بدأ التدخل العربي في سوريا مع بدء الأزمة في عام 2011، وتمثل هذا التدخل في البدء بالعمل الدبلوماسي سواء على مستوى جامعة الدول العربية أو في المحافل الدولية عبر مجلس الأمن الدولي.
ومع تحول المعارضة السلمية إلى مسلحة، دعمت بعض الأطراف العربية المعارضين في المحافل الدولية، بالتوازي مع تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية ودعوة مجلس الأمن أكثر من مرة لخروج بقرار يداين النظام.
ومع تصاعد الأزمة بدأ التدخل السياسي العرب في سوريا يخفت شيئا فشيئا، حتى وصل إلى أن أصبح معدوما، لا بل من كان يطالب برحيل الأسد، أصبح في الوقت الحاضر لا مانع لديه من بقائه في السلطة.
ويؤكد المحلل السياسي السوري، ياسر سعد الدين، هذا التراجع العربي، وأن التأثير السياسي الرسمي العربي أصبح أقل مما كان في بداية الأزمة، بحسب قوله.
اقرأ أيضا: الأمم المتحدة في سوريا: سنوات من الجهود غير المثمرة
وتابع في حديث لـ"عربي21" "الملاحظ الآن أن القضية المأساوية الأكبر ليست الصمت العربي، وإنما استقبال العرب للروس الذين يمارسون في سوريا أبشع أنواع القتل والتطهير العرقي بصدر رحب، وحجهم إلى موسكو".
وأشار سعد الدين إلى أن "مؤيدو الثورة السورية بسبب خلافتهم في الأزمة الخليجية، أصبحوا يمتدحون روسيا، ويصفون بوتين بالصديق والأخ العزيز".
ولفت إلى أن "القضية ليس الصمت العربي، بل أن الوضع بشكل عام أصبح الآن هناك مقايضة بمعنى أن التأثير العربي أصبح سلبيا أكثر بل متواطئا في بعض الأحيان، حيث يتم توظيف هذا التأثير على الفصائل العسكرية التي تدعمها هذه الجهات العربية".
ووافق المحلل السياسي بشير نافع مع سعد الدين في تأكيده على تراجع التأثير العربي في الأزمة السورية عن ما كان في بدايتها.
وقال نافع في حديث لـ"عربي21" إن "التراجع وانعدام التأثير العربي في سوريا يعود لأسباب عدة، أولا: النظام العربي انهار من بعد 2011 ولا يوجد دولة عربية قادرة أنها تقود الوضع العربي".
اقرأ أيضا: أمير قطر: لا يجوز للمجتمع الدولي التغاضي عن جرائم الغوطة
وثاني تلك الأسباب، بحسب نافع، هي "محاولة السعودية كانت طموحة زيادة عن اللزوم، وثبت الآن أنها فشلت، فالرياض غرقت في أزمات هي صنعتها، مثل أزمة الخليج، أو في حرب هي غير قادرة على حسمها كموضوع اليمن، فضلا عن انهيار مصر على جميع المستويات، والعراق وضعه سيء، بالتالي لا يوجد دولة عربية فاعلة لتقود تدخلا عربيا في سوريا".
ويرى سعد الدين أن "الحضور العربي غائب ليس فقط في سوريا، بل في كل مكان".
وقال: "عندما تكون المؤسسة العربية الوحيدة التي تعمل هي مجلس التعاون الخليجي، ينقض بعض أعضائها على أحدهم، ويريد تجريمه واتهامه، إضافة إلى أن الشغل الشاغل الآن للدول الخليجية هو الذهاب إلى مؤتمر ميونخ للحديث عن إرهاب قطر، والأخيرة تدافع عن نفسها".
وأوضح سعد الدين قائلا: "نحن الآن نشهد حالة من الردة العربية، وأصبح العرب يهربون إلى موسكو خوفا من ترامب مقابل طلب الحماية والسعي لإبقاء الأنظمة، ومستعدين ليس فقط للتضحية بالشعب السوري، بل حتى بالقدس وكل المقدسات".
وبحسب رأيه فإن "السعودية على سبيل المثال، مقابل أن يعترف ترامب بالتحركات الانقلابية فيها مستعدة للضغط على السلطة الفلسطينية، ومقابل قبول موسكو بها مستعدة للتنازل والضغط على المعارضة السورية".
وأكد سعد الدين أن "غياب الدور العربي في سوريا، ساهم بوجود قوى إقليمية أخرى على الساحة، وهذه القوى موجودة لحماية مصالحها".
بدوره أشار بشير نافع إلى أن "وجود القوات غير العربية على الأرض السورية سببه عدم وجود مشروع عربي".
اقرأ أيضا: جنرال إسرائيلي يقدم كشف حساب للثورات العربية
ورأى أن "إيران لديها مشروع وسوريا جزء منه، وتركيا لها مصالحها القومية وتعتبر سوريا أنها مصدر تهديد أو أمن كبير لها ولمصالحها، وهي فيها الآن أربعة ملايين لاجئ وهي اتخذت موقفا واضحا منذ البداية من الثورة السورية".
وأضاف: "روسيا أيضا
تبحث لها عن دور في العالم، وأمريكا بعد أن تولت إدارة ترامب مقاليد البيت الأبيض،
أصبحت أكثر حرصا على التنافس الجيوسياسي والحفاظ على مواقعها الجيوسياسية".
ويبقى السؤال الآن هل
سيتدارك العرب الأمر، ويعود لهم دور فاعل في سوريا، لحمايتها من التقسيم وحماية
الشعب السوري؟
ويجيب نافع على هذا
التساؤل بالقول: "إذا انهار النظام العربي الرسمي الحالي يمكن أن يكون هناك
دور عربي حقيقي ويكون عندنا أمل، لأنه الآن بشكله الحالي ميؤوس منه".
وأكد أن "ما يحدث
بسوريا سيكون له انعكاسات سلبية على الدول العربية وستمتد آثاره للجميع، والآن حتى
الأردن يذهب لتركيا بعد جفاء، حيث يشعر بأنه مستهدف بحيث يكون وطنا بديلا"،
بحسب قوله.
من ناحيته استبعد
المحلل السياسي السوري ياسر سعد الدين، أي "دور رئيسي للأنظمة العربية في
أزمة سوريا على الأقل في المستقبل المنظور"، مشيرا إلى أن "موازين القوى
على الأرض السورية لم تحسم لأي طرف من الأطراف".
من هو "معراج أورال" الذي طلبت أنقرة من موسكو تسليمه؟