نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا بينت فيه كيف أصبحت الإمارات مركزا استخباراتيا، حيث تعتمد كاميرات المراقبة المزروعة في "مركز أبو ظبي الوطني للمعارض"، لمراقبة مداخل السفارة الإيرانية ومخارجها.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته
"عربي21"، إن الممرات الأربعة في شارع "الكرامة" الفاصلة بين
المبنيين، والغطاء النباتي الذي يخفي سفارة إيران، لا يشكل عائقاً أمام عملية
تحديد هوية الأشخاص والسيارات التي تخرج من مقر السفارة.
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي غربي في أبو ظبي قوله إن
"الهاجس الجيوسياسي الذي يشغل بال ولي العهد ونائب القائد الأعلى للقوات
المسلحة، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، هو إيران وبصفة أقل قطر، لهذا السبب، تم
تركيز نظام أمني متكامل من بين أهدافه الرئيسية التجسس".
وذكرت الصحيفة أن ملف إيران يشغل بال أبو ظبي، ولا
يعزى هذا الاهتمام إلى كثرة الزيارات التي يجريها رجال الأعمال والسياح الإيرانيون
للإمارات، وإنما لسبب آخر، مشيرة إلى أنه في يوم 26 كانون الأول/ ديسمبر من سنة
2017، أصدر القضاء المحلي أحكاما بالسجن في حق عسكري إماراتي يبلغ من العمر 28
سنة، مدتها 15 سنة بتهمة تورطه في عملية تجسس لصالح إيران.
وقد اكتشفت السلطات أن هذا العسكري الإماراتي قد سرب
معلومات عن المراكز العسكرية الإماراتية لصالح عملاء إيرانيين يعملون داخل السفارة
الإيرانية.
اقرأ أيضا: وزير إماراتي: مستعدون لتحمل عبء أمني أكبر بالشرق الأوسط
كما أصدرت محكمة الاستئناف أحكاما تتراوح مدتها بين
عشر وثلاث سنوات سجنا في حق رجلين آخرين، أحدهما إماراتي يبلغ من العمر 35 سنة،
والآخر مواطن بحريني يبلغ من العمر 45 سنة، بتهمة التواطؤ مع إيران.
وقد أدين الرجلان بتهمة نشر معلومات على مواقع
التواصل الاجتماعي، اعتبرتها المحكمة "مهينة" للقادة الإماراتيين،
بالإضافة إلى نشرهم "أكاذيب" تخدم مصالح طهران.
وأكدت الصحيفة أنه بعد الاطلاع على هذه الأحكام
الصادرة في حق متهمين بالتخابر، بات جليا أن التجسس لصالح دولة أخرى في الإمارات
يعد أمرا صعبا، ومع ذلك، لم تفهم السلطات المحلية بعد كيف تم تصفية قيادي من حركة حماس
على يد جندي كوماندو من الموساد الإسرائيلي في أحد الفنادق بدبي سنة 2010.
وخلال تلك الفترة، نجحت الإمارات في تحديد هوية 26
عميلا إسرائيليا متورطا في تنفيذ عملية الاغتيال، ولكن لم تتمكن من إيقافهم، وقد
صرح حينها القائد العام لشرطة دبي، ضاحي خلفان تميم، بأن "كل الجواسيس
الأجانب غادروا البلاد في غضون أسبوع".
وأشارت الصحيفة إلى أن ضابطا تابعا للقاعدة العسكرية
الفرنسية في أبو ظبي يعتبر أن "هذه القضية تعد بمثابة نعمة حلت على الإمارات،
لأنها تمثل رسالة مفادها أنه أي شخص يفكر في ارتكاب عملية مماثلة لن يمر دون أن
يلاحظه أحد"، وقد انتشرت هذه الرسالة بين مختلف السفارات الغربية في البلاد.
اقرأ أيضا: وثائق إماراتية مسربة: الخرطوم سلاحها معنا وقلبها مع الإخوان
وأفادت الصحيفة بأن الإماراتيين يتطلعون للمحافظة
على سيادتهم الوطنية وحماية السياحة والأعمال، وأن تبقى بلادهم الملاذ الأكثر
أمانا في العالم، وقد صرح ممثل عن قسم خدمات الاتصالات التابع لوزارة الداخلية بأن
بلاده تخضع "لأمن شبه مطلق".
وأضافت الصحيفة أن دبي تبقى من أكثر النقاط نشاطا في
العالم فيما يتعلق بالقضايا "الكلاسيكية" لعمليات التجسس، لأنها تمثل
محور النقل العالمي، ومركزا يحتضن المؤتمرات الراقية، ووجهة سياحية جذابة،
بالإضافة إلى أنها نقطة التقاء العالم الإسلامي والإفريقي والجنوب آسيوي لا سيما
الهندي والأفغاني.
وأوردت الصحيفة تصريحا لعميل سابق في المديرية
العامة للأمن الخارجي الفرنسي نوه فيه إلى أنه "يمكننا أن نتغلغل في هذه
البلاد مثل أي مكان آخر ونعالج مواضيع تتجاوز قدراتهم".
ويتذكر هذا العميل الفرنسي السابق جيدا لقاء عُقد في
أحد فنادق مطار دبي جمعه بمصادر معلومات جاؤوا من جميع أنحاء المنطقة، وفي حديثه
عن هذا اللقاء، قال العميل الفرنسي "لم يكن يتعين علينا استخراج جوازات
السفر، كما أننا ننزل في غرف متصلة فيما بينها".
وأكدت الصحيفة أن كلا من أبو ظبي ودبي تمثلان مجالا
خاصا للتجسس، الأمر الذي دفع القوى الكبرى في العالم إلى توظيف العديد من الموارد
للتقرب منها، على غرار توقيع عقود التسلح، وعقود أخرى في مجالات الفضاء والملاحة
الجوية، وتتصدر الولايات المتحدة قائمة البلدان الموقعة على عدة صفقات مع الإمارات
في هذه المجالات، تليها فرنسا، خاصة على مستوى صفقات بيع الأقمار الصناعية.
لماذا تسعى الإمارات والسعودية وإسرائيل لتقارب أمريكي روسي؟
نيويوركر: هل بدأت عملية تغيير النظام في إيران؟
بلومبيرغ: هذه خيارات ترامب لتخفيض أسعار النفط