أثار الاتفاق غير المعلن الذي تم التوصل إليه بين مقاتلي تنظيم الدولة والنظام السوري برعاية روسية، في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين وحي الحجر الأسود، تساؤلات كثيرة حول الأسباب التي دفعت بالنظام إلى التوقيع على هذا الاتفاق، على الرغم من الموقف الصعب الذي كان فيه عناصر التنظيم.
وأتاح الاتفاق للنظام إعلان دمشق وريفها منطقة خالية من تواجد المعارضة، للمرة الأولى منذ اندلاع الثورة السورية.
فما هي الأسباب التي دفعت بالنظام إلى القبول بالاتفاق دون الإعلان بشكل صريح عنه، قائلا إنه اتفاق لخروج الأطفال والنساء؟
أسلوب اعتيادي
ومجيبا على التساؤل السابق، قال الباحث في "مركز جسور للدراسات"، عبد الوهاب عاصي، إن "استراتيجية واحدة اعتمدها النظام السوري للسيطرة على محيط العاصمة منذ سنوات، التي تعتمد على عزل المقاتلين في جيوب، ومن ثم توقيع هدن أو تجميد جبهات، يليها شن حملات عسكرية على كل منطقة على حدة وصولا إلى فرض التهجير".
وأضاف لـ"عربي21" أن ما جرى مع تنظيم الدولة لا يخرج عن هذا الإطار، حيث قام بتجميد المعارك معه خلال فترة سابقة في محيط دمشق، ومن ثم جاءت المعركة الأخيرة بعد الانتهاء من الغوطة الشرقية والقلمون الشرقي، والهدف الرئيس منها لم يكن الحسم العسكري الشامل، إنها الضغط بهدف ترحيل التنظيم نحو الشرق.
وبحسب عاصي، فإن النظام السوري يعلم أن شن حملة عسكرية شاملة على الأحياء التي يسيطر عليها داعش جنوب دمشق سيكون أمرا صعبا ومكلفا، وقد يترتب عليها استهداف مكثف للعاصمة وتهديد استقرارها، والنظام ليس بصدد ذلك فدمشق ليست الموصل ليكرر ما فعله التحالف الدولي فيها.
اقرأ أيضا: أنباء عن اتفاق بـ"اليرموك" بين "داعش" والنظام.. الأخير رد
وقال: "النظام استطاع من خلال الضغط العسكري نقل المعركة من جنوب دمشق إلى معركة جيب البادية المؤجلة أصلا".
من جانبه، اعتبر رئيس وحدة الأبحاث والدراسات في مركز "برق للاستشارات والدراسات المستقبلية"، محمود إبراهيم، أن "الاتفاق جاء بعد محاولات النظام الساعية إلى كسر النواة الصلبة لتنظيم الدولة في مخيم اليرموك، وبعد تحقيق الهدف الأهم، وهو التدمير البنيوي الشامل للمخيم، تمهيدا لإنشاء مناطق سكنية جديدة خاضعة للنفوذ الإيراني"، وفق قوله.
استغلال الوقت
وعن نقاط القوة التي مكنّت التنظيم من فرض الاتفاق على النظام، قال لـ"عربي21" إن "الدمار الهائل الذي خلفته المعارك الضاربة أعطى عناصر التنظيم المحاصرين القدرة على التمترس خلف الكتل الإسمنتية والاعتماد على القناصات، ما جعل من تقدم النظام مستحيلا".
وأضاف إبراهيم، أن التنظيم كان يراهن على مسألة الوقت لتحسين شروط الاتفاق، إذ يدرك عناصر التنظيم مدى الأزمة التي كان يعاني منها النظام منذ بداية المعارك الأخيرة الشهر الماضي.
وأوضح أن "النظام في حالة استعجال تام لإنهاء الاتفاقات التي ستحسم أمر دمشق، ولذلك وافق على هذا الاتفاق، الذي أراحه إلى حد بعيد".
اقرأ أيضا: احتفال وهتافات للأسد جنوب دمشق المدمر بعد "انتصار" النظام
وفي المقابل، وفقا لإبراهيم، فإن الاتفاق منح لعناصر التنظيم العودة للحياة مرة أخرى، بعد أن خرجوا من الطوق الناري المحكم الذي نفذته عليهم قوات النظام.
وفي السياق ذاته، ذكرت منظمة الأمم المتحدة، الاثنين، أن مخيم اليرموك أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، يعاني "حالة دمار كامل".
وفي مؤتمر صحفي في مقر الأمم المتحدة الدائم في نيويورك، قال المتحدث باسم الأمين العام، استيفان دوغاريك، إن "مخيم اليرموك في حالة دمار كامل، حيث لا يكاد يوجد مبنى واحد لم يتم تدميره أو إتلافه".
يذكر أن الاتفاق جاء بعد عملية عسكرية بدأتها قوات النظام في 19 نيسان/ أبريل، ضد تنظيم الدولة.
ما حقيقة انسحاب قوات مدعومة إيرانيا من ريف حماة؟
مهجرو جنوب دمشق بلا مأوى شمال حلب واشتباكات بين الفصائل
ما أبعاد التصعيد بين النظام السوري و"قسد" بدير الزور؟