دخلت القارة الإفريقية ضمن حلبة الصراع الاقتصادي بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، اللتين دفعتا بكل ثقلهما للفوز بهذه السوق الكبيرة وبثرواتها الباطنية الضخمة، وهو ما زاد فعلا من حدة التوتر والحرب التجارية القائمة بين البلدين هذه الفترة، التي اندفع فيها التنين الصيني وأعلن عن خوضها حتى آخر رمق.
التصادم بين هذين العملاقين بدا جليا من خلال قرار الولايات المتحدة بتقديم مساعدات تزيد عن 533 مليون دولار لضحايا الصراعات والجفاف في إثيوبيا والصومال وجنوب السودان ودول بغرب ووسط إفريقيا مجاورة لبحيرة تشاد، سبقه قرار صيني بتخصيص 124 مليار دولار لخطة طريق الحرير لتعزيز الروابط بين آسيا وإفريقيا وأوروبا ومناطق أخرى.
الصين تسعى لجذب البلدان الإفريقية إلى مشروع «حزام واحد - طريق واحد « وتستثمر في إفريقيا أكثر من أي لاعب دولي آخر، وهو ما اثار حفيظة امريكا التي تعودت وأسست لنفسها عالما تجوبه وحيدة دون أي منافس حقيقي قد يحد من قدرتها الاقتصادية، وبالتالي العسكرية في مواجهة الأعداء التقليديين وهما الصين وروسيا، اللذين تقريبا يسيران في خندق واحد تجاه أغلب القضايا.
الحالة الاقتصادية السيئة تجبر البلدان الإفريقية على أن تكون داخل ساحة جديدة لصراع العمالقة الذي لن يكون بردا وسلاما على أي طرف، بل سيكون على شاكلة الشرق الأوسط حروبا وإرهابا وديمقراطية مزيفة، تأتي على الأخضر واليابس كما شهدته بلدان الربيع العربي، وإن ازدادت الحرب التجارية ضراوة بين الصين وأمريكا، فإن القارة السوداء مقبلة على صراع أسود آخر من أجل الاقتصاد والمال.
الشروق التونسية