لوفيغارو: محمد بن سلمان يصل إلى باريس خالي الوفاض

نشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية تقريرا، تحدثت فيه عن زيارة ولي العهد السعودي إلى فرنسا. ومن المنتظر أن يتم توقيع "اتفاق شراكة إستراتيجية" بين الرئيس الفرنسي وبين محمد بن سلمان، على امتداد اليومين اللذين سيقضيهما في عاصمة الأنوار.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه جاء في مذكرة دبلوماسية أن هذه الزيارة لن يتم خلالها سوى التوقيع على عدد قليل من اتفاقيات المبادرة غير الإلزامية. ويبدو أن زيارة محمد بن سلمان إلى باريس لن تستجيب لتطلعات الدبلوماسية الفرنسية مقارنة بالاتفاقيات التي وقعها ابن سلمان خلال زيارته لكل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

وأشارت الصحيفة إلى أن فرنسا تعد الدولة الرابعة على لائحة الدول التي زارها محمد بن سلمان منذ توليه منصب ولي العهد. فبعد زيارته مصر، وقع ولي العهد الشاب يوم سبعة آذار/ مارس في لندن عدة اتفاقيات مع تيريزا ماي فيما يتعلق "بتطوير الاستثمارات المتبادلة"، بلغت قيمتها 70 مليار يورو على امتداد السنوات القادمة. 

وتطرقت الصحيفة إلى الجهود التي بذلتها فرنسا بهدف استضافة ولي العهد السعودي في باريس، حيث أدى المستشار الدبلوماسي للرئيس الفرنسي، فيليب إتيان، زيارة إلى الرياض. كما أجرى رئيس الأركان الخاص لإيمانويل ماكرون، الأميرال برنارد روجل، بدوره، زيارة إلى المملكة، إضافة إلى مدير مكتب وزير الاقتصاد الحالي، برونو لو مير.

وأفادت الصحيفة بأن باريس يجب أن تعمل على الظفر بصفقة إعادة هيكلة وتحسين الموقع الأثري السعودي "مدائن صالح"، الذي قتل على مقربة منه ثلاثة مغتربين فرنسيين سنة 2007 على يد جهاديين. وأضحى هذا الموقع، في الوقت الحاضر، يكتسي أهمية كبرى في قطاع السياحة السعودية، الذي يتطلع محمد بن سلمان إلى تطويره.

ونقلت الصحيفة إفادة أحد المقربين من الرئيس الفرنسي، الذي قال: "نحن بالتأكيد لا نشعر بخيبة أمل، بل نتحدث عن "فلسفة جديدة" على مستوى العلاقات الفرنسية السعودية". تعود جذور هذه العلاقات الثنائية إلى أكثر من خمسين سنة، حيث كانت مبنية على إبرام عقود لفائدة الشركات الفرنسية، مقابل تقديم فرنسا للدعم السياسي والدبلوماسي لصالح المملكة العربية السعودية. ولكن بالنسبة للمملكة، فقد تخلت في الوقت الراهن عن مثل هذه العلاقات الوطيدة، في حين أضحت ترى في فرنسا مجرد "شريك بديل" يأتي بعد الولايات المتحدة.

من جهته، صرح أحد المغتربين الفرنسيين المقيمين في الرياض، بمرارة، بأنه "لم يتم توقيع عقد استراتيجي هام وضخم منذ عشر سنوات". وتدعم فرنسا المطالب التي تقدمت بها السعودية فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، كما تقر بحقيقة التهديد الإيراني المتنامي في الشرق الأوسط. بالإضافة إلى ذلك، تدعم باريس الرياض أيضا بخصوص الحرب التي تقودها في اليمن. 

وذكرت الصحيفة، على لسان هذا المغترب الفرنسي في السعودية، أن "السعوديين قدموا لنا وعودا كثيرة في السابق، كما عبروا عن حبهم تجاهنا. لكننا، بغض النظر عن هذه التصريحات، نريد دلائل ملموسة عن هذا الحب". وأضاف المصدر ذاته أنه "وحتى الألمان تمكنوا من تحقيق نجاحات في السعودية، إذ إن المسؤول عن مشروع "نيوم" المستقبلي في البحر الأحمر جنسيته ألمانية".

وقالت الصحيفة إن عدة شركات فرنسية أخذت تتقهقر تدريجيا من السعودية، ولعل من أبرزها "المكتب الفرنسي لتصدير الأسلحة"، حيث تم إغلاقه بطلب رسمي من محمد بن سلمان، إضافة إلى البنك السعودي-الفرنسي، الذي منع مديره ذو الجنسية الفرنسية من مغادرة المملكة إلى حين نهاية عملية التحقيق المالي.

وتجدر الإشارة إلى أنه منذ انتخاب دونالد ترامب رئيسا، فضلت السعودية أن تميل أكثر صوب الولايات المتحدة، كما أضحت تبحث عن علاقات جديدة في آسيا ومع روسيا بعيدا عن فرنسا. 

وأضافت الصحيفة أنه خلال لقاء جمع الرئيس الفرنسي لأول مرة بمحمد بن سلمان مطلع شهر تشرين الثاني/ نوفمبر في الرياض، "تصلب" ماكرون عندما ذكر له ابن سلمان أنه "إذا بحثت الشركات الفرنسية عن توسيع أعمالها في إيران، فأبواب السوق السعودية ستغلق في وجوهها". ومن المؤكد أن إيران ستكون مرة أخرى في قلب المحادثات بين الجهات الفرنسية والسعودية.

وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أن محمد بن سلمان يعمل على إقناع ماكرون بأن إيران تشكل تهديدا بالنسبة للشرق الأوسط. من جهته، يرنو الرئيس الفرنسي، بدوره، إلى أن يقنع نظيره السعودي بأن فرنسا يمكن أن تلعب دور الوسيط من أجل التوصل إلى تحقيق بعض الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.

اقرأ أيضا: اتفاق غير مسبوق بين السعودية وفرنسا لجذب السياح للمملكة