نشرت صحيفة "
ليترا 43" الإيطالية تقريرا، تحدثت فيه عن تداعيات نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى
القدس. تجدر الإشارة إلى أن قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لن يمر دون أن تكون له عواقب وخيمة على العالم بأسره.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن قرار ترامب أدى إلى إشعال فتيل غضب الفلسطينيين والمقاومة، ما دفعهم إلى المطالبة بحق العودة. من جهة أخرى، سيساهم نقل السفارة الأمريكية في تأجيج التوترات بين إيران وإسرائيل. وقد وجه تنظيم القاعدة تهديدا باستهداف الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.
وفي الحقيقة، لا يعد اختيار الرئيس الأمريكي لهذا التوقيت بالذات لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، اعتباطيا، حيث أنه يتزامن مع احتفال
الإسرائيليين بقيام دولتهم. في المقابل، يمثل هذا التاريخ ذكرى النكبة الفلسطينية وتشريد وتهجير أعداد غفيرة من الفلسطينيين.
وأفادت الصحيفة أن القوات الإسرائيلية أطلقت الرصاص الحي وقنابل الغاز على الفلسطينيين العزل على الحدود مع قطاع غزة، تزامنا مع تدشين سفارة الولايات المتحدة في القدس. والجدير بالذكر، أن عدد الفلسطينيين الذين قتلوا خلال أحدث موجة من "مسيرة العودة الكبرى"، التي انطلقت في 30 آذار/ مارس، بلغ حوالي 55 فلسطينيا. كما أصيب أكثر من 2400 آخرين برصاص الجيش الإسرائيلي على الحدود شرق قطاع غزة.
وأوضحت الصحيفة أن إسرائيل أكدت أن قرار نقل السفارة ستكون تبعاته سيئة، إلا أنها مستعدة لمواجهتها. علاوة على ذلك، أدى القرار الأميركي إلى تأجيج غضب الفلسطينيين، وزعزعة أمن واستقرار المنطقة. نتيجة لذلك، بات الشرق الأوسط على صفيح ساخن، كما أنه أصبح مصدر توتر كل من الولايات المتحدة وحلفائها من الغرب، وإسرائيل بشكل خاص، التي أصبح الخطر يحدق بها من كل صوب.
وذكرت الصحيفة أن قرار ترامب جعل الوضع بين الفلسطينيين والإسرائيليين أكثر حدة، وهو ما دفع بالشعب الفلسطيني إلى الانتفاض والإصرار على التصعيد. الجدير بالذكر أنه منذ شهر آذار/ مارس، يحتشد آلاف الفلسطينيين على الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل، للمطالبة بحق العودة. ولم تتوقف هذه الاحتجاجات منذ أسابيع، حيث أن كل يوم جمعة بالنسبة للفلسطينيين هو يوم غضب. وفي يوم افتتاح السفارة الأمريكية قتل حوالي 40 فلسطينيا، كما جرح العديد من المتظاهرين. وعموما، لم يسلم أي جزء من الأراضي المحتلة من قصف الجيش الإسرائيلي.
وأفادت الصحيفة أن الشرق الأوسط يشهد انتفاضة أخرى للدفاع عن القدس والمسجد الأقصى، الذي يمثل أولى القبلتين بالنسبة للمسلمين. ولذلك، من المتوقع أن ترتفع وتيرة الهجمات التي يشنها الفلسطينيون ضد الإسرائيليين خلال الفترة القادمة، من خلال عمليات الطعن لعسكريين ومستوطنين، على غرار ما حدث خلال انتفاضة السكاكين سنة 2015. فضلا عن ذلك، لن تتردد حركة حماس، وحلفائها من خارج الأراضي الفلسطينية، في إطلاق الصواريخ باتجاه الأراضي الإسرائيلية.
ويمكن الجزم أنه من المستحيل أن يتراجع الشعب الفلسطيني عن استعادة أراضيه، خاصة وأن قرار ترامب يرمي إلى القضاء على تاريخ المقاومة الفلسطينية، وتبديد حلم الفلسطينيين في استرجاع أراضيهم المحتلة.
وأضافت الصحيفة أن نقل السفارة الأمريكية سيساهم في تأجيج التوترات بين إيران وإسرائيل. وعلى خلفية تحالف المملكة العربية السعودية مع كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، لجأ الفلسطينيون إلى إيران. وقد بلغ الصراع بين طهران وتل أبيب أوجه في الآونة الأخيرة، وبالتالي، قد يمتد إلى لبنان وسوريا وهضبة الجولان، التي تحتلها إسرائيل منذ سنة 1967. وقد أدت الضغوطات، التي تمارسها واشنطن على طهران، إلى إقحام الإيرانيين في حرب مع إسرائيل من خلال دعم انتفاضة الفلسطينيين ضد قرار ترامب.
وأفادت الصحيفة أن قرار الرئيس الأمريكي القاضي بنقل السفارة إلى القدس سيؤدي إلى زعزعة استقرار الدول المجاورة للشرق الأوسط وتهديد أمنها، على غرار العراق وسوريا ولبنان. وسيكون لهذا القرار عواقب كارثية على هذه الدول، التي تعم فيها الفوضى بالفعل وتعيش أوضاعا أمنية متردية. كما يمكن لتنظيم الدولة أن يستغل هذه الفرصة لرص صفوفه مجددا، نظرا لأن الشرق الأوسط بات بمثابة أرض خصبة للإرهاب.
وأقرت الصحيفة أن قرار ترامب سيساعد المنظمات الإرهابية على بسط نفوذها وتعزيز قوتها من خلال استغلال انعدام الاستقرار في المنطقة. وعلى خلفية هذا القرار، ستتحمل الدول الغربية، باستثناء بعض دول أوروبا الشرقية، عواقب نقل السفارة. من هذا المنطلق، يبدو أن الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي سيتعين عليها حماية سفاراتها لأنها ستصبح هدفا للمنظمات الإرهابية.
وفي الختام، أوردت الصحيفة أن تنظيم القاعدة هدد باستهداف الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، حيث دعا زعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، في تسجيل صوتي له، إلى محاربة ترامب، مؤكدا على أن تل أبيب أرض تابعة للمسلمين.