نشر موقع "موديرن دبلوماسي" مقالا للمصرفي والمستشار المالي مير محمد علي خان، يقول فيه إن اقتصاد دبي يذوب مثل ذوبان النهر الجليدي في الصحراء.
ويبدأ خان مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، بالقول: "كتبت مقالا في 12 كانون الأول/ ديسمبر 2016، توقعت فيه أن ينهار اقتصاد دبي، حتى أني حددت التاريخ الذي يمكن أن يحدث فيه ذلك في 2018، ها نحن في عام 2018، وبدأ اقتصاد دبي بالذوبان، مثل حبة مثلجات في حر الصيف على شاطئ الجميرة".
ويتساءل الكاتب قائلا: "فلنتفحص كيف حدث ذلك؟"، ويجيب بالقول إن "دبي بلد عشت فيه عدة سنوات، وقمت بإنشاء شركات وإدارتها، وأفهم البيئة الاقتصادية وتركيبتها المالية، والتركيبة المالية فيها مرتبطة بالتركيبة الاقتصادية بشكل غريب جدا، وهي ظاهرة غير موجودة في الكثير من مدن العالم، ظاهرة (أدين لك وسأدفع لك لاحقا)".
ويشير خان إلى أن "هذا يأتي على شكل (صك مؤجل التاريخ)، ولا أحد يسأل قبل أن يأخذ منك الصك (الشيك)، ماذا سيحصل بعد ثمانية أشهر من الآن، وإن كان عملك سيكون قد انهار أم لا، أو أنك تواجه مشلكة سيولة أم لا، وكيف ستستطيع دفع الصك، فأنت لم تدفع الصك لبنك لديه إمكانيات مالية ضخمة".
ويستدرك الكاتب بأن "صكك ذهب غالبا لرجل أعمال آخر، يكتب صكات لدائنيه أيضا بناء على صكات عملائه المؤجلة، فتخيل أدين لك اعتمادا على آخر أدين له، اعتمادا على ثالث أدين له.. إلى عدد لا ينتهي من الصكوك المؤجلة، فببساطة لا يمكن لاقتصاد أن يعيش وينمو على هذا المبدأ، فإن فشل رجل أعمال واحد في السلسلة بالوفاء بالتزامه المالي تنقطع السلسلة بأكملها، وأكبر الشركات تواجه تدهورا في أوضاعها، ويمكن لصكوكها ألا تصرف، وأغرب ما في الأمر هو أنه عند حصول هذا الأمر فإن رجل الأعمال لا يعطى فرصة لإعادة التفاوض على طريقة لدفع الدين، بل ترفع شكوى ويتم اعتقال رجل الأعمال، أو لتجنب الاعتقال يهرب رجل الأعمال، تاركا عمله لينهار تماما، دون ترك فرصة لحصول مستحقي الصك على مالهم".
ويلفت خان إلى أنه "قبل أسبوعين لم يتم صرف شيك بمبلغ 48 مليون دولار لشركة أبراج كابيتال".
ويعلق الكاتب قائلا: "إن ظننت أن هذا الرقم كبير فانظر إلى الأرقام التالية: منذ كانون الثاني/ يناير 2018 حتى نهاية أيار/ مايو 2018 تم رفض صرف صكوك بقيمة 26 مليار درهم (سبعة مليارات دولار)، عدد الصكوك المرفوضة 1.2 مليون صك، وهو ما نسبته 39.3% من مجموع الصكوك المؤجلة الصادرة عام 2017 لتصرف عام 2018، وعندما حان وقت صرفها رفضت".
ويرى المستشار المالي أن "39.3% ليست نسبة بسيطة ولا عدد الصكوك المرفوضة ولا قيمة تلك الصكوك، وإن استمر هذا في الأشهر القادمة، من تموز/ يوليو إلى كانون الأول/ ديسمبر، فإن هذه قد تكون بداية كارثة على السلطات التعامل معها مع غياب فرص الحل، والسبب الذي يجعلني أقول إن فرص الحل غائبة، هو أنه يجب البحث للتأكد إن كان الأشخاص الذين كتبوا الصكوك لا يزالون في دبي أم أنهم فروا منها".
ويبين خان أنه "للبحث في هذا الموضوع فإنه يمكن أن تبحث عن عدد الناس الذين ألغوا خطوط هاتفهم، ثم البحث عن عدد الأطفال الذين سحبوا من المدارس، ولو نظرنا إلى أرقام أكبر شركة هواتف في دبي (اتصالات)، فنجد أنه تم إلغاء 32 ألف خط خلال 38 يوما من شهري آذار/ مارس ونيسان/ أبريل 2018، بالإضافة إلى أنه تم سحب 28 ألف طفل من المدارس دون تسجيلهم للفصل الدراسي القادم، ما يعني أن تلك عائلات لن تعود إلى دبي".
ويجد الكاتب أن "الأمر لم ينته هنا، وأتمنى لو لم تكن المؤشرات واضحة إلى أبعد الحدود، لكنها كذلك، فالعقارات في دبي، التي كانت تباع بـ 2300 درهم للقدم المربع، تباع الآن بأقل من 600 درهم للقدم المربع، أي أنها تباع بربع قيمتها".
وينوه خان إلى أن "سوق الذهب فيه متاجر فارغة لأول مرة خلال 35 عاما، حين كان من الصعب استئجار أو شراء متجر، أما مولات (أريبيان سنتر) و(سانسيت مول) و(الغرير) فكلها تشهد إغلاق متاجر كل أسبوع، فيما أبراج الإمارات، التي تحتوي على أكثر المطاعم أناقة، فإنها تشهد إغلاقا تلو آخر للمطاعم، وخفضت الفنادق أجورها بنسبة 30%، وأغلق 18 فندقا الشهر الماضي فقط، بما في ذلك (سافوي) و(رمادا) و(ريتشموند) و(كريست) و(جارموند)".
ويفيد الكاتب بأن "(لامسي بلازا)، وهو أحد أكثر المولات ازدحاما، عانى من حريق، وكان من المفترض أن يعاد افتتاحه في آب/ أغسطس 2017، لكنه لا يزال مغلقا، أما مول (بورجومان) و(وافي) فيعانيان من أعلى نسب المتاجر الفارغة، ويمكن للقائمة أن تمضي وتظهر مؤشرات الانهيار الاقتصادي أكثر مما تستطيع قراءته".
ويعلق خان قائلا إن "الفكرة ليست هي الجلوس والسخرية مما حصل، فإن في ذلك قسوة وغرورا، فقد تأثرت أرزاق أناس، ودمرت عائلات، لكن الفكرة هي أن تتعلم بقية دول التعاون الخليجي بالتوقف عن اقتصاد الصكوك المؤجلة قبل أن يواجه اقتصادها المصير ذاته، والدرس بالنسبة لرجال الأعمال هو تطوير أعمال قابلة للعيش، حيث لا تعتمد حريتهم على صك مرتجع".
ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "دبي تمر بمرحلة صعبة، وفي رأيي المتواضع فإننا لم نر الحضيض بعد، فما يحدث اليوم هو مجرد مؤشر على ما هو آت، وبسبب الرقابة المفروضة على الإعلام، والسيطرة على نشر الأخبار، فإن هذه القصص لن تسمعها في دبي، إلا إذا كنت صحافيا يحب طعام السجن".
فورين أفيرز: ما سر حرص الإمارات على السيطرة على الحديدة؟
أتلانتك: هذا أخطر ما يهدد قبضة ابن سلمان على السلطة
إندبندنت: هذا دافع السعودية الحقيقي لرفع الحظر عن قيادة المرأة