طالب صندوق النقد الدولي السلطات التونسية بمزيد من التخفيض في العملة المحلية، بمناسبة الزيارة التي شرعت لجنة المراجعة الدورية للصندوق في أدائها إلى تونس بهدف الوقوف على مدى تقدّم الحكومة في إنجاز الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية المتفق بشأنها بين الطرفين.
ولم تمر سوى أيام قليلة على قرار وزارة الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة التونسية بتنفيذ اتفاق المراجعة الآلية لأسعار المحروقات كل ثلاثة أشهر، وهي آلية طالب بها صندوق النقد لترشيد نفقات الدعم، حتى عاد الصندوق ليضغط من جديد في اتجاه تخفيض قيمة العملة المحلية، وتوقع أن يتراوح هذا الخفض بين 10 و20 في المئة خلال السنة الحالية.
اقرأ أيضا: تونس تطبق إملاءات "النقد الدولي" وترفع أسعار المحروقات
واعترف مروان العباسي، محافظ البنك المركزي التونسي المعين حديثا خلال شهر آذار/ مارس الماضي، بدوره بالتدهور الحاد لقيمة الدينار التونسي وقال إن "تراجع العملة المحلية من شأنه أنّ يغذّي التضخّم ويهدد بموجة من الاحتجاجات الاجتماعية في صفوف الفئات المتضررة".
وتراجع الدينار التونسي أمام اليورو خلال السنة الماضية بنسبة 19 في المئة، بينما تقلّص عجز الميزان التجاري بنحو 25 في المئة خلال شهري كانون الثاني/ يناير وشباط/ فبراير الماضيين، مقارنة بالفترة ذاتها من 2017.
وارتفعت الصادرات في الفترة ذاتها، بنسبة 43 في المئة، وهو مؤشرات اعتمدها صندوق النقد الدولي للمطالبة بالتخفيض من جديد في قيمة الدينار التونسي.
وقال الخبير الاقتصادي والمالي التونسي، عز الدين سعيدان، إن مطالب صندوق النقد غير مستغربة فهو يهدف لتحسين أداء الاقتصاد حتى يتمكن من استرجاع الأموال التي ضخها على مراحل لفائدة الاقتصاد التونسي.
لكن سعيدان أشار إلى أن الاكتفاء بالنظر لتعويم الدينار على أنه أداة لتعزيز الصادرات ينطوي على نظرة محدودة، لأن لهذا الإجراء أيضا آثارا تضخمية قوية، وتعاني البلاد بالفعل من ضغوط ليست بالقليلة مع وصول التضخم السنوي في آذار/ مارس الماضي إلى 7.6 في المئة وهي نسبة لم تعرفها تونس منذ عقود من الزمن.
ولا يقدم الصندوق ضمانات لتحصيل مكاسب اقتصادية حقيقية على مستوى القدرة التنافسية التي تبقى رهينة التطور صناعي وتكنولوجي وتحسين مناخ الأعمال ككل.
وكان مجلس صندوق النقد الدولي قد وافق على طلب السلطات التونسية تغيير مواعيد المراجعات بين الطرفين كل ثلاثة أشهر، عوضا عن المراجعات السابقة التي كانت تدور كل ستة أشهر دون تغيير في جدول صرف الأقساط.
وصادق مجلس صندوق النقد الدولي كذلك على طلب السلطات التونسية إعفاءها من عدم الامتثال لمعايير الأداء في نهاية كانون الأول/ ديسمبر فيما يتعلق بصافي احتياطي البلاد من العملة الصعبة وعجز ميزانية الدولة.
وأبقى الصندوق على الإجراءات التي اتخذتها السلطات التونسية للحد من الواردات غير الأساسية حتى نهاية كانون الأول/ ديسمبر من السنة الحالية، وتضم القائمة نحو 220 منتجا، من بينها عدد من المواد الغذائية مثل أنواع من الأسماك والأجبان والفواكه، إضافة إلى العطور وبعض الأجهزة الكهربائية مثل آلات التكييف.
وكان مجلس إدارة صندوق النقد الدولي قد استكمل المراجعة الثانية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي التونسي، وهو ما يمكن تونس من الحصول على القسط الثالث من قرض الصندوق الذي تبلغ قيمته 257.3 مليون دولار، هي في أمس الحاجة إليه.
وبذلك تكون السلطات التونسية قد حصلت على 919 مليون دولار أمريكي من القرض المتفق بشأنه مع صندوق النقد، والبالغ نحو 2.9 مليار دولار.
لإنعاش الاقتصاد.. "النقد الدولي" يدعو تونس لخفض قيمة عملتها
عائدات السياحة التونسية تقفز 23 بالمئة في الربع الأول
تونس تقترض 1.5 مليار دولار لتمويل واردات الحكومة