في الذكرى الخمسين لبدء الاستيطان في الأغوار الفلسطينية، اتفق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزعيم حزب العمل الإسرائيلي "آفي جباي"، على زيارة المستوطنين هناك، وتجديد التأكيد أهمية المكان الاستراتيجية لدولة الاحتلال.
ووفق ما جاء في تصريحات نتنياهو ونقلها موقع "مدار نيوز" الفلسطيني، فإن لمنطقة الأغوار أهمية أمنية عليا بالنسبة لإسرائيل، "منطقة الشرق الأوسط منطقة متقلبة وعنيفة، والأغوار هي الحزام الأمني الاستراتيجي لدولة إسرائيل، وبدونها سيصل المد الأصولي لداخل إسرائيل."
وعن الوضع النهائي لمنطقة الأغوار، قال نتنياهو: "لم نبني وجودنا فقط على حد السيف، بل على المحراث أيضا، وعلى العقل والإبداع، قبل 50 عاما كانت منطقة غور الأردن قاحلة وصفراء، وستبقى المنطقة جزء من دولة إسرائيل، وسنستمر في الاستثمار في السياحة والصناعة."
وحول هذه التصريحات، قال المحلل والباحث السياسي عمر عينابوسي، لـ"عربي21": "هذه التصريحات تطبق على الأرض، الاحتلال الإسرائيلي يتعامل مع الأغوار كمنطقه أمنية مطلقه لأهميتها الجغرافية، حيث تعد حلقة الوصل مع الأشقاء العرب، ناهيك عن الأهمية المائية والزراعية والثروات الطبيعية المتعددة التي تحظى بها منطقة الأغوار."
وبرأيه فإن إسرائيل "تضع جميع مخططاتها لإحكام السيطرة، وخلق توازن ديموغرافي، وقد نجحت بجزء كبير منه، وكذلك تثبيت النقاط العسكرية ومحطات الرصد على قمم الجبال الشرقية، ناهيك عن اعتماد وربط المواطن الفلسطيني بتلك المستوطنات عن طريق توفير آلاف فرص العمل."
وتابع عينابوسي، أنه ومنذ الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية عام 1967، كان من ضمن أولوياتها إحكام السيطرة على الأغوار الفلسطينية، وقد بدأت تلك المرحلة بطرد الفلسطينيين من أراضيهم ومصادرتها باعتبارها مناطق عسكريه مغلقه، والسيطرة على المياه ومصادرها عن طريق حرمان الفلسطيني من مياه نهر الأردن، والذي جفف بعد تحويل مساره إلى صحراء النقب عبر خطوط نقل ضخمه، وكذلك حرمان الفلسطيني من استغلال الأراضي المحاذية لنهر الأردن إلى وقتنا الحاضر .
ووفق إحصائية لمؤسسة "بتسيلم" الإسرائيلية، أقيمت في أرجاء غور الأردن وشمال البحر الميت حتى اليوم 39 مستوطنة، تشمل تسع بؤر استيطانية "غير مرخّصة". بلغ عدد سكانها عام 2011 10,738 مستوطنا.
وتعد مستوطنة "مخولا" من أولى المستوطنات في الغور، والتي أنشأت عام 1968م، ثم تلتها عشرات المستوطنات والتي تمتد من عين البيضا شمالا حتى البحر الميت.
وأوضح الباحث عينابوسي أن "معظم هذه المستوطنات زراعية تنتج مختلف الأصناف من الفواكه والخضروات والثروة الحيوانية على حساب المواطن الفلسطيني المحروم من أدنى الخدمات الحياتية بفعل ممارسات جيش الاحتلال الإسرائيلي، وإتباعه سياسة التطهير العرقي اتجاه الأغوار بتهجير وهدم المنشآت الزراعية في المناطق الغورية وحصر المساحات الزراعية عم طريق التحكم بالمياه ومصادرة الأرضي."
فلسطينيا تعد الأغوار "بوابة الدولة الفلسطينية العتيدة المنتظرة، حيث تشكل الرابط الوحيد لها إلى العالم الخارجي عبر المملكة الأردنية الهاشمية"، وفق ما قال عينابوسي.
