نشرت صحيفة الغارديان البريطانية تقريرا، ذكرت فيه أن إمارة دبي الإماراتية باتت ملاذا مفضلا للمتحيلين والمتهربين من الضرائب، بعد أن كشف تسريب لقائمة مالكي العقارات في هذه الإمارة، عن وجود أسماء أشخاص ملاحقين قضائيا في أوروبا بتهمة التهرب الضريبي والتحيل على القانون.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن دبي تستخدم كملاذ لإخفاء ملايين الدولارات من أموال جامعي الضرائب، التي تم الاستيلاء عليها، وذلك بحسب ما أكده محققون بريطانيون.
وأوضحت الصحيفة أن عملية تسريب ضخمة لبيانات مالكي العقارات في دبي، بينت أن متحيلين متورطين في عمليات مشبوهة كلفت الخزينة البريطانية حوالي 100 مليون جنيه استرليني، قاموا بشراء مجموعة من العقارات الفاخرة في دبي، التي باتت توصف الآن بأنها "costa del crime"، أو الملاذ المفضل للمجرمين الراغبين في غسيل أموالهم، بعد أن كان هذا الوصف يطلق سابقا على منطقة في إسبانيا.
اقرأ أيضا: أثرياء الإمارات فقدوا خمسة مليارات من ثروتهم في 2017
وأضافت الصحيفة أن قائمة مالكي العقارات التي تم تسريبها، ستخضع لفحص دقيق من قبل المحققين البريطانيين، الذين كانوا منذ فترة يحاولون اقتفاء أثر الملايين التي اختفت، والتي كان يفترض بالمتحيلين أن يدفعوها للسلطات البريطانية ودول أوروبية أخرى.
وأكدت الصحيفة أن الأشخاص الذين ظهرت أسماؤهم في القائمة المسربة، متهمون بالتورط في عمليات التزوير الدائري "وهي عملية تحيل للاستفادة من بعض قوانين الإعفاء من دفع الأداء على القيمة المضافة على بعض المواد المستوردة"، والتي تشير التقديرات إلى أنها كلفت الخزينة البريطانية 16.5 مليار جنيه إسترليني من الضرائب بين 2005 و2016.
ونقلت الصحيفة عن رود ستون، المدير المساعد سابقا في وحدة مكافحة الجريمة المنظمة، ضمن الهيئة الملكية للمداخيل والجمارك: "إن هؤلاء المتحيلين بدأوا بإيداع بضائعهم عبر دبي في سنة 2005، في محاولة لتقويض قدرة سلطات الضرائب على تحديد تحركات الأموال والبضائع، وهو ما يعرف في عالم الجرائم المالية بعبارة التزوير الدائري."
وأضاف رود ستون: "هؤلاء المتحيلون استخدموا بنوك إمارة دبي من أجل مراوغة الإجراءات الصارمة لمكافحة غسيل الأموال في بريطانيا، وتقويض قدرة السلطات على تجميد الأرباح التي حققوها بشكل غير قانوني".
اقرأ أيضا: دبي تسرق العلامة التجارية لـ"إكسفورد".. والجامعة ترد
وأضاف نفس المصدر: "العديد من المتخصصين في المجال القانوني باتوا يعتقدون الآن أن دبي حلت مكان "costa del crime" في إسبانيا، كوجهة مفضلة للمجرمين من أجل إخفاء ممتلكاتهم واستثمارها."
وذكرت الصحيفة أن منظمة استقصائية دولية تدعى "مشروع التبليغ عن الجريمة المنظمة والفساد"، حصلت على تسريبات ضخمة حول ملكيات العقارات في دبي، تعود سجلاتها إلى الفترة بين 2014 و2016، فيما قامت مؤسسة أخرى استقصائية هي Finance Uncovered بالبحث عن أسماء رجال الأعمال الملاحقين من السلطات في بريطانيا، ضمن هذه اللائحة.
وأضافت الصحيفة أن أحد هؤلاء هو مصطفى الحسني، الذي نشأ ودرس في مدينة لندن، والذي يمتلك شركة لبيع أجهزة الهواتف بالجملة تحمل اسم "Abyss International"، كان يعمل انطلاقا من لندن ودبي أيضا خلال الفترة السابقة.
هذا التاجر البالغ من العمر 47 عاما، والمولع باقتناء السيارات الفاخرة، تدين شركته بديون ضخمة لهيئة المداخيل والجمارك، ويواجه حاليا ملاحقات قضائية في بريطانيا، ولكنه اشترى 8 عقارات في دبي بقيمة تفوق 2.5 مليون جنيه إسترليني.
وأشارت الصحيفة إلى أنه من غير الواضح ما إذا كان مصطفى الحسني ما يزال يمتلك هذه العقارات، التي تم تحديد مواقعها، ليتبين أنها موجودة في أماكن فاخرة تشهد إقبالا كبيرا في دبي، مثل شاطئ الجميرة ومشروع "غرينز أند فيوز" قرب نادي غولف الإمارات.
اقرأ أيضا: بلومبيرغ: سقوط مدو لأحد أبرز مستثمري دبي
وذكرت الصحيفة أيضا أن الشقيق الأصغر لمصطفى الحسني، وهو يدعى حيدر، كانت سلطات الضرائب في بريطانيا تحاول أن تستخلص منه ديونا قيمتها ملايين الجنيهات، وقد اشترى هو أيضا عقارات في دبي.
وكشفت المنظمة البريطانية "Finance Uncovered"، التي تعمل على هذا الملف، أن أحد المتهمين بالتحيل، على خلفية استخدامه لشركات في بريطانيا والجزر العذراء لخداع وزارة الخزانة البريطانية، امتلك أو يمتلك هو أيضا ما لا يقل عن ثلاثة عقارات في دبي.
وأضافت الصحيفة أن شخصا آخر وهو محسن ساليا، من مدينة بريستون، كان قد تعرض للسجن في بريطانيا لمدة ثلاث سنوات وثلاثة أشهر، بسبب تهربه الضريبي أثناء عمله في قطاع تجارة الكربون في أوروبا. وقد جاء في نص الإدانة الموجه له في 2016 أن ساليا كان جزءا من عصابة للتزوير الدائري، حاولت التحيل على السلطات الألمانية للحصول على مبلغ 125 مليون يورو في شكل إقرارات ضريبية مزيفة، بالاستعانة بشركة أخرى موجودة في دبي.
وبحسب المعلومات المسربة، فإن ساليا كان أو لا يزال هو المالك لثلاث شقق في المجمع السكني "دسكوفري غاردن". لكن هذا الرجل الذي خرج الآن من السجن ويعيش في الإمارات، قال بأن هذه العقارات اشتراها قبل وقت طويل من تورطه في التحيل الذي أدى به إلى السجن.