نشرت مجلة "نيويوركر" الأمريكية تقريرا تحدثت فيه عن قدرة النجم المصري محمد
صلاح على التصدي للعنصرية المتفشية في أوروبا والعالم ضد
العرب والمسلمين. ويعمل مهاجم نادي
ليفربول الإنجليزي على كسر حواجز الإسلاموفوبيا بين الشعوب ودحض المغالطات، ليكون مثالا يقتدى به داخل الملعب وخارجه.
وقالت المجلة، في هذا التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إن مشجعي نادي ليفربول الإنجليزي باتوا متيمين بنجمهم الجديد محمد صلاح، وهو ما دفعهم لتغيير كلمات أغنية إنجليزية شهيرة لتعكس مدى حبهم وامتنانهم لمهاجمهم المصري. فقد دأبت جماهير ليفربول على ترديد الأهازيج تغنيا بصلاح، الذي دفع الإنجليز المتعصبين إلى إبداء استعدادهم لاعتناق الإسلام في كلمات الأغنية التي تقول "إذا سجل المزيد من الأهداف، سأصبح مسلما أيضا".
وأفادت المجلة بأن صلاح كان المبادر بإحداث التغيير في صلب فريق ليفربول، حيث تمكن صاحب الرقم 11 من تحطيم العديد من الأرقام القياسية. ومن بين آخر نجاحاته تتويجه بجائزة أفضل لاعب، التي تقدمها رابطة اللاعبين المحترفين في إنجلترا وويلز، فضلا عن تمكنه من قيادة فريقه للنهائي الأوروبي، لأول مرة منذ 11 سنة. وفي حين شهدت السنوات الفارطة تراجعا كبيرا للنادي في المحافل الأوروبية والمحلية، ساهم التعاقد مع صلاح في حدوث قفزة نوعية في النادي.
وأشارت المجلة إلى أن صلاح يتجاوز كونه مجرد لاعب كرة قدم عالمي، ليصبح أحد أكثر المسلمين شهرة في العالم. وخلافا لسائر النجوم المسلمين الآخرين، على غرار مدرب ريال مدريد زين الدين زيدان وعارضة الأزياء جيجي حديد، لم يتبن النجم المصري تعاليم العلمانية ولم يتأثر بثقافة الغرب.
وأكدت المجلة أن صلاح لم يتخل عن لحيته المعهودة، ويمكنك مشاهدته ساجدا على الأرض بعد كل هدف يسجله، فضلا عن توجيهه لإصبعه للسماء ناطقا بالشهادتين. وعند تصفح حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي، ستجد الكثير من الصور للنجم المسلم في مكة، في دلالة على مدى تمسكه بدينه. وإن لم يكن ذلك كافيا، قام اللاعب المصري بتسمية ابنته تيمنا بمكة المكرمة، فيما ترتدي زوجته، كما هو الحال مع جل السيدات المسلمات في مصر، الحجاب.
وتطرقت المجلة إلى طفولة محمد صلاح، الذي نشأ في قرية ريفية على ضفاف نهر النيل، حيث اعتاد لعب
كرة القدم مع أقرانه، فضلا عن مشاهدتها على التلفاز. وقد أبدى أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي لهذا الموسم سعادته لعلمه بأن الشباب المصري بات واعيا بقدرته على السير على خطاه والنجاح مثلما فعل هو رفقة ليفربول.
ونقلت المجلة تصريحات مدرب صلاح السابق، بوب برادلي، الذي قال إنه رأى في لاعب فريق "المقاولون العرب" السابق شيئا مميزا، ناهيك عن كونه ذكيا ومتواضعا للغاية. وأشاد المدرب الأمريكي باحترافية صلاح، الذي لم تمنعه تجربته الفاشلة نسبيا في تشيلسي من النجاح رفقة نادي روما الإيطالي والانتقال إلى ليفربول لصناعة التاريخ.
وأوضحت المجلة أن ما جعل محمد صلاح قادرا على الظفر بقلوب المشجعين البيض في إنجلترا هو عدم انتمائه لأي حركة أو تيار سياسي. وحيال هذا الشأن، صرح خالد بيضون، مؤلف كتاب "إسلاموفوبيا أمريكية"، بأن صلاح قادر على تقويض الآراء السلبية حول المسلمين وتحدي الإسلاموفوبيا، من خلال التصرف على طبيعته فقط.
وذكرت المجلة عددا من الحوادث التاريخية التي تكرس الإسلاموفوبيا، حيث سبق لمشجعي نادي تشارلتون أثلتيك ترديد هتافات عنصرية تتغنى بمقتل شاب أسود البشرة على يد شاب متعصب أبيض البشرة. وخلال شهر نيسان/ أبريل الماضي، انتشرت رسائل كراهية تطالب بمعاقبة المسلمين في إنجلترا، وفي هذه الدعوة دليل على تفشي الإسلاموفوبيا في الأوساط الإنجليزية.
ونقلت المجلة عن أستاذ سياسة العرب الحديثة وتاريخ الأفكار في جامعة كولومبيا، جوزيف مسعد، أن قدرة شخص محبوب مثل محمد صلاح على تغيير ظاهرة ذات تأثير مدمر مثل الإسلاموفوبيا لا يزال موضع شك. ويعتقد مسعد أن "صلاح فائز في الوقت الحالي، والجميع يحب الشخص الفائز". ولكن "منذ بضع سنوات خلت، تلقى زين الدين زيدان، سليل عائلة جزائرية مهاجرة، الكثير من التملق من طرف العرب والمسلمين والأفارقة والفرنسيين، لكن شهرته لم تخفف من الإسلاموفوبيا المنتشرة في فرنسا".
وأشادت المجلة بقدرة النجم المصري محمد صلاح على لفت أنظار الكثيرين، حتى أولئك الذين لا يمتون لعالم كرة القدم بصلة، من خلال النسق التصاعدي لأدائه المتميز رفقة ليفربول، فضلا عن المجهودات التي يبذلها في سبيل تغيير الغرب لنظرته إزاء العرب والمسلمين، ونظرة العرب لأنفسهم.
وفي الختام، أكدت المجلة أن نجم المنتخب المصري يتميز بتصالحه مع نفسه؛ فهو يتصرف على طبيعته على الدوام، ناهيك عن أن إنجازاته خارج المستطيل الأخضر فاقت ما حققه داخله بكثير، وهو ما يجعل الناس يحبونه لهذه الدرجة.