فاز رئيس حركة مجتمع السلم الإسلامية المعارضة بالجزائر، عبد الرزاق مقري، برئاسة الحركة لولاية ثانية بأغلبية ساحقة، بموجب انتخابات مجلس الشورى التي تمت فجر الأحد، بالعاصمة الجزائر.
وحسم أعضاء مجلس شورى حركة مجتمع السلم بالجزائر معركة " التخندق" التي نشبت، منذ شهور، بين تيار المعارضين للسلطة داخل الحركة وتيار العودة إلى الحكومة والمشاركة بالحكم، بفوز الجناح المدافع عن البقاء بالمعارضة الذي يمثله عبد الرزاق مقري.
وانبثق مجلس الشورى للحركة عن المؤتمر السابع الاستثنائي الذي انطلقت أشغاله بالعاصمة الجزائر، الخميس، واختتمت فجر الأحد، باستمرار عبد الرزاق مقري متحكما بزمام الحركة، وقائدا لأكبر تنظيم سياسي إسلامي في الجزائر.
أغلبية ساحقة
وفاز مقري بولاية ثانية بمجموع 241 صوتا مقابل 84 صوتا لصالح نعمان الأعور، نائب رئيس الحركة السابق، الذي ترشح لانتخابات رئاسة الحركة كمنافس مدعوم من طرف رئيسها السابق أبو جرة سلطاني، والقيادي النافذ داخل التنظيم الإسلامي، عبد المجيد مناصرة.
وشهدت كواليس انتخاب رئيس الحركة، حربا ضروسا بين الجناح المعارض للسلطة ومناوئيه من رموز "التطبيع" مع النظام، على رأسهم رئيس الحركة السابق أبو جرة سلطاني، بينما تحاشى هذا الأخير الترشح لرئاسة الحركة مجددا، وفضل الدفع بنائبه السابق نعمان لعور، الذي حظي أيضا بدعم القيادي البارز بالتنظيم عبد المجيد مناصرة.
الرهانات
ولم يدل الفائز برئاسة حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري بأي تصريح عقب إعلان نتائج فرز الأصوات، بظل تساؤلات عديدة طرحت وسط المؤتمرين بشأن مستقبل الحركة في ظل هذه المستجدات، ومواقفها المرتقبة من أهم الملفات السياسية المطروحة على الساحة الوطنية بالجزائر وأهمها انتخابات الرئاسة العام المقبل.
ويرى محمد سيدمو، الإعلامي الجزائري المتابع لشؤون الحركة، بتصريح لـ"عربي21"، الأحد، أن "البرنامج السياسي للحركة ترك مرنا ومطاطا بحيث بإمكانه استيعاب كل الخيارات بشأن الانتخابات الرئاسية ولم يقيد الحركة بموقف معين".
اقرأ أيضا: هل تعود حركة "السلم" في الجزائر إلى المشاركة بالحكم؟
وكانت الحركة قاطعت انتخابات الرئاسة التي نظمت شهر نيسان/ أبريل العام 2014، وفاز بها الرئيس بوتفليقة لولاية رابعة، ومبرر قيادة الحركة أن "المنافسة باتت مقتولة بعد ترشح بوتفليقة لولاية رابعة"، بالإضافة إلى الحديث عن هاجس التزوير.
لكن الأمر يختلف هذه المرة، بحسب سيدمو، إذ يرى بذات التصريح "أن عبد الرزاق مقري 2014، ليس هو مقري 2018، ولا أعتقد أنه سيدعو هذه المرة إلى مقاطعة انتخابات الرئاسة".
وكان رئيس الحركة أكد في حوار سابق مع جريدة "الخبر"، الجزائرية، أن "الجيش ستكون له كلمة في انتخابات الرئاسة العام 2019".
ويرى مراقبون أن فوز مقري برئاسة الحركة مجددا وبأغلبية ساحقة يعتبر في نظره تأكيدا على صواب خياراته بضرورة رفض الارتماء بأحضان السلطة "مجانا"، كما دأبت عليه الحركة طيلة 13 سنة من تواجدها بالحكم ( 1999 إلى 2012).
وشكلت حركة مجتمع السلم رقما فاعلا في التحالف الرئاسي رفقة شريكيها السابقين، حزب جبهة التحرير الوطني، الحاكم، والتجمع الوطني الديمقراطي، قبل انسحابها منه العام 2012 عقب خسارتها الانتخابات النيابية، وفي الوقت الذي توهج خلاله الإسلاميون في كل من المغرب، وتونس، ومصر (قبل الانقلاب).
ويعتقد المحلل السياسي محمد وانوغ، بتصريح لـ"عربي21"، الأحد، أن "المرحلة المقبلة للحركة سوف لن تقوم على راديكالية مثيلة للراديكالية التي شهدتها في الفترة الأولى لرئاسة مقري".
وتابع: "قد يكون مقري الذي حسم الفوز حتى قبل بدء المؤتمر، فاوض جهة ما في السلطة على سقف معارضته، ويهم السلطة أن تقبل بذلك تفاديا للدخول معه في معركة كسر العظام".
ظل انتخابات الرئاسة
ويرى وانوغ أن "الحسم الحقيقي لحركة مجتمع السلم في موقعها النهائي سيكون بعد انتخابات الرئاسة المقبلة، حيث أنه على ضوئها سيقرر مقري وتياره منقلبهم".
وسيجيب مقري على تساؤلات كثيرة تحيط بموقفه من انتخابات الرئاسة، وما عن كان سيعلن ترشحه له أو أنه يدعم مترشح ما، بمؤتمر صحفي سيعلن عن تاريخه الإثنين.
وكان مقري أشاد بنجاح حركة " النهضة" في الانتخابات المحلية الأخيرة بخطاب أمام المؤتمرين لدى افتتاح أشغال المؤتمر الاستثنائي السابع، الخميس، قائلا "إن ما يحدث في المغرب وتونس بصعود التيار الإسلامي إلى مستوى المشاركة الفاعلة يمكن أن يحدث في الجزائر حين تتوفر شروط نزاهة الانتخابات كما هو حاصل في هذين البلدين الشقيقين".
وتابع مقري "إن نتيجة الانتخابات في هذين البلدين وآخرها نتيجة الانتخابات المحلية في تونس قبل أيام، هي النتيجة الطبيعية في كل البلاد العربية والإسلامية حين تكون الانتخابات غير مزورة".
الحزب الحاكم بالجزائر يكرر دعوة بوتفليقة للترشح لولاية خامسة