نشرت صحيفة "دير شتاندارد" النمساوية تقريرا؛ سلطت من خلاله الضوء على الاشتباكات التي وقعت في بلدة العوامية
السعودية، والتي جاءت على خلفية هدم حي المسورة الشيعي القديم؛ لتحويله إلى مركز تجاري.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن قوات الأمن السعودية دعت مجموعة من الصحفيين للقيام بجولة في أنحاء حي المسورة المدمر في بلدة العوامية. وأفاد الصحفيون بأن الحي بدا كأنه "بؤرة توتر".
وأكدت الصحيفة أن مشاهد المباني المدمرة انتشرت في معظم وسائل الإعلام السعودية. فقد بدت المشاهد كأنها قادمة من مدينة حلب السورية، حيث تحاصر الأجهزة الأمنية الأهالي وتهاجمهم. ووفقا للرواية السعودية، فإنه بينما كانت الرياض ترغب في إعادة بناء بلدة المسورة وتنميتها، اختبأ عدد من الإرهابيين
الشيعة في زوايا الحي وهاجموا القوات الأمنية، ولكن القوات السعودية تدخلت وتمكنت من هزيمتهم.
وأوضحت الصحيفة أن هناك صورا تتداولها مواقع التواصل الاجتماعي توثق الجنود السعوديين وهم بصدد الدوس على صورة رجل الدين الشيعي، نمر باقر النمر، الذي أعدم في مطلع سنة 2016.
وقالت الصحيفة إن نحو 10 في المئة من الشعب السعودي ينتمون إلى الطائفة الشيعية، ويقطن قسم كبير منهم في مدينة
القطيف الواقعة شرقي السعودية، وهي منطقة غنية بالنفط.
وأشارت الصحيفة إلى أن بلدة العوامية تعتبر معقل الطائفة الشيعية المعارضة، التي شجعتها ثورات الربيع العربي على التحرك تنديدا بالتهميش والتمييز، علما بأن الشيخ نمر النمر ينحدر من هذه البلدة. وفي الوقت الراهن، يواجه 14 شيعيا عقوبة الإعدام بتهمة المشاركة في الاحتجاجات.
وأفادت الصحيفة أن وتيرة الاحتجاجات بلغت ذروتها خلال الربيع الماضي، عندما علم الأهالي بمخطط الحكومة السعودية الرامي إلى هدم حي المسورة وبناء حي تجاري ضخم مكانه. وفي هذا الإطار، أورد خبراء سعوديون أن مسألة تنمية البلدة مجرد تبرير من قبل الحكومة السعودية لإضفاء الشرعية على عملية هدم الحي القديم، الذي يعتبر من مقومات الإرث الثقافي السعودي.
وذكرت الصحيفة أن الحكومة السعودية صرحت أن هناك قرابة 80 عائلة سعودية ستغادر بيوتها مقابل تلقي تعويض عن ذلك. ومن جهة أخرى، طلبت منظمة الأمم المتحدة من الحكومة السعودية في شهر نيسان/ أبريل الماضي التوقف عن عمليات الإخلاء القسري في حق أهالي بلدة المسورة. ولكن في شهر أيار/ مايو الماضي، انطلقت أعمال هدم الحي.
وأوردت الصحيفة أن الأجهزة الأمنية السعودية شنت في شهر تموز/ يوليو الماضي هجمات ضد "الإرهابيين" الشيعة، ما أسفر عن مقتل وجرح عدد منهم. ووفق منظمة هيومن رايتس ووتش، ارتكبت المملكة العربية السعودية عدة تجاوزات في حق الطائفة الشيعية، حيث حاصرت القوات الأمنية عدة مناطق مأهولة بالسكان تقع خارج بلدة المسورة. ونتيجة لذلك، لاذ أغلب أهالي العوامية بالفرار من البلدة.
واعتبرت الصحيفة أن الطائفة الشيعية السعودية تدفع ثمن الخلاف السعودي الإيراني، الذي انطلق عقب اندلاع الثورة الإيرانية سنة 1979، حيث كانت الطائفة الشيعية السعودية متعاطفة مع قائد الثورة الإيرانية، روح الله الخميني. ومنذ ذلك الوقت، حاول القادة السعوديون الشيعة فصل معارضتهم للنظام السعودي عن طهران؛ التي نجحت في استغلال وضع الشيعة في السعودية.
وقالت الصحيفة إن الحكومة السعودية لم تنجح في القضاء على ظاهرة التحريض ضد الشيعة رغم تعدد محاولاتها، وذلك نظرا لأن عداء الشيعة في السعودية يعتبر من مقومات المنهج الوهابي. ولكن، هذا لا ينفي أن السعودية قد برهنت على مدى جدية مساعيها. فقد انتقدت وزارة الثقافة والإعلام السعودية تغريدة للداعية السعودي، علي الربيعي، أكد من خلالها عدم جواز الصلاة على جنازة الممثل الكويتي الشيعي، عبد الحسين عبد الرضا.