نشر موقع "ماتان24" الفرنسي تقريرا ذكر فيه أن رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، قد شدد من حدة لهجته تجاه الولايات المتحدة الأمريكية منذ أن اعترف الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بالقدس كعاصمة للدولة العبرية.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن المراقبين يتساءلون عن طول المدة التي سيصمد فيها عباس ويواصل على هذا النحو، مع العلم أن "أبو مازن" يجد نفسه في وضع محرج، فإذا أراد مواصلة المفاوضات مع إسرائيل فعليه أن يوقن بأن تل أبيب لن تتفاوض دون الوسيط الأمريكي. علاوة على ذلك، تشير إحصائية إلى أن قرابة 70 بالمائة من الفلسطينيين يأملون في استقالة عباس، البالغ من العمر 82 سنة، والذي يتولى إدارة السلطة الفلسطينية منذ سنة 2005.
وأكد الموقع أنه بعد مضي أيام عن إعلان ترامب عن قراره بشأن القدس، أعرب محمود عباس عن رفضه استقبال نائب الرئيس الأمريكي، مايك بنس، الذي كان من المقرر أن يؤدي زيارة إلى إسرائيل مخطط لها منذ شهر. ويوم الجمعة، حافظ عباس على موقفه تجاه الأمريكيين مشيرا إلى أنه لن يقبل "بأي مقترح" أمريكي للسلام مؤكدا أن "الولايات المتحدة قد استبعدت نفسها عن المفاوضات".
اقرأ أيضا: موقع إسرائيلي: البيت الأبيض يلغي جميع علاقاته مع السلطة
ونوه الموقع بأن هذا الموقف لقي استحسان الفلسطينيين، الذين يرون في مدينة القدس عاصمة مستقبلية للدولة التي يطمحون لإعلانها. وقد تجلى ذلك من خلال نشر إحصائية أجراها المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية، والتي تفيد بأن 86 بالمائة من الفلسطينيين يأملون في قطع العلاقات الدبلوماسية مع واشنطن.
وأشار الموقع إلى أنه، بحسب مراقبين، تعد الولايات المتحدة الدولة الوحيدة التي يمكن أن تؤثر على السياسة الإسرائيلية وعلى حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو. بالإضافة إلى ذلك، لم يتوقف نتنياهو عن توجيه الانتقادات إلى كل من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وذكر الموقع أن عباس، من جهته، تفطن لهذا الأمر، حيث بدأ رحلة البحث عن بديل للولايات المتحدة في سباق التفاوض. لذلك، أرسل أبو مازن مؤخرا مبعوثين إلى روسيا أملا في العودة بدعم من الكرملين. في المقابل، يعي عباس جيدا أن إسرائيل لن ترضى بأن تحل دولة أخرى مكان الولايات المتحدة الأمريكية في المفاوضات، ولن تقبل بأي وسيط آخر.
والجدير بالذكر أن محمود عباس مهدد بأن يجد نفسه بين مطرقة هذه الحقيقة وسندان الرأي العام الفلسطيني، الذي يؤمن بأن التعاون بين الولايات المتحدة وإسرائيل في خصوص التوصل إلى اتفاق سلام لن يفضي إلى حل ملموس.
وأورد الموقع أن المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية قد أجرى استطلاعا للرأي أثبت فيه أن 70 بالمائة من الفلسطينيين يأملون في استقالة محمود عباس. إلى جانب ذلك، اشتد الخناق أكثر على عباس مع مقتل 11 فلسطينيا، سقط تسعة منهم خلال مواجهات مع القوات الإسرائيلية منذ السادس من كانون الأول/ ديسمبر، في حين سقط اثنان آخران في عملية قصف الطيران الإسرائيلي على قطاع غزة.
ومن المحتمل أن يعمل الرئيس الفلسطيني على "توطيد تحالف دولي ضد الموقف الأمريكي ورفض إجراء أية مفاوضات إلى حين توفر وسيط محايد". وبحسب المحلل في منظمة "مجموعة الأزمات الدولية"، أوفر زالزبيرغ، فإن "عباس يرى في هذه الخطوة الخيار الأقل ضررا". من جهة أخرى، لم يخف زالزبيرغ خطورة موقف عباس الذي يمكن أن يكلفه كثيرا خصوصا مع نيته استبعاد واشنطن من لعب دور الوسيط، الأمر الذي من شأنه أن يجعل من مفاوضات السلام أمرا مستحيلا.
اقرأ أيضا: عباس: واشنطن لم تعد وسيطا نزيها ولن نقبل أي خطة تقدمها
ونقل الموقع قول مديرة مركز الأبحاث الفلسطيني "الشبكة"، نادية حجاب، أنه على عباس أن يضحي بتقديم تنازلات تجنبا لأن يقع في أي موقف مهين. وفي هذا الصدد، ذكرت أن "الموقف الأكثر وضوحا يتمثل في إمكانية تراجع الولايات المتحدة عن اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل، ولكنني أستبعد أن يقدم ترامب على هذه الخطوة".
من جهته، صرح الكاتب والمحلل، غرانت روملي، الذي أصدر كتابا عن محمود عباس، أن "المسؤولين الفلسطينيين مقتنعون في جوهرهم بأنهم سيحتاجون لمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية في بعض الأحيان". وفي حال تمتع عباس بدعم دولي فإن ذلك لن يغير شيئا على أرض الواقع.
وفي الختام، أشار غرانت روملي إلى أنه "في حال استمر الفلسطينيون في اتخاذ هذا الموقف المعادي للأمريكيين على المدى القصير، فسيفقدون جزءا هاما من المساعدات الأمريكية السنوية التي تقدر بنحو 400 مليون دولار، أي ما يعادل 337 مليون يورو".
فورين أفيرز: كيف سيؤثر إعلان ترامب الأخير على سياسة عباس؟
التايمز: هل انتقم ترامب من عباس لرفضه خطة دعمها ابن سلمان؟
فايننشال تايمز: لماذا يحرج قرار ترامب الأخير الرياض وأبوظبي؟