نشر موقع مجلة "فوربس" مقالا للصحافي دومينك دادلي، يتحدث فيه عن الأزمة القطرية، متسائلا عن الحال بعد عام من الحصار.
ويقول الكاتب إنه "بعد عام من الحصار التجاري والدبلوماسي، الذي فرضته الدول الجارة على قطر، لا تبدو هناك إشارات إلى تخفيف الرباعي عدوانيته، إلا أن البلاد، وبالإجماع، استطاعت تجاوز الأزمة وبطريقة مدهشة، كونها دولة منبوذة افتراضيا في المنطقة".
ويؤكد دادلي في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، أن "هناك ضغوطا كبيرة على الدول الأربع في الجانب الآخر من النزاع، البحرين ومصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة، لتبرير سياسة استمرار فرض الحصار على قطر أو التراجع".
ويشير الكاتب إلى أن الحصار بدأ في الأول من حزيران/ يونيو، من خلال قطع العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية مع الدوحة، وسط مزاعم وأخرى مضادة عن عمليات قرصنة وأخبار زائفة عن دعم الدولة للإرهاب.
ويلفت دادلي إلى أن "الخطوط الجوية القطرية وجدت أن 18 ممرا جويا تستخدمها قد أغلقت أمامها، باستثناء ممرين، وأغلق المجال الجوي السعودي والإماراتي والبحريني أمامها، ولا تزال تسير رحلاتها الجوية من خلال طرق أطول، وبكلفة عالية، وهو ما أدى إلى خسارة كبيرة خلال العام الماضي".
ويستدرك الكاتب بأن "مجالات الاقتصاد الأخرى نجحت، وكما لاحظ تقييم لصندوق النقد الدولي، نشر في آذار/ مارس، عن وضع الاقتصاد القطري، فإنه تم إنشاء خطوط تجارية جديدة، وبسرعة، مع تركيا وعمان وإيران من بين عدة دول، وتكيف النظام المصرفي في جزء منه، من خلال المساعدات الحكومية".
ويؤكد دادلي أن "الازمة دفعت الحكومة القطرية لاتخاذ إجراءات إصلاح لم تكن لتقوم بها، مثل تخفيف شروط التأشيرة لتشجيع الزوار، وتنويع الشركاء التجاريين، حيث قال تقرير صندوق النقد الدولي: (عمل الخلاف الدبلوماسي محفزا لتقوية نظام الإنتاج الغذائي المحلي، وقلل من الاعتماد على عدد صغير من الدول)".
ويورد الكاتب نقلا عن مراقبين، قولهم إن البلد قد تكيف جيدا مع أزمة منهكة، حيث يقول المدير العام لتقييم الصناديق السيادية العالمية في "مودي إنفسترز سيرفس" أليستر ويلسون: "شاهدنا تصميم الاقتصاد القطري.. وعلى الأقل فإن ما شاهدناه أن الصدمة لم تكن خطيرة على الاقتصاد القطري بالطريقة التي توقعناها".
ويرى دادلي أن "قطر لعبت لعبة دبلوماسية ذكية، وكانت أفضل من معارضيها، وتحول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من داعم متحمس لدول الحصار إلى متعاطف مع قطر، التي تستقبل قاعدة عسكرية أمريكية ضخمة، ومع استمرار الأزمة فإن صبر واشنطن، التي طالبت الرياض بحل الأزمة، قد نفد، وبعيدا عن الرد الذكي من قطر، فإن هناك عدة أسباب خففت من حدة الأزمة على البلد".
وينوه الكاتب إلى أن "دول مجلس التعاون الخليجي، الذي يضم ستة أعضاء مختلفة، لم تشكل جبهة واحدة منذ بداية الأزمة، وفي الوقت الذي فرضت فيه البحرين والإمارات والسعودية حصارا، فإن الكويت وعمان ظلتا خارج الخلاف، وواصلتا التجارة والحديث مع الجميع".
ويشير دادلي إلى أن "دول الخليج الثلاث، التي تقف في مقدمة الحرب على قطر، لم تظهر قسوة، على الأقل في المجالات التي تناسبها، حيث استمر الغاز الطبيعي بالتدفق عبر أنابيب دولفين من قطر إلى عمان والإمارات، فوفر الكميات المطلوبة للوقود، واستمرت الإمارات وقطر بالتعاون في حقل بندق النفطي، حيث تم تجديد العقد في آذار/ مارس مع شركة يابانية".
