نشرت صحيفة "إكسبرت" الروسية تقريرا تحدثت فيه عن إمكانية اندلاع انتفاضة ثالثة في فلسطين بعد الاحتجاجات التي شهدتها مختلف دول العالم العربي على إثر اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن البيان الذي أدلى به ترامب تسبب في أزمة لا يمكن توقع مدى خطورة تداعياتها. فقد أغلقت السلطات الإسرائيلية، في 14 كانون الأول/ ديسمبر جميع المعابر الحدودية مع قطاع غزة، ويعزى ذلك إلى التوتر الحاد في العلاقات مع حركة حماس التي تسيطر على هذه المنطقة الفلسطينية.
وأضافت الصحيفة أن إسرائيل وقطاع غزة تبادلتا ضربات صاروخية، حيث أطلقت حركة حماس دفعات جديدة من الصواريخ مستهدفة الأراضي الإسرائيلية ما أسفر عن إصابة العديد من المواطنين. وبدورها قصفت الطائرات الإسرائيلية العديد من المنشآت في قطاع غزة، فضلا عن اعتقال، حسن يوسف، القيادي في حركة حماس في الضفة الغربية، الذي تحدث عن بداية الانتفاضة الجديدة ردا على قرار ترامب.
كما ساهمت الاشتباكات مع الفلسطينيين في الضفة الغربية، وإلغاء زيارة نائب الرئيس الأمريكي مايكل بنس إلى إسرائيل في تفاقم الأزمة.
وأفادت الصحيفة بأن الدبلوماسيين الأمريكيين في حاجة إلى شرح الوضع للعالم العربي. فمنذ فترة طويلة، اعتبرت تل أبيب عاصمة إسرائيل على الخرائط الجغرافية الأجنبية فقط.
ولطالما كان سفراء الدول التي تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل يحضرون لتقديم أوراق اعتمادهم في القدس، التي تحتضن جميع المؤسسات الإدارية الرئيسية، بما في ذلك المقر الرئاسي والبرلمان الإسرائيلي.
وأشارت الصحيفة إلى أن الصراع العربي الإسرائيلي طويل الأمد، هو صراع في سبيل نيل الأحقية في القدس، الذي أصبح واضحا بحكم القانون.
اقرأ أيضا : إصابات في مواجهات مع الاحتلال في الضفة وغزة (شاهد)
لذلك، يمكن أن يساهم اعتراف الأمريكيين التام بالقدس عاصمة لإسرائيل في تأزم الوضع في المنطقة. وقد بدى ذلك جليا في مؤتمر القمة الإسلامية الاستثنائية التي انعقدت في إسطنبول بتاريخ 13 كانون الأول/ ديسمبر.
وأوردت الصحيفة أنه خلال السنوات الأخيرة الماضية كان الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يعتبر القضية التي تبناها العرب والمسلمون عموما. فقد تنافس مقاتلو ودعاة الاشتراكية العربية من سوريا، والعراق، وليبيا، ومصر مع الممالك العربية على دعم الشعب الفلسطيني في مواجهته مع اليهود.
وفي حين كان الجميع آنذاك مستعدين للقتال من أجل تحرير القدس، اكتفى مجلس جامعة الدول العربية في الوقت الحالي بدعوة واشنطن إلى إعادة التفكير في هذا القرار.
وذكرت الصحيفة أن الزعيم التركي رجب طيب أردوغان، هاجم خلال خطابه قرار ترامب والولايات المتحدة وإسرائيل.
وبهذا يكون أردوغان قد تصدر قائمة الزعماء العرب من خلال تصريحاته، لا سيما بعد أن عبر عن استيائه من الموقف الصامت الذي اتخذه قادة الممالك العربية فيما يتعلق بالقدس.
وبينت الصحيفة أن التصريحات التي أدلى بها القادة الحاضرون في القمة الإسلامية الاستثنائية بإسطنبول كانت جد ضعيفة، كما لم يتم اتخاذ خطوات عملية لمواجهة القرار.
اقرأ أيضا : قراءة سياسية في خطاب حماس في ذكرى انطلاقتها الـ 30
وقد تمخض عن القمة الإسلامية الطارئة الاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة لفلسطين، وهي دعوة لا تتناقض مع قرار ترامب نظرا لتحدثه عن القدس بشكل عام.
وأشارت الصحيفة إلى أن المحافظين الأمريكيين والنخبة المؤيدة لإسرائيل تنتظر هذا القرار التاريخي منذ عقود، إذ تعتبر إسرائيل القوة الإمبريالية للولايات المتحدة، ومنفذ عبور تضمن به تحركها في بحر الأبيض المتوسط. كما تؤمن بعض النخب الأمريكية ببعض المعتقدات القديمة على غرار عودة الشعب المختار إلى الأرض الموعودة.
ومع ذلك، رفض جميع الرؤساء بما في ذلك بيل كلينتون التصريح بمثل هذا القرار خشية من العواقب التي يمكن أن تترتب عن ذلك وتأثيراته على العلاقات الأمريكية العربية.
وأوردت الصحيفة أن ترامب لا يخشى من احتجاجات الزعماء العرب المعادية للولايات المتحدة الأمريكية، حيث يعتقد أن إسرائيل لم تعد المشكل الرئيسي بالنسبة لقادة العالم العربي.
وبغض النظر عن مدى تعطش العرب للانتقام وإعادة مجدهم، ومدى تأثير الرأي العام العربي، لا تشكل إسرائيل تهديدا مباشرا بالنسبة للمملكة العربية السعودية وقطر ومصر.
اقرا أيضا : هنية: هدفنا من الانتفاضة الجديدة إسقاط صفقة القرن (شاهد)
وطيلة عقود، لم تتوان السعودية وحلفاؤها عن مهاجمة إيران في العديد من المناسبات، ولكن انفجار الوضع داخل فلسطين سيعود بالفائدة على النظام الإيراني والراديكاليين السُّنيين، الذين ستنمو سلطتهم في مختلف أرجاء العالم العربي.
وفي الختام، نوهت الصحيفة بأنه لن يتم اتخاذ أي إجراءات عملية ضد قرار ترامب، وسيقتصر الأمر على بعض التصريحات شديدة اللهجة، نظرا لعدم قدرة العالم العربي على السيطرة على الوضع في ظل تفاقم الأزمة، فضلا عن تخبط الشرق الأوسط في العديد من المشاكل التي تغنيه عن شن حرب جديدة.