600 مليون دولار سنويا
بدوره قال مدير مركز أبحاث الأراضي في شمال الضفة الغربية محمود الصيفي: "الأغوار، التي يطلق عليها اسم السفوح الشرقية للضفة الغربية، وتعد سلة خضار فلسطين، لخصوبة أراضيها، وفيها اكبر تجمع مياه جوفية بالمنطقة، وأضحت مؤخرا محط أطماع حكومة الاحتلال، حيث ركزت حكومة نتنياهو الاستيطان على مساحات كبيرة من أراضيها."
اقرأ أيضا: قائد جيش "إسرائيل" في مؤتمر مع قادة جيوش عربية.. من هي؟
وأضاف في حديثه لـ"عربي21"، أن الاحتلال شرع بوقف العمل بالمشاريع التي تنفذ بالأغوار مثل مشروع استصلاح وشق طرق (...) ويتم منع الفلسطينيين من استصلاحها والوصول إليها حتى لو من جانب زراعي."
وأشار الصيفي إلى أن حكومة نتنياهو شرعت باستصلاح أراض على طول نهر الأردن، وتزرع آلاف الدونمات من قبل شركات عملاقة مدعومة من الحكومة، مثل النخيل، وهناك تقديرات منذ عامين، تفيد أن الاحتلال يربح من زراعة النخيل في الأغوار 600 مليون دولار سنويا، وهذا برأيه يفسر توجه نتنياهو للسيطرة على الأغوار بالكامل وحرمان الفلسطينيين من شمال محافظة طوباس حتى جنوب الظاهرية في الخليل من الاستفادة منه.
وفي مقابل ذلك، نوه الصيفي إلى جهود رسمية وأهلية لمواجهة هذه التحديات، وقال: "هنالك مشاريع في المنطقة المصنفة (ج) حيث يتم استصلاح الأراضي وشق طرق زراعية وعمل برك لتجميع مياه الأمطار والعناية بالأراضي المزروعة، كما أن الجهد الرسمي كان مشجعا لمؤسسات المجتمع المدني والأهلية ومنها مركز أبحاث الأراضي والمزارعين للتواجد في أراضيهم إلى جانب الإشراف على عمل طواقم متخصصة لإنجاز رزمة تقارير حقوقية حول واقع الغور للتوجه بها للمحافل الدولية."
بدوره طالب رئيس مجلس المالح والمضارب البدوية عبد الرحيم بشارات، بأن تكون الأغوار على رأس أولويات السلطة الوطنية الفلسطينية، والإسراع في عملية توثيق الانتهاكات الإسرائيلية.
وقال إن سكان الأغوار في المناطق (ج) يعيشون حياة شبه بدوية مع أنهم ليس بدوا لأنه لا يسمح لهم بالبناء أو مواكبة الحياة المعاصرة.
وأكد بشارات لـ"عربي21"، أنه لا يمكن "إقامة دولة فلسطينية بدون الأغوار، والتي تعتبر الامتداد الوحيد مع الدول العربية، كما أنها سلة الغذاء لكل فلسطين."
وحسب مديرية زراعة أريحا، تبلغ المساحة العامة للأغوار 700 ألف دونم، والمساحات الصالحة للزراعة منها 400 ألف دونم، تزرع منها 50 ألف دونم فعليا، والباقي إما مصادر من قبل المستوطنات (40 ألف دونم) أو مغلق عسكريا، حيث أغلقت سلطات الاحتلال مساحة بعرض 3-5 كلم على امتداد نهر الأردن، والباقي مساحات جبلية غير قابلة للزراعة، أما بالنسبة للأراضي المستغلة للزراعة فمعظمها مملوكة لعائلات كبيرة ويفلحها المزارعون بنظام المشاركة.
ما مستقبل المبادرة العربية بعد زيارة ابن سلمان لإسرائيل؟
خبراء: السياسة الخارجية المصرية تحددها المصالح الضيقة
ما هي المخاطر التي تهدد وجود إسرائيل؟