ويلفت الكاتب إلى أنه "في الوقت ذاته، فإن جهود التسوية بين الأطراف كلها فشلت، ولا يزال أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح يرسل مبعوثيه، بصفته الوسيط إلى بقية الدول الخليجية، دون نتيجة".
ويذكر دادلي أن السفير الكويتي الأطول خدمة في بريطانيا خالد الدوسان اعترف بغياب التقدم، عندما تحدث أمام منبر دراسات الخليج وشبه الجزيرة العربية في جامعة أوكسفورد السنوي هذا الشهر، وقال: "وساطتنا لم تكن سهلة.. كانت هناك إشارات قليلة إلى استعداد قطر والسعودية للاعتراف بقوة جدل كل منهما، وبالتأكيد فالحملة الإعلامية بين الطرفين زادت سوءا بشكل سبب مشكلة لنا".
ويستدرك الكاتب بأنه رغم هذا، فإن الكويت مصممة على مواصلة التوسط وحل ما وصفها الدوسان بـ"مواجهة لا معنى لها"، قائلا: "تعتقد الكويت أن هذه القضايا لا يمكن حلها إلا بالمفاوضات.. سنواصل العمل بهدوء، لكن بإصرار، خلف الأبواب، للتوصل لتسوية تحفظ ماء الوجه، نأمل في أن تعيد العلاقات الطبيعية بين قطر وجيرانها".
وبحسب المجلة، فإن واشنطن تواصل جهودها من أجل التوصل لحل، حيث اتصل وزير الخارجية الجديد مايك بومبيو في 16 أيار/ مايو، مع وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وأكد في مكالمته رغبة ترامب في تخفيف النزاع وحله في النهاية؛ لأن استمراره لا ينفع إلا إيران.
ويعلق دادلي قائلا إن "هذا مهم؛ لأن واشنطن تقوم بزيادة الضغط على إيران، وأعلن ترامب بداية هذا الشهر عن خروجه من الاتفاقية النووية، وفرض العقوبات من جديد، حيث رحبت السعودية والإمارات والبحرين بالقرار، فيما عبر العراق عن (أسفه)، وعارضته قطر بشكل يجعل الحياة صعبة لها في ظل الحصار المستمر وعلاقاتها مع إيران؛ بسبب حقل الغاز المشترك بينهما".
ويبين الكاتب أن "الدول الحليفة لم تكن قادرة على دعم سياسات ترامب، خاصة بعد نقله السفارة الأمريكية للقدس، وعدم تعيين سفراء أمريكيين في عدد من دول الخليج، فهناك تسع سفارات دون سفراء، بينها سفارات مصر والأردن وقطر والسعودية والإمارات".
ويقول دادلي إن "واشنطن ستجد سهولة في التعامل مع مشكلات المنطقة لو حلت أزمة قطر، رغم ما تشهده من اضطرابات دبلوماسية".
ويذهب الكاتب إلى أن "الطريقة التي تعاملت فيها قطر مع الحصار وتكيفت معه تعني أن لا حوافز لدى قطر لتقدم تنازلات لمعارضيها، وهؤلاء ليسوا راغبين بالتراجع، ووصف وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أزمة قطر بـ(القضية الصغيرة) مقارنة مع تحديات المنطقة، مشيرا إلى أن الرياض راضية عن استمرار الحصار بهذه الطريقة".
ويختم دادلي مقاله بالقول إنه "في ظل هذا الوضع فإن هناك حاجة لقوة خارجية تحل الأزمة، والمرشح الوحيد هي أمريكا مدعومة على الأرض بالكويت، ولو لم تحل الأزمة فقد تزداد خطورة، خاصة أن الطرفين وجها اتهامات بالتحرش بالطيران المدني، وانتقل التنافس بينهما من منطقة الخليج إلى شرق أفريقيا".
سبلنتر: لماذا سمح "ذا هيل" بنشر مقال ترويجي للسعودية؟
فايننشال تايمز: هل نجحت قطر في تجاوز الحصار؟
فورين بوليسي: ما سر تحول موقف ترامب المفاجئ من قطر؟