نشرت صحيفة "البايس" الإسبانية مقال رأي للكاتبة لوث غوميز غارسيا، تحدثت فيه عن قرار ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، الذي سينجر عنه تواتر الاعترافات من قبل نصف دول العالم بشرعية هذا القرار.
وقالت الكاتبة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن قرار ترامب يتماشى مع مصالحه وبرنامجه الانتخابي، في حين أنه لا يعد مفاجئا، حيث يخضع لمبدأ فساد الديمقراطية المتأصل في صلب إدارته.
وفي الوقت الذي سيكون فيه ناخبو ترامب ممتنّين له كثيرا، ستطغى حالة من الخوف والاضطراب على بقية العالم.
وأضافت الكاتبة أن الرئيس الأمريكي ما كان ليتوانى عن وضع بصمته الخاصة في خضم الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
ففي الواقع، لم يخف ترامب مطلقا مدى تعاطفه مع الصهاينة واليهود، الذين كانوا، منذ أواخر القرن التاسع عشر، يتلاعبون بالسياسات والمؤسسات الدولية لإضفاء الشرعية على الاستعمار والتطهير العرقي في صفوف الفلسطينيين، وإنشاء دولة طائفية يهودية في قلب العالم العربي.
وتجدر الإشارة إلى أنه منذ شهر تقريبا، صادفت الذكرى المائة على إعلان وعد بلفور، الرسالة التي أعربت فيها الحكومة البريطانية عن دعمها للمشروع الصهيوني وإقامة كيان لليهود على أراضي فلسطين.
في الأثناء، يبدو أن القوّة العالمية الأمريكية الحالية، ستعيد اليوم كتابة السيناريو غير العادل ذاته، ولكن بصيغة تتلاءم ومتطلبات القرن الحادي والعشرين.
وذلك من خلال قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ما من شأنه أن يدمر تطلعات الفلسطينيين فيما يتعلق بإنشاء دولة خاصة بهم.
اقرا أيضا : مواجهات في الضفة وغزة بعد مظاهرات غضب للقدس (شاهد)
وأكدت الكاتبة أن القدس قد باتت فعليا عاصمة لإسرائيل، نظرا لأن قرار ترامب القاضي بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس سيحظى حتما بتأييد قرابة نصف دول العالم التي ستعترف قطعا بشرعية هذا القرار. في المقابل، لا يمكن لمثل هذه القرارات والتحركات أن تمحو من الذاكرة العالمية أن القدس، تعد قبل كل شيء عاصمة للاحتلال الإسرائيلي والفصل العنصري.
وأفادت الكاتبة أنه، خلال الثماني سنوات الماضية، تمكنت حكومة نتنياهو من تنفيذ برنامجها الرامي إلى الاستعمار التدريجي للضفة الغربية، انطلاقا من تهويد القدس ونزع الهوية العربية منها، وصولا إلى إضفاء الشرعية على التمييز ضد المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل. من جهتهم، عجز الفلسطينيون عن مواجهة هذا المد الاستعماري نظرا لقلة حيلتهم إزاء القوة الإسرائيلية.
والجدير بالذكر أن الانقسام الداخلي في صفوف الفلسطينيين، الذي تجاهله المجتمع الدولي، ليس عذرا كافيا لغض النظر عن محاولة إرساء عملية سلام فعلية.
وبينت الكاتبة أن النهاية الرسمية لاتفاقية أوسلو، فضلا عن حلم إنشاء الدولتين والمصير المجهول للقضية الفلسطينية، يعد من الجوانب التي توقعها المنظر الأدبي الفلسطيني، إدوارد سعيد قبل خمس عشرة سنة، عندما اقترح أن الحل العادل الوحيد يكمن في إنشاء دولة ثنائية القومية، نظرا لأن أي حل آخر لن يتسبب سوى في خلق المزيد من التوتر والعنف، سواء العنف الداخلي، أو الإقليمي أو الدولي.
اقرا أيضا : تظاهرات شعبية حاشدة بأنحاء العالم تندد بقرار ترامب (شاهد)
وفي الختام، أفادت الكاتبة أنه، وفي ظل هذا السيناريو، لا بد من النسج على منوال الفيلسوفة الأمريكية اليهودية المعادية للصهيونية، جوديث بتلر التي تعرضت للاضطهاد بسبب أفكارها، والتي طالبت "باختراع لغة جديدة للتفكير والعمل وإيجاد أرضية حوار مشتركة قائمة على التسامح". في الأثناء، وردا على قرار ترامب، يمكن تنظيم حملة مقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض عقوبات على إسرائيل.