرها المباشر محدودا في الأجل القصير".
"المركزي التركي" يتدخل لدعم الليرة ويتعهد بتوفير السيولة
أردوغان يجدد معاداته للفائدة رغم أزمة الليرة.. هكذا وصفها
هذه أبرز خيارات أردوغان في مواجهة الحرب الاقتصادية ضد تركيا